المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جهود حملة الإسلام من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة المسلمين - كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها

[عماد السيد محمد إسماعيل الشربينى]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء

- ‌تقديم

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌ عدة أهداف منها:

- ‌خطة البحث:

- ‌منهجى فى البحث:

- ‌تمهيد وفيه خمسة مباحث:

- ‌المبحث الأول:كلمة فى الاصطلاح

- ‌معرفة الفوارق بين المعانى اللغوية والمعانى الاصطلاحية

- ‌المبحث الثانى: التعريف بالسنة فى مصطلح علمائها

- ‌المطلب الأول: التعريف "بالسنة" و"الحديث" فى اللغة

- ‌التعريف بالحديث لغة:

- ‌المطلب الثانى:التعريف "بالسنة" و"الحديث" فى الاصطلاح

- ‌السنة وعمل الصحابة:

- ‌المطلب الثالث:شبهة حول التسمية والرد عليها

- ‌المبحث الثالث:الحديث النبوي بالسند المتصل

- ‌المبحث الرابع:الحديث النبوى تاريخ الإسلام

- ‌المبحث الخامس:دراسة الحديث ضرورة لازمة لطالب العلم

- ‌الباب الأول‌‌ التعريف بأعداء السنة النبوية

- ‌ التعريف بأعداء السنة النبوية

- ‌ التعريف بأعداء: لغة

- ‌التعريف بالأعداء شرعاً:

- ‌الفصل الأول: أعداء السنة من أهل الأهواء والبدع قديماً

- ‌تمهيد وفيه بيان المراد بأعداء السنة من أهل الأهواء والبدع:

- ‌المبحث الأول: أهمية دراسة الفرق فى التأريخ للسنة المطهرة

- ‌المبحث الثانى: التعريف بالخوارج وموقفهم من السنة المطهرة

- ‌مصادر الخوارج فى العقائد والأحكام:

- ‌عقيدة الخوارج فى الصحابة رضي الله عنهم وأثر ذلك على السنة المطهرة:

- ‌هل كان الخوارج يكذبون فى الحديث

- ‌المبحث الثالث: التعريف بالشيعة وموقفهم من السنة النبوية

- ‌موقف الشيعة من الصحابة والأمة الإسلامية:

- ‌أولاً: موقف الشيعة من الصحابة:

- ‌ثانياً: موقف الشيعة من الأمة الإسلامية:

- ‌أثر موقف الشيعة الرافضة من الصحابة على الإسلام (قرآناً وسنة) :

- ‌أولاً: أثر موقف الشيعة من الصحابة على القرآن الكريم:

- ‌ثانياً: أثر موقف الشيعة من الصحابة على السنة النبوية:

- ‌أساليب الشيعة فى العبث بالسنة المطهرة:

- ‌المبحث الرابع: التعريف بالمعتزلة وموقفهم من السنة النبوية

- ‌موقف المعتزلة من السنة المطهرة:

- ‌موقفهم من الخبر المتواتر:

- ‌موقف المعتزلة من الصحابة وأثر ذلك على السنة النبوية:

- ‌المبحث الخامس: من الفرق إلى السنة الجامعة

- ‌الفصل الثاني:أعداء السنة النبوية من المستشرقين

- ‌المبحث الأول: التعريف بالاستشراق لغة واصطلاحاً

- ‌المبحث الثانى:منهج المستشرقين فى دراسة الإسلام

- ‌المبحث الثالث: المستشرقون وموقفهم من السنة النبوية

- ‌المبحث الرابع: موقفنا من الحركة الاستشراقية والمستشرقين

- ‌الفصل الثالث: أعداء السنة النبوية من أهل الأهواء والبدع حديثاً

- ‌المبحث الأول: التعريف بأعداء السنة من أهل الأهواء والبدع حديثاً وبيان خطرهم

- ‌المبحث الثانى: موقف أهل الأهواء والبدع حديثاً من السنة النبوية

- ‌المطلب الأول: العلمانيون وموقفهم من السنة النبوية

- ‌المطلب الثانى: البهائيون وموقفهم من السنة النبوية

- ‌المطلب الثالث: القاديانيون وموقفهم من السنة النبوية

- ‌الفصل الرابع:أهداف أعداء الإسلام قديماً وحديثاً

- ‌الباب الثانى: وسائل أعداء السنة قديماً وحديثاً فى الكيد

- ‌ تمهيد

- ‌الفصل الأول:شبهات حول حجية السنة النبوية الشريفة

- ‌المبحث الأول:شبهات بنيت على آيات من القرآن الكريم

- ‌المطلب الأول:شبهة الاكتفاء بالقرآن الكريم وعدم الحاجة إلى السنة النبوية

- ‌المطلب الثانى:شبهة أن السنة لو كانت حجة لتكفل الله بحفظها والرد عليها

- ‌المبحث الثاني: شبهات بُنْيَت على أحاديث من السنة النبوية

- ‌ تمهيد

- ‌المطلب الأول: شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها

- ‌المطلب الثاني: شبهة عرض السنة النبوية على العقل والرد عليها

- ‌المطلب الثالث:وفيه الشبه الآتية:

- ‌أولاً: شبهة النهى عن كتابة السنة المطهرة

- ‌ثانيًا: الآثار الموقوفة والمقطوعة:

- ‌ذهب إلى النهى عن كتابة السنة النبوية جمع من الصحابة والتابعين

- ‌درجة الأحاديث الواردة في النهى عن كتابة السنة:

- ‌الجواب عن زعم أعداء السنة بأن النهى عن كتابة السنة يدل على عدم حجيتها:

- ‌علة النهى عن كتابة السنة كما وردت فى الأحاديث والآثار

- ‌علة النهى عن كتابة السنة عند أعدائها والرد على مزاعمهم الآتية

- ‌استعراض شبه النهى عن كتابة السنة عند أعدائها والرد عليها

- ‌استعراض شبهة أن النهى عن الإكثار من التحديث دليل على أن الصحابة

- ‌الصحابة رضي الله عنهم والنهى عن كثرة التحديث:

- ‌الجواب عن شبهة نهى الصحابة عن الإكثار من الرواية

- ‌الجواب عن شبهة: "النهى عن الإكثار من التحديث اتهام من أبى بكر وعمر

- ‌ثانياً: شبهة التأخر فى تدوين السنة النبوية والرد عليها

- ‌استعراض الشبهة وأصحابها:

- ‌الجواب عن شبهة التأخر فى تدوين السنة النبوية:

- ‌الكتابة، والتدوين، والتصنيف فى اللغة:

- ‌نماذج من أشهر ما كتب من السنة النبوية فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌نقد قاعدة شاخت:

- ‌الجواب على ما يزعمه بعض غلاة الشيعة بأن لهم فضل السبق فى التدوين:

- ‌الجواب على ما يزعمه بعض الرافضة

- ‌ثالثاً: شبهة رواية الحديث بالمعنى والرد عليها

- ‌الاحتجاج بالسنة والاستشهاد بها فى قواعد النحو واللغة:

- ‌رابعاً: شبهة أن الوضع وكثرة الوضاعين للحديث أضعفت الثقة بالسنة النبوية

- ‌استعراض الشبهة وأصحابها:

- ‌الجواب على شبهة أن الوضع وكثرة الوضاعين للسنة أضعفت الثقة بالسنة الشريفة

- ‌التعريف بالحديث الموضوع لغة واصطلاحاً:

- ‌نماذج من جراءة الصحابة فى حفظ الشريعة:

- ‌الرد على زعم أعداء السنة المطهرة بأن لفظه "متعمداً" فى حديث "من كذب علىّ" مختلفة:

- ‌جهود حملة الإسلام من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة المسلمين

- ‌شبهة أن حملة الإسلام من الصحابة والتابعين فمن بعدهم كانوا جنوداً للسلاطين

- ‌أولاً: الجواب عن الطعن فى صحة إسلام سيدنا معاوية رضي الله عنه

- ‌ثانياً: الجواب عن اتهام رواه السنة بأنهم كانوا كذابين وفقهاء سلطة:

- ‌ أمثلة على نزاهتهم فى حكمهم على الرجال:

- ‌صلة علماء المسلمين بالملوك والأمراء:

- ‌ثالثاً: الجواب عن اتهام الملوك والأمراء الأمويين العباسيين، فى دينهم

- ‌رابعاً: الجواب عن طعن أعداء السنة فى أحاديث طاعة أولى الأمر

- ‌المبحث الثالث: أدلة حجية السنة النبوية المطهرة

- ‌المطلب الأول: العصمة

- ‌دلالة العصمة على حجية القرآن والسنة:

- ‌ الوحى قسمان:

- ‌السنة النبوية وحى من الله تعالى:

- ‌اجتهاد النبى صلى الله عليه وسلم فى الشريعة الإسلامية كله وحى

- ‌نقض دليل تقسيم السنة النبوية إلى سنة تشريعية وغير تشريعية

- ‌المطلب الثانى: من أدلة حجية السنة المطهرة القرآن الكريم

- ‌المطلب الثالث: من أدلة حجية السنة، السنة النبوية نفسها

- ‌المطلب الرابع: من أدلة حجية السنة النبوية الشريفة الإجماع

- ‌أعداء الإسلام وطعنهم فى حجية الإجماع الدال على حجية السنة والرد عليهم

- ‌المطلب الخامس: من أدلة حجية السنة المطهرة العقل والنظر

- ‌ماذا لو اكتفينا بالإستناد إلى القرآن وحده، ولم نعبأ بالسنة المطهرة

- ‌نماذج من المسائل العجيبة التى استنبطها أعداء السنة من القرآن الكريم

- ‌كلمة أخيرة فى بدائل السنة عند أعدائها

- ‌يا أهل الكتاب، ويا أهل الهوى، تعالوا لننظر ماذا يوجد فى الحديث

- ‌كلمة أخيرة للمنكرين للسنة النبوية

- ‌علاقة القرآن الكريم بالسنة الشريفة:

- ‌أولاً: تأكيد السنة للقرآن الكريم:

- ‌ثانياً: بيان السنة لما جاء فى القرآن الكريم

- ‌1 - تفصيل المجمل

- ‌2- تقييد المطلق

- ‌3- تخصيص العام

- ‌4- توضيح المشكل

- ‌أنواع بيان السنة للقرآن الكريم تسمى نسخاً عند السلف الصالح

- ‌إنكار أعداء الإسلام للنسخ لأنه بيان للسنة وهم يجحدونه

- ‌ النسخ جائز عقلاً، واقع شرعاً، من غير فرق بين كونه فى الكتاب أو السنة

- ‌أهمية علم الناسخ والمنسوخ فى الشريعة الإسلامية

- ‌بيان رتبة السنة النبوية من القرآن الكريم

- ‌بيان أن الخلاف فى المسألة لفظى

- ‌استقلال السنة بتشريع الأحكام

- ‌بيان أن الخلاف لفظى مع فريق وحقيقى مع آخر:

- ‌الإمام الشاطبى ومن أساء فهمه من علماء المسلمين

- ‌تمسح دعاة الفتنة وأدعياء العلم بإيمانهم بالسنة البيانية

- ‌نماذج من الأحاديث التى استقلت السنة النبوية بتشريعها

- ‌ماذا قال الإمام الشاطبى فى الأحكامالتى استقلت السنة بتأسيسها

- ‌مضار إنكار السنة النبوية

- ‌حكم منكر السنة النبوية

- ‌الفصل الثانى: وسيلتهم فى التشكيك فى حجية خبر الآحاد

- ‌ تمهيد

- ‌المبحث الأول: التعريف بالمتواتر، وبيان كثرة وجوده

- ‌أولاً: التعريف بالمتواتر لغة واصطلاحاً:

- ‌ثانياً: اختلاف العلماء فى وجود المتواتر:

- ‌ثالثاً: ما يفيد المتواتر من العلم:

- ‌رابعاً: حكم العمل بالحديث المتواتر:

- ‌خامساً: حكم منكر المتواتر:

- ‌المبحث الثانى التعريف بالآحاد وبيان درجة ما يفيده من العلم

- ‌أولاً: التعريف بالآحاد لغة واصطلاحاً:

- ‌ما يفيده خبر الآحاد من العلم عند الجمهور

- ‌ثانياً: حجية خبر الواحد ووجوب العمل به:

- ‌المبحث الثالث: منكروا حجية خبر الواحد قديماً وحديثاً

- ‌تمهيد:

- ‌استعراض شبه منكرى حجية خبر الواحد قديماً وحديثاً والرد عليها

- ‌الرد على شبه منكرى حجية خبر الآحاد

- ‌التعريف بالظن لغة واصطلاحاً:

- ‌أدلة حجية خبر الآحاد

- ‌1- المسلك الأول:

- ‌2- المسلك الثانى:

- ‌المبحث الرابع شروط حجية خبر الواحد ووجوب العمل به

- ‌شروط حجية خبر الواحد عند المحدثين:

- ‌شروط المعتزلة لصحة خبر الواحد:

- ‌الجواب: عن الشروط السابقة ومن قال بها قديماً وحديثاً

- ‌أولاً: ما اشترطوه من العدد لصحة قبول خبر الآحاد:

- ‌ثانياً: ما اشترطوه لصحة قبول خبر الواحد:

- ‌ثالثاً: ما زعموه أن زيادة خبر الواحد على النص القرآنى تعد نسخاً:

- ‌رابعاً: أما ما اشترطوه فى صحة خبر الواحد بألا يكون فى الحدود:

- ‌خامساً: ما اشترطوه بألا يكون خبر الواحد فى العقيدة

- ‌سادساً: أما شرطهم لصحة قبول خبر الواحد بألا يثبت به حكم شرعى من فرض أو تحريم

- ‌سابعاً: ما ذهب إليه البعض من إسقاط الشرعية من خبر الآحاد فى المجال الدستورى والسياسى:

- ‌واشترطوا عرضه على التوراة والإنجيل

- ‌ حديث "النيل وسيحان وجيحان والفرات من أنهار الجنة

- ‌الفصل الثالث: وسيلتهم فى الطعن فى رواة السنة المطهرة

- ‌المبحث الأول: طعنهم فى عدالة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ تمهيد

- ‌أولاً: هدف أعداء الإسلام من طعنهم فى صحابة رسول الله

- ‌ثانياً: حكم أئمة المسلمين فيمن ينتقص صحابة رسول الله

- ‌المطلب الأول: التعريف بالصحابة لغة واصطلاحاً

- ‌ الصحابة فى اللغة:

- ‌الصحابة فى الاصطلاح:

- ‌السر فى التعميم فى تعريف الصحابى:

- ‌طريق معرفة الصحبة:

- ‌المطلب الثانى: التعريف بالعدالة لغة واصطلاحاً

- ‌معنى عدالة الصحابة:

- ‌المطلب الثالث أدلة عدالة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌أولاً: دلالة القرآن الكريم على عدالة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ثانياً: دلالة السنة المطهرة على عدالة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ثالثاً: دلالة إجماع الأمة على عدالة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الرابع شبهات حول عدالة الصحابة والرد عليها

- ‌الجواب عن الشبهات السابقة حول عدالة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌أولاً: قصة انفضاض أكثر الصحابة عن رسول الله

- ‌ثانياً: أما نسبة النفاق إلى خيار هذه الأمة بدعوى أنه كان فى المدينة منافقين

- ‌ثالثاً: أما ما استدلوا به من فرار بعض الصحابة يوم الزحف

- ‌رابعاً: أما استدلالهم بحديث الحوض

- ‌خامساً: أما ما احتجوا به من حديث "لا ترجعوا بعدى كفاراً

- ‌المطلب الخامس: سنة الصحابة رضي الله عنهم حجة شرعية

- ‌المطلب السادس: أبو هريرة رضي الله عنه راوية الإسلام رغم أنف الحاقدين

- ‌أبو هريرة رضي الله عنه إسلامه وصحبته:

- ‌خلقه وتقواه:

- ‌قوة ذاكرته وروايته:

- ‌أسباب كثرة مروياته:

- ‌شهادة الرسول والصحابة ومن بعدهم من أهل العلم بقوة حفظه

- ‌المبحث الثانى طعنهم فى عدالة أهل السنة

- ‌التمهيد

- ‌المطلب الأول: بيان المراد بأهل السنة

- ‌المطلب الثانى: سلامة طريقة أهل السنة فى فهم الشريعة الإسلامية

- ‌المطلب الثالث شرف أصحاب الحديث

- ‌المطلب الرابع: الجواب عن دعوى تقصير المحدثين فى نقدهم للمتن

- ‌الفصل الرابع: وسيلتهم فى الطعن فى الإسناد وعلوم الحديث

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: شبه الطاعنين فى الإسناد والرد عليها

- ‌ويجاب على هذه الشبه بما يلى:

- ‌المبحث الثانى: أهمية الإسناد فى الدين واختصاص الأمة الإسلامية به عن سائر الأمم

- ‌الفصل الخامس: وسيلتهم فى الطعن والتشكيك فى كتب السنة المطهرة

- ‌المبحث الأول: أساليب أعداء السنة فى الطعن فى المصادر الحديثية

- ‌المبحث الثانى: الجواب عن زعم أعداء السنة أن استدراكات الأئمة على الصحيحين دليل على عدم صحتهما

- ‌الجواب عمن تكلم فيه من رجال الصحيحين:

- ‌الفصل السادس وسيلتهم فى الاعتماد على مصادر غير معتبرة فى التأريخ للسنة ورواتها

- ‌ النوع الأول مصادرهم الغير معتبرة فتتنوع إلى ما يلى:

- ‌ المصادر التى اعتمد عليها الصنم الأكبر للمستشرقين "جولدتسيهر

- ‌ مصادر محمود أبو ريه فى كتابه "أضواء على السنة

- ‌ النوع الثانى من مصادر أعداء السنة فمصادر معتبرة

- ‌ النوع الثالث من مصادر أعداء السنة فمصادر معتبرة غير حديثية

- ‌الباب الثالث: نماذج من الأحاديث الصحيحة المطعون فيها

- ‌التمهيد

- ‌أ- طبيعة نقد الأحاديث الصحيحة عند أعدائها:

- ‌ب- طبيعة الأحاديث الصحيحة المطعون فيها:

- ‌الفصل الأول: حديث "إنما الأعمال بالنيات

- ‌المبحث الأول: شبه الطاعنين فى حديث "إنما الأعمال بالنيات" والرد عليها

- ‌المبحث الثانى: مكانة حديث "إنما الأعمال بالنيات

- ‌الفصل الثانى: حديث "أنزل القرآن على سبعة أحرف

- ‌المبحث الأول: شبه الطاعنين فى حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف

- ‌قراءات ربانية:

- ‌المبحث الثانى: معنى نزول القرآن على سبعة أحرف

- ‌المبحث الثالث: الأحرف السبعة أعم من القراءات السبع

- ‌المبحث الرابع: بقاء الأحرف السبعة فى المصاحف

- ‌الفصل الثالث: أحاديث (رؤية الله عز وجل و (محاجة آدم موسى

- ‌المبحث الأول: موقف أهل البدع قديماً وحديثاً من أحاديث الصفات

- ‌موقف المعتزلة من آيات الصفات:

- ‌حكم المعتزلة على من خالفهم فى أصلهم التوحيد:

- ‌موقف السلف الصالح من أحاديث الصفات والرد على أهل البدع قديماً وحديثاً:

- ‌لمبحث الثانى: شبه الطاعنين فى حديث رؤية الله تعالى

- ‌الجواب عن شبهات المعتزلة ومن قال بقولهم فى إنكار رؤية رب العزة جل جلاله

- ‌المبحث الثالث: موقف أهل البدع قديماً وحديثاً من أحاديث القدر

- ‌وجوب الإيمان بقدر الله تعالى والجواب عن شبه المعتزلة

- ‌المبحث الرابع: شبه الطاعنين فى حديث محاجة آدم موسى عليهما السلام

- ‌المبحث الخامس: موقف المبتدعة قديماً وحديثاً من أحاديث المغفرة لمرتكب الكبيرة

- ‌المبحث السادس: شبه الطاعنين فى حديث الشفاعة والرد عليهم

- ‌ويجاب عن شبههم بما يلى:

- ‌الفصل الرابع: أحاديث ظهور "المهدى" وخروج "الدجال

- ‌المبحث الأول: شبهة الطاعنين فى أحاديث الأمور الغيبية "المستقبلية" و"الأخروية

- ‌الجواب على شبهتهم

- ‌المبحث الثانى: شبهات المنكرين "لظهور المهدى" و "خروج الدجال

- ‌أولاً: "ظهور المهدى

- ‌ثانياً: خروج الدجال:

- ‌ثالثاً: نزول المسيح عيسى عليه السلام

- ‌ويجاب على الشبهات السابقة بما يلى:

- ‌الفصل الخامس: حديث "عذاب القبر ونعيمه

- ‌المبحث الأول: شبهة الطاعنين فى أحاديث الأمور الغيبية "الأخروية

- ‌المبحث الثانى: شبهات المنكرين لعذاب القبر ونعيمه والرد عليها

- ‌الفصل السادس: أحاديث "خلوة النبى صلى الله عليه وسلم بامرأة من الأنصار

- ‌المبحث الأول: شبهة مخالفة سيرة النبى صلى الله عليه وسلم فى السنة المطهرة، عن سيرته فى القرآن الكريم

- ‌المبحث الثانى: شبهة الطاعنين فى حديث أنس بن مالك فى خلوة النبى صلى الله عليه وسلم بامرأة من الأنصار

- ‌الجواب:

- ‌المبحث الثالث: شبهة الطاعنين فى حديثى نوم النبى صلى الله عليه وسلم عند أم سليم، وأم حرام

- ‌الجواب:

- ‌المبحث الرابع: شبه الطاعنين فى حديث سحر النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌الجواب على الشبه السابقة

- ‌الفصل السابع:حديث رضاعة الكبير

- ‌شبهات الطاعنين فيه والرد عليها

- ‌الفصل الثامن: حديث "وقوع الذباب فى الإناء

- ‌المبحث الأول: شبه الطاعنين فى أحاديث الطب النبوى والرد عليها

- ‌ الدفاع عن أحاديث "الطب النبوى

- ‌المبحث الثانى: شبه الطاعنين فى حديث "وقوع الذباب فى الإناء

- ‌ جوابنا فى ذلك

- ‌ ملخص شبه هؤلاء المحدَّثين حول هذا الحديث، والتى رددها أعداء السنة

- ‌ويجاب على هذه الشبه

- ‌أولاً: لم ينفرد البخارى-رحمه الله-بإخراج هذا الحديث

- ‌ثانياً: وكون الحديث آحاداً ومن أجل ذلك سهل رده، قول مردود

- ‌ثالثاً: والقول بأن العلم يثبت بطلانه لأنه قطع بمضار الذباب، قول من جهل معنى الحديث

- ‌رابعاً: الزعم بأن موضوعه ليس من عقائد الإسلام ولا من عباداته

- ‌خامساً: أما القول بأن تصحيح الحديث من المطاعن التى تنفر عن الإسلام

- ‌سادساً: أما القول بأن البحث فى الحديث عقيم

- ‌الفصل التاسع: ثمرات ونتائج الحديث الصحيح

- ‌الفصل العاشر: "مضار رد الأحاديث النبوية الصحيحة

- ‌الخاتمة

- ‌ وأوصى بما يلى:

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌أولاً: التفسير وعلومه:

- ‌ثانياً: الحديث النبوى وعلومه:

- ‌ثالثاً: الفقه وأصوله:

- ‌رابعاً: التوحيد والفرق والمذاهب:

- ‌خامساً: التاريخ والتراجم:

- ‌سادساً: المعاجم، والموسوعات، والتعريفات:

- ‌سابعاً: الدفاع عن السنة ورواتها:

- ‌ثامناً: مراجع عامة:

- ‌تاسعاً: الدوريات:

الفصل: ‌جهود حملة الإسلام من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة المسلمين

.. يقول الشيخ المعلمى اليمانى: "ولا يتوهمن أحد أن كلمة "متعمداً" تخرج من حدث جازماً وهو شاك، كلا فإن هذا متعمد بالإجماع، ولا نعلم أحداً من الناس حتى من أهل الجهل والضلالة زعم أن كلمة "متعمداً" تخرج هذا، وإنما وجد من أهل الجهل والضلال من تشبث بكلمة "علىَّ" فقال: نحن نكذب له لا عليه. فلو شكك محمود أبو ريه، ومن قال بقوله، فى كلمة "علىَّ" لكان أقرب (1) .

‌جهود حملة الإسلام من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة المسلمين

فى مقاومة حركة الوضع فى السنة النبوية

(1) الأنوار الكاشفة ص 72، وانظر: مزيد من الرد على أكاذيب محمود أبو ريه حول هذا الحديث فى الأنوار الكاشفة، مع دفاع عن السنة للدكتور محمد أبو شبهة.

ص: 470

.. للوضع فى الحديث أسبابه التى فصلها علماء المسلمين قديماً وحديثاً (1) ، والذى يهمنا هنا هو بيان جهود حملة الإسلام، ورواة السنة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم فى مقاومة تلك الأسباب وأصحابها (2) ، وبيان زيف أعداء السنة بأن الفتن التى وقعت بين المسلمين كانت ضرراً كبيراً على السنة حتى اختلط الموضوع بالصحيح منها، وأصبحت غير مميزة مما يضعف الثقة بحجية السنة، وكذلك بيان إفكهم بأن الكذابين، والجهلة، والفسقة من الوضاعين، كانوا من علماء المسلمين الأثبات، وأن الملوك والأمراء استغلوهم فى وضع ما يوافق رغباتهم ويثبت ملكهم.

بادئ ذى بدء نحب أن نقرر أنه إذا كانت الفتن التى وقعت بين المسلمين والتى بدأت بمقتل سيدنا عمر رضي الله عنه واشتدت بمقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه وتوالت بفتنة على ومعاوية -رضى الله عنهما - إذا كانت تلك الفتن ذات أثر سلبى على السنة النبوية، فإنها كانت فى الوقت نفسه سبباً فى بناء أقوى الطرق العلمية للنقد والتمحيص، ليس فى الحديث فقط بل فى سائر العلوم الإسلامية.

(1) انظر: الموضوعات لابن الجوزى 1/37 - 47، وتنزيه الشريعة لابن عراق 1/11 – 17، وفتح المغيث للسخاوى 1/278–286،وتدريب الراوى 1/281، والسنة ومكانتها للدكتور السباعى ص 79 – 89، والوضع فى الحديث للدكتور عمر بن حسن فلاته. مخطوط بكلية أصول الدين بالقاهرة رقم 901، وانظر: مقارنة بين أسباب الوضع فى الحديث، وأسباب الوضع فى العهد الجديد، فى منهجية جمع السنة وجمع الأناجيل للدكتورة عزية على طه ص 493 – 495.

(2)

تلك الجهود التى يتجاهلها أعداء السنة عندما يتحدثون عن الوضع فى السنة على الرغم من أن ما يستشهدون به على الوضع فى السنة من أسبابه وأصنافه، الفضل فى التعريف بذلك إنما هو لأهل الحديث.

ص: 471

يقول الدكتور همام سعيد: "مما لا شك فيه أن فتناً كثيرة وقعت فى عصر الصحابة أولها مقتل عمر رضي الله عنه، ثم مقتل عثمان رضي الله عنه، ثم الفتنة الكبرى بين على ومعاوية - رضى الله عنهما - ولقد استهدفت هذه الفتن الإسلام فى أصوله وفروعه، وأراد موقدوها أن يفسدوا على المسلمين أمور دينهم، ومما لا ريب فيه أن الفتنة ذات أثر سلبى، ولكنها فى الوقت نفسه كانت سبباً فى بناء المنهج الإسلامى، ليس فقط فى الحديث وحده، بل فى العقيدة والفقه، وأصوله. وفى الحقيقة إذا كان المسلمون قد أضاعوا دولتهم من خلال الفتنة، فقد وجدوا المنهج من خلال الفتنة وأثر الفتنة فى بناء المنهج أمر لابد أن نلتفت إليه، وما ظهر الجرح والتعديل، وطلب الإسناد وسائر علوم الحديث إلا من خلال وجود الفتنة، تماماً كما ظهر علم النحو من خلال وجود اللحن فى اللغة (1) .

ولعل بروز الفتنة فى ذلك العصر المبكر، والصحابة متوافرون كان فى غاية الفائدة بالنسبة للسنة النبوية. وكم ستكون المشكلة كبيرة لو أن هذه الفتن وقعت بعد انتهاء عصر الصحابة رضي الله عنهم.

(1) انظر: مؤتمر السنة النبوية ومنهجها فى بناء المعرفة والحضارة، تعليق الدكتور همام عبد الرحيم على بحث الشيخ عز الدين التميمى 2/602، 603.

ص: 472

.. إن حدوث الفتن أفاد السنة المطهرة فائدة كبيرة، ويمكن أن نقارن هذا الأثر الإيجابى بأثر اللحن على اللغة العربية، إذ عندما ظهر اللحن وفشا، واختلط العرب بالعجم، ظهرت الحاجة إلى تقعيد النحو وضبطه وتدوين شواهده، فكان اللحن مفسدة من جهة أثره على الفطرة اللغوية السليمة، ولكنه كان حافزاً لحفظ اللغة وتأسيس مناهجها. وإن فشو اللحن فى ذلك الزمن المبكر حيث الفصاحة والبيان والفطرة اللغوية فى قلب الجزيرة العربية، قد مكن العلماء من استنباط القواعد وجمعها، والتوصل إلى مناهج الضبط اللغوى. ولو تأخر اللحن حتى زالت السليقة عن طريق الاختلاط بين العرب والعجم لحدثت مشكلة لا حل لها ولا علاج.

وكذلك الحال بالنسبة للحديث، فقد ظهرت الفتن والصحابة أحياء، والرواية قريبة من مصدرها الأصلى، وخطوط الاتصال بين الصحابة والنبى صلى الله عليه وسلم قائمة مفتوحة كل هذا ساعد على استقرار المنهج، ولو تأخرت الفتنة، ووقعت بعد عصر الصحابة، وقد بعدت الرواية عن مصدرها، فإنه لا يمكن عندئذ استكمال القواعد المنهجية.

لقد أثرت الفتنة على النظام السياسى الإسلامى، ولكنها فى الوقت ذاته ساعدت على تأصيل مختلف العلوم الإسلامية، وأبرزت مناهجها.

ولقد خاب ظن أعداء الإسلام من غلاة الشيعة، والمستشرقين، ودعاة الإلحاد المتكئين على الفتنة باعتبارها مصدر تشكيك بالسنة النبوية. وكان الأجدر أن يعلموا أن الحديث قد أخذ من المغانم أكثر مما دفع من المغارم.

ص: 473

.. وهذا ابن عباس -رضى الله عنهما- يأتيه من يحدثه، فلا يلتفت لحديثه، تطبيقاً لقاعدة (إن من لا يعرف حاله لا يقبل حديثه) جاء بُشَير العدوى (1) إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس، مالى لا أراك تسمع حديثى؟ أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع؟ فقال ابن عباس:"إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول، لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف" وفى رواية عن ابن عباس قال: "إنا كنا نحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم يكن يكذب عليه فلما ركب الناس الصعب والذلول، تركنا الحديث عنه"(2) .

كما كان الصحابة رضي الله عنهم -أول من نبهوا إلى صفة من يقبل حديثه ومن يرد. ويروى لنا الخطيب فى ذلك، عن ابن عباس -رضى الله عنهما- أنه قال:"لا يكتب الحديث عن الشيخ المغفل"(3) .

فهذه النصوص وغيرها مما سبق (4) ، تدل بجلاء على تشمير الصحابة لتحذير الناس من الوقوع فى أحابيل الكذب، كما تدل على أنهم لم يكونوا فى غفلة عن ظاهرة الوضع، بل انتبهوا لها، وقاوموا الوضاعين بالتشهير والتحذير.

(1) بُشَير العدوى هو: بُشَير - مصغراً - ابن كعب بن أبى الحميرى العدوى أبو أيوب البصرى، ثقة مخضرم. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 1/133 رقم 731، والكاشف 1/272 رقم 614، والثقات للعجلى ص 83 رقم 159، والتعريف برواة مسند الشاميين ص 65 رقم 79.

(2)

الآثار السابقة سبق تخريجها ص 277، 327.

(3)

الكفاية فى علم الرواية ص 233.

(4)

راجع: قول سيدنا عثمان ومعاوية رضى الله عنهما فى الجواب عن شبهة نهى الصحابة عن الإكثار من الرواية دليل على عدم حجية السنة، واتهام من أبى بكر وعمر للصحابة بالكذب ص326.

ص: 474

.. وعلى نهج الصحابة فى التثبت والتحرى، درج الأئمة من التابعين وأتباعهم، فها هو محمد بن سيرين، التابعى الكبير، يعلن عن أثر الفتنة، على البحث والنقد، فيقول:"لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة، فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع، فلا يؤخذ حديثهم (1) . وفى رواية عنه قال: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم" (2) .

وكثيراً ما كان التابعون، وأتباعهم يتذاكرون الحديث، فيأخذوا ما عرفوا ويتركوا ما أنكروا، قال الإمام الأوزاعى: "كنا نسمع الحديث فنعرضه على أصحابنا كما يعرض الدرهم الزيف، على الصيارفة فما عرفوا منه أخذنا، وما تركوا تركناه (3)، وروى الإمام مسلم فى مقدمة صحيحه عن ابن أبى مليكة قال: كتبت إلى ابن عباس أن يكتب لى ويخفى عنى.فقال: ولد ناصح أنا اختار له الأمور اختياراً وأخفى عنه: فدعا بقضاء علىّ0 فجعل يكتب منه أشياء. ويمر به الشئ فيقول: والله ما قضى بهذا علىّ إلا أن يكون ضل (4) .

(1) سبق تخريجه ص 128.

(2)

أخرجه مسلم (بشرح النووى) المقدمة، باب بيان أن الإسناد من الدين 1/119، وانظر: الفكر المنهجى عند المحدثين للدكتور همام عبد الرحيم ص 56 - 58 بتصرف.

(3)

انظر: الجرح والتعديل2/20، 21، والمحدث الفاصل ص 64، والكفاية فى علم الرواية ص 605، والموضوعات لابن الجوزى1/103،وانظر: نحوه عن الأعمش فى معرفة علوم الحديث للحاكم ص16

(4)

أخرجه مسلم (بشرح النووى) المقدمة، باب النهى عن الرواية عن الضعفاء 1/112، 113.

ص: 475

.. وكانوا دائماً يرجعون إلى من يثقون به، قال سفيان الثورى "كنا إذا اختلفنا فى شئ سألنا عنه مِسْعَر (1) وكان أئمة الحديث على جانب عظيم من الوعى والإطلاع، فقد كانوا يحفظون الصحيح، والضعيف، والموضوع حتى لا يختلط عليهم، وعلى من بعدهم الحديث، وليميزا الخبيث من الطيب، وفى هذا يقول الإمام سفيان الثورى: "إنى لأروى الحديث على ثلاثة أوجه: أسمع الحديث من الرجل اتخذه ديناً، وأسمع من الرجل أقف حديثه، وأسمع من الرجل لا أعبأ بحديثه وأحب معرفته (2) .

(1) مِسْعَر: هو مِسْعَر بن كِدام بن ظهير الهلالى، أبو سلمة الكوفى متفق على توثيقه، مات سنة 155هـ وقيل 153 هـ. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 2/176 رقم 6626، وتذكرة الحفاظ 1/188 رقم 183، والثقات للعجلى ص 426 رقم 1562، ومشاهير علماء الأمصار ص 200 رقم 1344، والكاشف 2/256 رقم 5395، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 88 رقم 173، وانظر المحدث الفاصل ص 75.

(2)

أخرجه الخطيب فى الكفاية ص 568، والجامع لأخلاق الراوى ص 157 وابن عدى فى الكامل فى الضعفاء 1/ 2.

ص: 476

.. وروى الخطيب عن الإمام أحمد بن حنبل (1) أنه رأى يحيى بن معين بصنعاء فى زاوية، وهو يكتب صحيفة معمر (2) عن أبان (3) عن أنس، فإذا طلع عليه إنسان كتمه، فقال له أحمد بن حنبل: تكتب صحيفة مَعْمَر، عن أبان، عن أنس، وتعلم أنها موضوعة، فلو قال لك قائل: إنك تتكلم فى أبان ثم تكتب حديثه على الوجه؟ فقال: رحمك الله يا أبا عبد الله، أكتب هذه الصحيفة عن

(1) الإمام أحمد بن حنبل: هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانى المروزى، نزيل بغداد، أبو عبد الله، أحد الأئمة، ثقة حافظ، فقيه حجة، من مصنفاته: الزهد، والمسند، الذى جعله للناس إماماً، مات سنة 241هـ. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 1/44 رقم 96، وتذكرة الحفاظ 2/431 رقم 438، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 189 رقم 417، وطبقات المفسرين للداودى 1/71 رقم 65، والإرشاد فى معرفة علماء الحديث ص 187، 88، والتقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد ص 158 رقم 182، وشذرات الذهب 2/96، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير 1/104 رقم 5.

(2)

مَعْمَر: هو مَعْمَر بن راشد، الأزدى مولاهم، أبو عروة البصرى، نزيل اليمن، ثقة ثبت فاضل، إلا أن فى روايته عن ثابت، والأعمش، وهشام بن عروة شيئاً، وكذا فيما حدث به بالبصرة، روى عن الزهرى، وهمام، وعنه غندر وعبد الرزاق. مات سنة 154هـ. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 2/202 رقم 6833، والكاشف 2/282 رقم 5567، والثقات للعجلى ص 435 رقم 1611، والإرشاد للخليلى ص 19.

(3)

أَبَان: أَبَان بن أبى عياش، فيروز البصرى، أبو إسماعيل العبدى، متروك، روى عن أنس، وأبى العالية، وجمع، وعنه فضيل، ويزيد بن هارون، وخلق، متروك، مات فى حدود 140هـ. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 1/51 رقم 142، والكاشف 1/207 رقم 110، والمجروحين لابن حبان 1/96، والضعفاء والمتروكين للنسائى ص 45 رقم 21، والجرح والتعديل 2/295 رقم 1087، والضعفاء الصغير للبخارى ص 24 رقم 32، ولسان الميزان 1/37 رقم 25.

ص: 477

عبد الرزاق (1) عن معمر، على الوجه، فأحفظها كلها، وأعلم أنها موضوعة، حتى لا يجئ بعده إنسان فيجعل بدل أَبَان، ثابتاً (2) ، ويرويها عن مَعْمَر، عن ثابت، عن أنس ابن مالك، فأقول له: كذبت إنما هى عن مَعْمَر عن أبان، لا عن ثابت (3) أ. هـ.

بالإضافة إلى ما سبق فإن المحدثين كانوا يحاربون الكذابين علانية ويمنعونهم من التحديث، ويستعدون عليهم السلطان.

(1) عبد الرزاق: هو عبد الرزاق بن همام بن نافع، الحميرى مولاهم، أبو بكر الصنعانى، ثقة حافظ مصنف، شهير، عمى فى آخر عمره فتغير، وكان يتشيع، روى عن ابن جريج، ومعمر، وثور، وعنه أحمد، وإسحاق، مات سنة 211هـ له ترجمة فى: تقريب التهذيب1 /599 رقم 4078، والكاشف 1/651 رقم 3362، والثقات للعجلى ص 302 رقم 1000، وطبقات ابن سعد 5/548، والجرح والتعديل 6/38 رقم 204، وتذكرة الحفاظ 1/364 رقم 357، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 158 رقم 337، وطبقات المفسرين للداودى 1/302 رقم 278، ولسان الميزان 8/507 رقم 13458.

(2)

ثابت: هو ثابت بن أَسْلم البُنَانىُّ: بضم الموحدة ونونين مخففين، أبو محمد البصرى، ثقة، عابد، روى عن أنس، وابن عمر، وابن الزبير، وخلق: وعنه الحمَّادان، ومعمر، وأُمم. مات سنة بضع وعشرين ومائة. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 1/145 رقم 812، والكاشف 1/281 رقم681، والجمع بين رجال الصحيحين 1/65 رقم 251، والثقات للعجلى ص 89 رقم180، والثقات لابن حبان 4/89، ومشاهير علماء الأمصار ص 114 رقم 650، ولسان الميزان 8/241 رقم 12091.

(3)

أخرجه الخطيب فى الجامع لأخلاق الراوى ص 157.

ص: 478

.. يقول الإمام الشافعى رحمه الله: "لولا شعبة (1) ما عرف الحديث بالعراق، كان يجئ إلى الرجل فيقول: لا تحدث وإلا استعديت عليك السلطان"(2) .

ومن تلك القواعد التى قاوم بها علماء الحديث حركة الوضع نقد الرواة وبيان حالهم، فلم يقبلوا رواية إلا من كان عدلاً ضابطاً، وعلى ذلك إجماع جماهير أئمة الحديث والفقه والأصول.

يقول ابن الصلاح: "أجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلاً ضابطاً لما يرويه، وتفصيله أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً سالماً من أسباب الفسق، وخوارم المرؤة، متيقظاً غير مغفل، حافظاً إن حدث من حفظه، ضابطاً لكتابه إن حدث من كتابه، وإن كان يحدث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالماً بما يحيل المعانى"(3)

(1) شعبة: هو شعبة بن الحجاج بن الورد العتكى مولاهم، أبو بسطام الواسطى ثم البصرى، ثقة، حافظ متقن، كان الثورى يقول: هو أمير المؤمنين فى الحديث، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال، وذب عن السنة، وكان عابداً، مات سنة 160هـ. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 1/418 رقم 2798، والكاشف 1/485 رقم 2278، وتذكرة الحفاظ 1/193 رقم 187، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 89 رقم 176، والثقات للعجلى ص 220 رقم 665، ومشاهير علماء الأمصار ص 207 رقم 1399.

(2)

أخرجه الخطيب فى الجامع لأخلاق الراوى ص149،وانظر: السنة قبل التدوين ص 228-232، وتوثيق السنة فى القرن الثانى الهجرى للدكتور رفعت فوزى ص 135، 136، وشفاء الصدور فى تاريخ السنة ومناهج المحدثين للدكتور السيد محمد نوح 1/123.

(3)

علوم الحديث لابن الصلاح ص 84، 85.

ص: 479

.. وخرج بشرط العدالة: الكافر، والفاسق، والمبتدع، والصبى غير البالغ، والمجنون، والخارم للمروءة بفعل الذنوب الصغائر التى تدل على الخسة كسرقة الشئ الحقير أو فعل المباحات التى تورث الاحتقار، وتذهب بكرامة الإنسان، كالبول فى الطريق بحيث يراه الناس، وفرط المزاح الخارج عن حد الأدب، والأكل فى الطريق، ونحو ذلك، فلا تقبل رواية الكافر بالإجماع سواء أعلم من دينه الاحتراز عن الكذب أم لم يعلم، وكيف تقبل رواية من يكيد للإسلام ليل نهار، وكيف نأتمنهم على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن الله عز وجل أمرنا بالتوقف فى خبر الفاسق فى قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (1) فإذا كان الفاسق لا تقبل روايته مع صحة اعتقاده فإن الكافر لا تقبل روايته من باب أولى؛ لأن الكفر فسق وزيادة.

ولا تقبل رواية صاحب البدعة إذا كفر ببدعته؛ كالرفض الكامل، والغلو فيه، والحط من شأن أبى بكر وعمر- رضى الله عنهما - والدعاء إلى ذلك فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة كما قال الحافظ الذهبى (2) .

(1) الآية 6 من سورة الحجرات، وانظر: تدريب الراوى 1/299، وفتح المغيث للسخاوى 1/28، 314، وتوضيح الأفكار للأمير الصنعانى 2/114 - 118.

(2)

ميزان الاعتدال 1/ 4، وانظر: توثيق السنة فى القرن الثانى الهجرى للدكتور رفعت فوزى ص146 وما بعدها.

ص: 480

.. كما خرج بشرط العدالة الكذاب، أو المتهم بالكذب، فبإجماع أهل العلم لا يؤخذ حديث من كذب على النبى صلى الله عليه وسلم تغليظاً وزجراً بليغاً عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لعظم مفسدته، فإنه يصير شرعاً مستمراً إلى يوم القيامة بخلاف الكذب على غيره والشهادة، فإن مفسدتهما قاصرة ليست عامة، فلا يقاس الكذب فى الرواية على الكذب فى الشهادة أو فى غيرها، ولا على أنواع المعاصى الأخرى (1) .

وخرج بشرط الضبط من عرف بالتساهل فى سماعه أو إسماعه، كمن لا يبالى بالنوم فى السماع منه أو عليه، أو يحدث لا من أصل صحيح مقابل على أصله أو أصل شيخه أو عرف بقبول التلقين فى الحديث، بأن يلقن الشئ فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه، أو عرف بكثرة السهو فى روايته، إذا لم يحدث من أصل صحيح، بخلاف ما إذا حدث منه فلا عبرة بكثرة سهوه، لأن الاعتماد حينئذ على الأصل لا على حفظه، أو عرف بكثرة الشواذ والمناكر فى حديثه (2) ، وكل هذا يخرم الثقة بالراوى وبضبطه.

وبالتأمل فى الضوابط والقيود الموضوعة لمعرفة من تقبل روايته ومن ترد، يتبين لك عبقرية واضعها من علماء هذه الأمة، والدقة المتناهية فيما وضعوا من قواعد ألمت بصغائر الموضوع، ودقائقه فكانت منهجاً دقيقاً متفرداً لم ولن تعرف له الدنيا نظيراً

هيهات لا يأتى الزمان بمثله

***

إن الزمان بمثله لشحيح

(1) الباعث الحثيث للعلامة أحمد محمد شاكر ص 85، 86، وانظر: اختلافات المحدثين والفقهاء فى الحكم على الحديث للدكتور عبد الله شعبان ص 322-355.

(2)

تدريب الراوى1/339، وانظر: فتح المغيث للسخاوى 1/383-389 وتوضح الأفكار 2/255، وانظر: مقاصد الحديث فى القديم والحديث للدكتور مصطفى التازى ص 79، واختلافات المحدثين والفقهاء فى الحكم على الحديث ص402-409.

ص: 481

.. وتبين لك مما سبق كيف أن تلك الضوابط والقيود أخرجت أصناف الوضاعين الوارد ذكرهم فى أسباب الوضع، فلم تقبل مروياتهم، فحفظت بذلك السنة النبوية المطهرة من خبثهم ومكرهم (1) ، وليس الأمر كما يصوره أعداء الإسلام من اختلاط أمرهم على المحدثين، وضياع مروياتهم فى كتب السنة الصحاح بلا تميي، ز فعلماء الأمة عندما اشترطوا فيمن تقبل روايته: أن يكون عدلاً ضابطاً، لم يتساهلوا فى ذلك البتة، وما وقع من تساهل كان فى فعل بعض المباحات، مثل الإفراط فى المزاح، والمداعبة، والأكل فى الأسواق، ونحو ذلك من ضروب المباحات التى لا يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وإن كانت تنتقص من مقامات فاعليها لما تعارف عليه الناس واشتهر عندهم على أنها من خوارم المروءة، وهى فى نفس الوقت لا تؤثر لا على عدالة الراوى بالسقوط للتفاوت المعروف بين المتشددين والمتساهلين فى قبول ورد من خرمت مروءته ببعض الصغائر (2) . وكذلك لا تؤثر أيضاً على عدم الوثوق فى هذا المنهج العظيم الذى هو غاية الاعتدال والإنصاف، لا شطط ولا غلو (3) .

(1) انظر: مقارنة بين تطبيق شروط الحديث الصحيح عند علماء الحديث وتطبيق نفس الشروط على أسفار العهد الجديد فى كتاب منهجية جمع السنة وجمع الأناجيل للدكتورة عزية على طه ص481 - 483.

(2)

انظر: الكفاية للخطيب فصل بعنوان "باب ذكر بعض أخبار من استفسر فى الجرح فذكر ما لا يسقط العدالة" الكفاية ص 110.

(3)

ضوابط الرواية عند المحدثين للأستاذ الصديق بشير ص 118، 119 بتصرف، وانظر: لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث للأستاذ عبد الفتاح أبو غدة ص 108 - 112.

ص: 482

.. ومما يؤكد عدم تساهل المحدثين فى شروط من تقبل روايته ومن ترد، اتفاقهم على أن العدالة وحدها، غير كافية فى قبول رواية الراوى، بل لابد معها من الضبط، يدل على ذلك ما أخرجه الإمام مسلم فى مقدمة صحيحه عن أَبِى الزِّنَاد رحمه الله قال:"أدركت بالمدينة مِائَةً كُلُّهُمْ مَأَمُونٌ ما يُؤْخَذُ عَنْهُمُ الحَدِيثُ يُقَالُ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ". وعن عبد الله بن المبارك: قال قلت لسفيان الثورى: إن "عَبَّادَ بْنَ كَثِير" من تعرف حاله وإذا حدث جاء بأمر عظيم. فترى أن أقول للناس: لا تأخذوا عنه؟ قال سفيان بلى قال عبد الله: فكنت، إذا كنت فى مجلس ذكر فيه عَبَّادٌ، أثنيتُ عليه فى دينه وأقول:"لا تَأْخُذُوا عَنْه". وعن يحيى بن سعيد القطان قال: "لم نَرَ الصَّالحينَ فى شئ أَكْذَبَ منهم فى الحديث". وعن أيوب السختيانى قال: "إن لى جاراً. ثم ذكر من فضله. ولو شهد عندى على تَمْرتَين ما رأيتُ شهادَتَهُ جَائِزَةً.

ص: 483

.. وعن عبد الله بن المبارك رحمه الله قال: "بَقِيُّة صُدَوُقُ اللِّسَانِ. ولكنَّهُ يَأْخُذُ عَمَّنُ أَقْبَلَ وأَدْبَرَ"(1) . وقال يحيى بن معين رحمه الله: "إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم فى الجنة منذ أكثر من مائتى سنة"(2) قال السخاوى: "أى أناس صالحون، ولكنهم ليسوا من أهل الحديث"(3) ويقول الإمام مالك: "لا يؤخذ العلم عن أربعة، ويؤخذ ممن سوى ذلك لا يؤخذ من رجل صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه، ولا سفيه معلن بالسفه، وإن كان من أروى الناس. ولا من رجل يكذب فى أحاديث الناس، وإن كنت لا تتهمه أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من رجل له فضل وصلاح وعبادة لا يعرف ما يحدث"(4) .

وبلغ من دقة المحدثين فى تتبع صفات الراوى الثقة المقبول الرواية، تتبعهم لما يطرأ على ضبط الرواة من تغير، كمن ضعف حديثه فى بعض الأوقات دون بعض، ومن ضعف حديثه فى بعض الأماكن دون بعض، ومن ضعف حديثه عن بعض الشيوخ دون بعض (5)

وصدق الإمام الشعبى: "والله لو أصبت تسعاً وتسعين مرة، واخطأت مرة لعدوا على تلك الواحدة (6) .

(1) أخرج الآثار السابقة الإمام مسلم (بشرح النووى) المقدمة، باب بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات 1/119 - 126، وانظر: توجيه النظر لابن حجر ص 25.

(2)

أخرجه الخطيب فى الجامع لأخلاق الراوى ص 160.

(3)

الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ ص 69.

(4)

جامع بيان العلم 2/48، والكفاية ص249، والجرح والتعديل 2/32، والإلماع ص 60.

(5)

انظر: تفصيل ذلك فى شرح علل الترمذى 2/552 - 672، وانظر: ضوابط الراوية عند المحدثين ص 122.

(6)

تذكرة الحفاظ 1/77.

ص: 484

.. وهكذا بهذا المنهاج العظيم الذى لا تعرف له الدنيا بأسرها مثيلاً خاب ظن الوضاعين من الكفره، والزنادقة، والمبتدعة، والجهلة من الصالحين، والمتصوفة، كما قال الإمام الشعرانى فى العهود الكبرى:"واعلم يا أخى، أن أكثر من يقع فى خيانة هذا العهد المتصوفة الذين لا قدم لهم فى الطريق، فربما رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس من كلامه، لعدم ذوقهم، وعدم فرقانهم بين كلام النبوة وكلام غيرها، وسمعت شيخنا شيخ الإسلام زكريا رحمه الله يقول: "إنما قال بعض المحدثين أكذب الناس الصالحون، لغلبة سلامة بواطنهم، فيظنون بالناس الخير، وأنهم لا يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمرادهم بالصالحين: المتعبدون الذين لا غوص لهم فى علم البلاغة، فلا يفرقون بين كلام النبوة وغيره، بخلاف العارفين فإنهم لا يخفى عليهم ذلك" (1) .

وواضح مما سبق أن صلاح الكذابين: ليس المراد منه الصلاح الحقيقى الذى يتمثل فى صلاح العلماء، وأئمة الدين، وحفاظ الحديث، بل هو الصلاح الذى تحدث عنه الأئمة سابقاً، وإلا كان يجب أن يكون سعيد بن المسيب، وعروة، والشافعى، ومالك، وأحمد، وأبو حنيفة والبخارى، ومسلم، وغيرهم من أئمة المسلمين، من أكذب الناس فى الحديث، وهل هناك مسلم يقول بذلك؟ (2) .

وإذا كان أئمة المسلمين هم أكذب الناس فى الحديث – وحاشاهم من ذلك – فمن إذن الذى كشف كذبهم؟ الكفرة والزنادقة وغلاة المبتدعين (3) ؟

ومن الذى عرَّف بالموضوع، وبأسبابه، وبأصنافه، وبعلاماته، وصنف فيه المصنفات المتعددة؟ أهم الكفرة والزنادقة أم ماذا؟

(1) انظر: قواعد التحديث للقاسمى ص 164.

(2)

السنة ومكانتها فى التشريع للدكتور السباعى ص 230.

(3)

انظر: قواعد التحديث للقاسمى ص 163 بيان ضرر الموضوعات على غير المحدثين وأن الدواء لمعرفتها الرسوخ فى الحديث.

ص: 485

.. كلا إنهم حراس الأرض، وخلفاء وجنود الله فى أرضه، إنهم الجهابذة الذين قال فيهم ابن المبارك لما قيل له: هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: يعيش لها الجهابذة وتلا قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (1) . وفيهم قال يحيى بن يمان: "إن لهذا الحديث رجالاً خلقهم الله عز وجل منذ يوم خلق السماوات والأرض، وإن وكيعاً منهم"(2) رجال قال فيهم هارون الرشيد لما أخذ زنديقاً فأمر بضرب عنقه فقال له الزنديق: لم تضرب عنقى؟ قال: لأريح العباد منك. فقال: يا أمير المؤمنين: أين أنت من ألف حديث؟ وفى رواية من أربعة آلاف حديث وضعتها فيكم، أحرم فيها الحلال، وأحلل فيها الحرام ما قال النبى منها حرفاً؟ فقال له هارون الرشيد: أين أنت يا عدو الله من أبى إسحاق الفزارى (3) وعبد الله ابن المبارك؟ ينخلانها – نخلاً – فيخرجانها حرفاً حرفاً؟ " (4) .

(1) الآية 9 من سورة الحجر، وانظر: الكفاية ص 80.

(2)

الجرح والتعديل لابن أبى حاتم 1/18.

(3)

أبو إسحاق الفزازى هو: إبراهيم بن محمد بن الحارث بن حذيفة الفزارى، الإمام، متفق على توثيقه، له تصانيف.مات سنة185، وقيل 186هـ. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 1/63 رقم 230، وتذكرة الحفاظ 1/273 رقم 259، والكاشف 1/220 رقم 186، والثقات للعجلى ص 54 رقم 37، وتذكرة الحفاظ 1/273 رقم 259، وتهذيب التهذيب 1/152 رقم 271

(4)

انظر: تذكرة الحفاظ 1/273 ترجمة أبى إسحاق الفزازى، وتهذيب التهذيب 1/152 رقم271، وانظر: تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 174، والأسرار المرفوعة فى الأخبار الموضوعة للملاعلى القاري ص 40، وللمزيد من الرد على هذه الشبهة، انظر: الوضع فى الحديث للدكتور عمر حسن فلاته. مخطوط بكلية أصول الدين بالقاهرة رقم 901.

ص: 486

.. والحقيقة أن المحدثين، وما ابتكروه من علم مصطلح الحديث، الذى تفردت به الأمة الإسلامية عن سائر الأمم، وتميزت بتأسيسه، وإنشائه، وتقعيده، والتفنن فيه، كان من أكبر النتائج النافعة التى تولدت عن تلك الحملة الضارية على السنة النبوية المطهرة.

قصدت مساتى فاجتلبت مسرتى

***

وقد يحسن الإنسان من حيث لا يدرى (1)

كما كان هذا العلم صخرةً صلبةً تكسرت عليها كل المؤامرات التى حيكت فى الظلام على أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم، وخرجت السنة النبوية من المعركة الطويلة سليمة منتصرة (2) ، ولا يمكن أن تكون حركة الوضاعين وما وضعوا من أحاديث دليلاً على ضعف السنة بمجموعها، وبالتالى عدم حجيتها. لأن الوضاعين وما وضعوه لم يخف قط على المحدثين.

يقول الأستاذ محمد أسد: "فوجود الأحاديث الموضوعة إذن لا يمكن أن يكون دليلاً على ضعف نظام الحديث فى مجموعه، لأن تلك الأحاديث الموضوعة لم تخف قط على المحدثين كما يزعم بعض النقاد الأوربيين عن سذاجة، وتابعهم على ذلك بعض أدعياء العلم من أبناء أمتنا الإسلامية"(3) .

(1) لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث للأستاذ عبد الفتاح أبو غدة ص 189.

(2)

انظر: بحث الشيخ عز الدين الخطيب التميمى فى مؤتمر السنة النبوية ومنهجها فى بناء المعرفة والحضارة 2/550.

(3)

الإسلام على مفترق الطرق ص 96 بتصرف، وانظر: مقدمة الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف فى المقاصد الحسنة للسخاوى.

ص: 487

.. ونختم هذه الشبهة بما ذكره الإمام ابن القيم الجوزية فى مختصر الصواعق المرسلة قال: قال الإمام أبو المظفر (1) : [فإن قالوا قد كثرت الآثار فى أيدى الناس واختلطت عليهم، قلنا: ما اختلطت إلا على الجاهلين بها، فأما العلماء بها؛ فإنهم ينتقدونها انتقاد الجهابذة الدراهم والدنانير، فيميزون زيوفها ويأخذون خيارها، ولئن دخل فى أغمار الرواة من وسم بالغلط فى الأحاديث، فلا يروج ذلك على جهابذة أصحاب الحديث، وورثة العلماء حتى أنهم عدو أغاليط من غلط فى الإسناد والمتون، بل تراهم يعدون على كل واحد منهم كم فى حديث غلط، وفى كل حرف حرف، وماذا صحف، فإن لم ترج عليهم أغاليط الرواة فى الأسانيد، والمتون، فكيف يروج عليهم وضع الزنادقة، وتوليدهم الأحاديث التى يرويها الناس حتى خفيت على أهلها. وهو قول بعض الملاحدة، وما يقول هذا إلا جاهل ضال مبتدع كذاب يريد أن يهجن بهذه الدعوة الكاذبة صحاح أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم، وآثاره الصادقة، فيغالط جهال الناس بهذه الدعوى، وما احتج مبتدع فى رد آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجة أوهن ولا أشد استحالة من هذه الحجة، فصاحب هذه الدعوى يستحق أن يسف فى فيِهِ، وينفى من بلد الإسلام](2) أ. هـ.

(1) الإمام أبو المظفر هو: منصور بن محمد بن عبد الجبار، أبو المظفر السمعانى، التميمى المروزى، الحنفى، ثم الشافعى، أحد الأئمة الأعلام، كان من فحول النظر، بحراً فى الوعظ، سئل عن أخبار الصفات فقال: عليكم بدين العجائز وصبيان الكتاتيب، صنف فى التفسير، والفقه، والحديث، والأصول. من مؤلفاته: البرهان والاصطلام، والقواطع فى أصول الفقه، والقدر، والمنهاج لأهل السنة، وغير ذلك. مات سنة 489هـ. له ترجمة فى: طبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير 2/489 رقم 20، واللباب فى تهذيب الأنساب لابن الأثير 2/138، 139، وشذرات الذهب 2/392، وطبقات المفسرين للداودى 2/339 رقم 651، والبداية والنهاية 12/164

(2)

مختصر الصواعق المرسلة2/561،552،وانظر: مائة سؤال عن الإسلام للشيخ محمد الغزالى1/43

ص: 488