الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: أنه حديث آحاد يفيد الظن، فلا إشكال فى رده، وهو غريب عن التشريع، لأنه ينافى قاعدة تحرير الضار، واجتناب النجاسة، وغريب عن الرأى لأنه يفرق بين جناحى الذباب، فيدعى أن أحدهما به سم ضار، والآخر ترياق نافع.
ثالثاً: أثبت العلم بطلانه، لأن العلم يقطع بمضار الذباب.
رابعاً: موضوع متنه ليس من عقائد الإسلام، ولا من عباداته، ولا من شرائعه، ولم يعمل به أحد من المسلمين وهو فى أمر من أمور الدنيا كحديث "تأبير النخل" وبالتالى من ارتاب فيه لم يضع من دينه شيئاً.
خامساً: تصحيحه من المطاعن التى تنفر عن الإسلام، ويفتح على الدين شبهة يستغلها أعداء الإسلام.
سادساً: البحث فيه عقيم، لا يجب أن يشغل الناس به، وقد وصلوا إلى مخترعات ومكتشفات من العلوم. ولذا يجب ترك البحث فيه إلى ما وصل إليه العلم من أحكام لا تنقض ولا ترد (1) .
ويجاب على هذه الشبه
بما يلى:
أولاً: لم ينفرد البخارى-رحمه الله-بإخراج هذا الحديث
، كما أن أبا هريرة لم ينفرد بروايته عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعُبيد بن حُنين، لم ينفرد بروايته عن أبى هريرة أيضاً.
(1) انظر: مجلة المنار المجلد 29/48-50، والمصادر السابقة ص، وانظر: موقف المدرسة العقلية من السنة 2/260.
فقد أخرجه أبو داود، وابن ماجة، والدارمى، وأحمد، والبيهقى، وابن خزيمة، وابن حبان، والبغوى، وابن الجارود، من حديث أبى هريرة رضي الله عنه (1) .
وأخرجه النسائى، وابن ماجة، وأحمد، والبيهقى، وابن حبان، والبغوى من حديث أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه، وأخرجه البزار، والطبرانى من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه (2) ، ورواه عن أبى هريرة جماعة من التابعين (3) .
…
ولو لم يرد هذا الحديث إلا فى صحيح البخارى، لكان صحيحاً مقبولاً، إذ البخارى هو أصح الكتب بعد كتاب الله وأحاديثه فى أعلى درجات الصحة.
(1) أبو داود فى سننه، كتاب الأطعمة، باب فى الذباب يقع فى الطعام 3/365 رقم 3844، وابن ماجة فى سننه، كتاب الطب، باب يقع الذباب فى الإناء 2/349 رقم 3505 والدارمى فى سننه، كتاب الأطعمة، باب الذباب يقع فى الطعام 2/135 رقم 2039 وأحمد فى مسنده 2/229، 230، 246، 443، والبيهقى فى سننه كتاب الطهارة، باب ما لا نفس له تسيل 4/53، والبغوى فى شرح السنة كتاب الصيد، باب الذباب يقع فى الشراب 11/259، 261 رقم 2813، 2814 وابن الجارود فى المنتقى، باب فى طهارة الماء والقدر الذى ينجس ولا ينجس ص 26 رقم 55.
(2)
النسائى فى سننه كتاب الفرع والعتيرة، باب الذباب يقع فى الإناء 7/178، 179 رقم 4262، وابن ماجة فى الأماكن السابقة 2/349 رقم 3504، وأحمد فى المسند 3/24، 67، والبيهقى فى الأماكن السابقة والصفحات، وابن حبان فى الأماكن السابقة 4/55 – 56، والبغوى فى الأماكن السابقة رقم 2815، والطبرانى فى الأوسط 5/41، وعزاه الهيثمى فى مجمع الزوائد إلى البزار وقال: رجاله رجال الصحيح.
(3)
وهم: عُبيد بن حُنين، وسعيد المقبرى، وثمامة بن عبد الله بن أنس، وأبو صالح، ومحمد بن سيرين.
.. يقول فضيلة الدكتور أبو شهبة: "ولم أجد لأحد من النقاد، وأئمة الحديث طعناً فى سنده؛ فهو فى درجة عالية من الصحة، وكل ما وقع فيه من الطعن من بعض المتساهلين، والجهلاء، والمبتدعة، إنما هو من جهة متنه (1) .
ولو تفرّد به أبو هريرة رضي الله عنه لما وجدوا إلى الطعن فى صحته سبيلاً.خلافاً لبعض غلاة الشيعة الجعفرية، ومن تبعهم من الزائغين، حين طعنوا فى الصحابى الجليل لأن الحديث من روايته واتهموه بأنه يكذب فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاشاه من ذلك.
فهذا هو التحقيق العلمى يثبت صدق أبى هريرة، وأنه برئ من طعن الطاعنين، وأن الطاعن فيه هو الحقيق بالطعن فيه، لأنهم رموا صحابياً بالبهت، وردوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمجرد عدم انطباقه على عقولهم المريضة! وقد رواه غيره من الصحابة كما علمت.
وليت شعرى هل علم هؤلاء بعدم تفرد أبى هريرة بالحديث، وهو حجة لو تفرد، أم جهلوا ذلك؟
فإن كان الأول فلماذا يتعللون برواية أبى هريرة إ ياه، ويوهمون الناس أنه لم يتابعه أحد من الصحابة الأجلاء؟!
وإن كان الآخر فهلا سألوا أهل الاختصاص والعلم بالحديث الشريف؟ وما أصدق القائل:
فإن كنت تدرى فتلك مصيبة
…
***
…
وإن كنت لا تدرى فالمصيبة أعظم (2)
وعُبَيد بن حُنَين ثقة لا مطعن فيه، ولم يذكره الحافظ فيمن تكلم فيهم من رجال البخارى فى هدى السارى، ولم أقف على من طعن فى توثيقه من العلماء، ولعمرى لو تفرد برواية الحديث عن أبى هريرة لقبل تفرده، فإن تفرد مثله لا يقدح فى صحة الحديث. كما هو مقرر فى علم مصطلح الحديث (3) .
…
(1) دفاع عن السنة ص 338، وانظر: مسند أحمد بتحقيق أحمد محمد شاكر 12/124 الهامش.
(2)
انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ الألبانى 1/60.
(3)
وانظر: موقف المدرسة العقلية من السنة 2/261 – 263.