الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. ولا تتحقق العدالة فى الراوى إلا إذا اتصف بصفات خمسة: الإسلام- والبلوغ والعقل والسلامة من أسباب الفسق وخوارم المروءة (1) .
وليس المقصود من العدل أن يكون بريئاً من كل ذنب، وإنما المراد أن يكون الغالب عليه التدين، والتحرى فى فعل الطاعات.
وفى ذلك يقول الإمام الشافعى: "لو كان العدل من لا ذنب له لم نجد عدلاً، ولو كان كل مذنب عدلاً لم نجد مجروحاً، ولكن العدل من اجتنب الكبائر وكانت محاسنه أكثر من مساويه"(2) .
ويعبر أبو يوسف عن هذا الاتجاه حين يقول: "من سلم أن تكون منه كبيرة من الكبائر التى أوعد الله تعالى عليها النار، وكانت محاسنه أكثر من مساوئه فهو عدل"(3) .
ونخلص مما سبق فيما يخص عدالة الصحابة رضي الله عنهم "أن المنافقين الذين كشف الله ورسوله - سترهم، ووقف المسلمون على حقيقة أمرهم، والمرتدين الذين ارتدوا فى حياة النبى وبعد وفاته، ولم يتوبوا ويرجعوا إلى الإسلام، وماتوا على ردتهم، هم بمعزل من شرف هذه الصحبة، وبالتالى بمعزل عن أن يكونوا من المرادين بقول جمهور العلماء والأئمة إنهم عدول، وفى تعريف العلماء للصحبة ما ينفى عنها هؤلاء وأولئك.
و
معنى عدالة الصحابة:
"أنهم لا يتعمدون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما اتصفوا به من قوة الإيمان، والتزام التقوى، والمروءة، وسموا الأخلاق والترفع عن سفاسف الأمور.
وليس معنى عدالتهم أنهم معصومون من المعاصى أو من السهو أو الغلط فإن ذلك لم يقل به أحد من أهل العلم.
(1) انظر: فتح المغيث للسخاوى 3/315 - 317، وتوضيح الأفكار للصنعانى 2/114 - 118، ومقاصد الحديث فى القديم والحديث للدكتور التازى 2/65، 66.
(2)
انظر: الروض الباسم فى الذب عن سنة أبى القاسم لابن الوزير اليمانى 1/28.
(3)
نقلاً عن توثيق السنة فى القرن الثانى الهجرى للدكتور رفعت فوزى ص 129.
ومما ينبغى أن يعلم أن الذين قارفوا إثماً ثم حدوا - كان ذلك كفارة لهم، وتابوا وحسنت توبتهم، التى لو وزعت على سبعين من أهل المدينة لوستعهم، وهم فى نفس الوقت قلة نادرة جداً لا ينبغى أن يغلب شأنهم وحالهم على حال الألوف المؤلفة من الصحابة الذين ثبتوا على الجادة والصراط المستقيم، وجانبوا المآثم، والمعاصى ما كبر منها وما صغر، وما ظهر منها وما بطن، والتاريخ الصادق أكبر شاهد على هذا (1) أ. هـ.
ويؤكد ما سبق الإمام الأبيارى (2) بقوله: "وليس المراد بعدالتهم ثبوت العصمة لهم، واستحالة المعصية عليهم، وإنما المراد: قبول روايتهم من غير تكلف بحث عن أسباب العدالة وطلب التزكية، إلا أن يثبت ارتكاب قادح، ولم يثبت ذلك، ولله الحمد، فنحن على استصحاب ما كانوا عليه فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يثبت خلافه، ولا التفات إلى ما يذكره أهل السير، فإنه لا يصح، وما صح فله تأويل صحيح"(3) انتهى.
(1) دفاع عن السنة للدكتور محمد أبو شهبة ص 92، 244 بتقديم وتأخير وانظر: الحديث والمحدثون للدكتور محمد أبو زهر ص 150 وما بعدها، وتدريب الراوى 2/216 هامش.
(2)
الأبيارى هو: على بن إسماعيل بن على بن عطية الأبيارى، نسبه إلى "إبيار" بلدة بمديرية الغربية، وهى بفتح الهمزة وبعدها ياء مثناة من تحت وبعدها ألف، ثم راء مهملة، وبعضهم يصحفها بانبار بنون بعد الهمزة. وهو من العلماء الأعلام، وأئمة الإسلام، فقيه مالكى محدث أصولى. من مؤلفاته "شرح البرهان" لإمام الحرمين فى الفقه مات سنة 618هـ. له ترجمة فى: الديباج المذهب 306 رقم 409، وحسن المحاضرة للسيوطى 1/454، ومعجم المؤلفين 7م37، وشجرة النور الزكية 1/166 رقم 520.
(3)
انظر: فتح المغيث للسخاوى3/96،وفتح الباقى على الفية العراقى للإمام زكريا الأنصارى 3/14، والبحر المحيط للزركشى 4/300، وإرشاد الفحول 1/278، والشفا للقاضى عياض 2/52.