الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السادس: أبو هريرة رضي الله عنه راوية الإسلام رغم أنف الحاقدين
…
لهج أعداء السنة، أعداء الإسلام، قديماً وحديثاً، وشغفوا بالطعن فى أبى هريرة وتشكيك الناس فى إسلامه، وفى صدقه وروايته، وما إلى ذلك أرادوا! وإنما أرادوا أن يصلوا إلى التشكيك فى راوية السنة الأول، وأحفظ من رواها فى دهره، فأبو هريرة رضي الله عنه على رأس السبعة المكثرين من الرواية الذين عناهم من أنشد:
سبع من الصحب فوق الألف قد نقلوا ***
…
من الحديث عن المختار خير مضر
أبو هريرة، سعد، جابر، أنس
…
*** صديقة، وابن عباس، كذا ابن عمر
فأبو هريرة هو أكثرهم حديثاً فقد روى (5374) حديثاً، ثم عبد الله بن عمر روى (2630) حديثاً، ثم أنس بن مالك روى (2286) حديثاً، ثم عائشة أم المؤمنين روت (2210) حديثاً، ثم ابن عباس روى (1660) حديثاً، ثم جابر بن عبد الله روى (1540) حديثاً، ثم أبو سعيد الخدرى (سعد بن مالك) روى (1170) حديثاً (1) .
وما اتهم به أبو هريرة رضي الله عنه، من أكاذيب وافتراءات من قبل أرباب الأهواء قديماً وحديثاً، سندهم فيه إما روايات مكذوبة أو ضعيفة، وإما روايات صحيحة لم يفهموها على وجهها، بل تأولوها تأويلاً باطلاً يتفق وأهواءهم.
(1) انظر: تدريب الراوى2/216-218،وفتح المغيث للسخاوى3/97،وشذرات الذهب1/63.
وقد تصدى للرد على تلك الطعون رهط من علماء الإسلام. على رأسهم أبى هريرة نفسه، وصدق على دفاعه - على ما سيأتى - كبار الصحابة، والتابعين، فمن بعدهم من أئمة المسلمين، منهم الحاكم فى المستدرك، وابن عساكر فى تاريخه، وابن كثير فى البداية والنهاية، وابن قتيبة فى تأويل مختلف الحديث، وعبد المنعم صالح العلى فى كتابه دفاع عن أبى هريرة، والدكتور محمد السماحى فى كتابيه "أبو هريرة فى الميزان"، والمنهج الحديث فى علوم الحديث، والدكتور السباعى فى كتابه "السنة ومكانتها فى التشريع، والدكتور عجاج الخطيب فى كتابيه السنة قبل التدوين، وأبو هريرة راوية الإسلام، والشيخ عبد الرحمن المعلمى فى كتابه (الأنوار الكاشفة) ، والدكتور أبو زهو فى الحديث والمحدثون، والدكتور أبو شهبة فى دفاع عن السنة، والدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف فى كتابه "المختصر فى علم رجال الأثر" وفى مقدمة كتاب الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمى وغيرهم.
ونكتفى هنا بترجمة للصحابى الجليل نتعرف بها على مكانته فى الإسلام، وبراءته مما نسب إليه من أكاذيب. وذلك بعد أن نتعرف على أصناف الطاعنين فيه، والذين ذكرهم الإمام ابن خزيمة (1) بقوله: "إنما يتكلم فى أبى هريرة لدفع أخباره من قد أعمى الله قلوبهم فلا يفهمون معانى الأخبار.
(1) ابن خزيمة هو: الحافظ الكبير، أبو بكر، محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة النيسابورى، انتهت إليه الإمامة، والحفظ فى عصره بخرسان، قال فيه ابن حبان: ما رأيت على وجه الأرض من يحسن صناعة السنن، ويحفظ ألفاظها الصحاح وزيادتها حتى كأن السنن نصب عينيه إلا ابن خزيمة قط.ومصنفاته: تزيد على مائة وأربعين كتاباً، منها صحيحة فى السنن، مات سنة 311هـ. له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ 2/720 رقم 734، والبداية والنهاية 11/149، والوافى بالوفيات للصفدى2/196،وشذرات الذهب2/262،وطبقات الشافعية للسبكى2/109.
1-
إما معطل جهمى يسمع أخباره التى يرونها خلاف مذهبهم الذى هو كفر، فيشتمون أبا هريرة، ويرمونه بما الله تعالى قد نزهه عنه، تمويهاً على الرعاء، والسفل أن أخباره لا تثبت بها الحجة.
2-
وإما خارجى يرى السيف على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يرى طاعة خليفة ولا إمام، إذا سمع أخبار أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم خلاف مذهبهم الذى هو ضلال لم يجد حيلة فى دفع أخباره بحجة وبرهان، كان مفزعة الوقيعة فى أبى هريرة.
3-
أو قدرى اعتزل الإسلام وأهله، وكفر أهل الإسلام الذين يتبعون الأقدار الماضية التى قدرها الله تعالى، وقضاها قبل كسب العباد لها، إذا نظر إلى أخبار أبى هريرة التى قد رواها عن النبى صلى الله عليه وسلم فى إثبات القدر لم يجد حجة يؤيد صحة مقالته التى هى كفر وشرك، كانت حجته عند نفسه أن أخبار أبى هريرة، لا يجوز الاحتجاج بها.
4-
أو جاهل يتعاطى الفقه، ويطلبه من غير مظانة، إذا سمع أخبار أبى هريرة فيما يخالف مذهب من قد اجتبى مذهبه، وأخباره تقليداً بلا حجة ولا برهان، تكلم فى أبى هريرة، ودفع أخباره التى تخالف مذهبه، ويحتج بأخباره على مخالفته إذا كانت أخباره موافقة لمذهبه، وقد أنكر بعض هذه الفرق على أبى هريرة أخباراً لم يفهموا معناها" (1) .
قلت: والله إن من يتكلم فى أبى هريرة فى عصرنا لا يخرج فى عقيدته، ومذهبه عما ذكرهم الإمام ابن خزيمة - رحمه الله تعالى -.
(1) مستدرك الحاكم 3/587.