الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
27 -
وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي دَمِ الحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ: «تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ
(1)
، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(2)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: نجاسة دم الحيض
.
قال الشوكاني رحمه الله في «نيل الأوطار» (1/ 77): واعلم أنَّ دمَ الحيض نجسٌ بإجماع المسلمين كما قال النووي. انتهى.
مسألة [2]: حكم بقية الدماء
.
قال النووي رحمه الله في «شرح المهذب» (2/ 557) بعد أن استدل على نجاسة الدماء بحديث أسماء الموجود في الباب: والدلائل علي نجاسة الدم متظاهرة، ولا أعلم فيه خلافًا عن أحدٍ من المسلمين إلا ما حكاهُ صاحبُ «الحاوي» عن بعض المتكلمين أنه قال: هو طاهرٌ. ولكن المتكلمين لا يعتد بهم في الإجماع، والخلاف على المذهب الصحيح الذي عليه جمهور أهل الأصول من أصحابنا، وغيرهم. اهـ
وثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان إذا رأى في ثوبه دمًا؛ فغسله، فبقي أثره أسود؛ دعا بمقص؛ فقرضه. أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 198)، وابن المنذر
(1)
أما الحتُّ: فهو الحك، والمراد بذلك إزالة عينه. وأما القرص: فهو الدلك لموضع الدم بأطراف الأصابع؛ ليتحلل بذلك، ويخرج ما تشربه الثوب منه. وأما النضح: فهو الغسل. وقيل: الرش بالماء. انظر: «الفتح» (227).
(2)
أخرجه البخاري برقم (227)، ومسلم برقم (291).
705 -
من طريق أيوب، وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر به.
وقد نقل الإجماع على ذلك أيضًا ابن عبدالبر في «التمهيد» (22/ 230)، والقرطبي في تفسير سورة البقرة [آية:173]، وكذلك ابن رشد في «بداية المجتهد» (1/ 120)؛ إلا أنه قيَّد الإجماع بالحيوان البري، فقال: اتفق العلماء على أنَّ دم الحيوان البري نجس.
قلتُ: استدلال النووي رحمه الله بحديث أسماء لا يستقيم؛ لأنَّ دليله أخصُّ من دعواه، فالدليل يدل على نجاسة دم الحيض فقط، والدَّعوى أعم من ذلك، واستدلال غيره بقوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة:3] لا يتجه؛ لأنَّ التحريم لا يلزم منه النجاسة، وأما قوله تعالى في سورة الأنعام:{أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام:145]؛ فإنَّ الضمير عائد على لحم الخنزير على الصحيح، ومع ذلك فقد اختلفوا في تفسير الرجس كما تقدم في مسألة [لعاب الخنزير]؛ ولذلك قال الشوكاني رحمه الله في «الدراري المضيئة» (1/ 94): وأما سائر الدماء، فالأدلة فيها مختلفة، مضطربة، والبراءة الأصلية مستصحبة حتى يأتي الدليل الخالص عن المعارضة الراجحة، أو المساوية.
وقد صحَّ عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه نحر جزورًا، وتلوث بدمائها، ثم صلَّى، ولم يغسلها. أخرجه عبدالرزاق (1/ 125)، وابن أبي شيبة (1/ 392)، وصححه الإمام الألباني رحمه الله في «الصحيحة» (1/ 543)، وذهب رحمه الله إلى طهارة سائر الدماء ما عدا دم الحيض، وَبَيَّنَ عَدَمَ صِحَّةِ الإجماع بكلامٍ نفيس في «الصحيحة» (300)
(1/ 543)، وما بعدها، فراجعه.
وقال الإمام ابن عثيمين رحمه الله في «شرح البلوغ» (1/ 219): وأما بقية الدماء -يعني غير دم الحيض- فالقول الراجح فيها أنها ليست بنجسة، أي: الدماء الخارجة من الإنسان ليست بنجسة؛ لأنني إلى ساعتي هذه ما وجدت دليلًا يدل على النجاسة، وقد تقرر أن الأصل في الأشياء الطهارة إلا بدليل، وذكرنا في حديث:«ما قطع من البهيمة وهي حية؛ فهو ميتة» ذكرنا أنَّ القاعدة تقتضي ألا يكون نجسًا؛ لأن ميتة الآدمي طاهرة فما انفصل منه في حياته يكون طاهرًا كما لو قطعنا يدًا من يديه، أو رجلًا من رجليه؛ فهي طاهرة. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله لهُ: أما دم الآدمي، وكذلك دم ما ميتته طاهرة، كالسمك، وحيوان البحر، فالصحيح طهارته، ولا دليل نعلمه على نجاسته، وكيف يكون نجسًا وميتته طاهرة؟!
وقد قال بطهارة دم السمك الجمهور كما في «بداية المجتهد» (1/ 120)، وعلق البخاري في «صحيحه» [باب (24) من كتاب الوضوء] أثرًا عن الحسن أنه قال: ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم. اهـ
وصلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند أن طعن والدماء تسيل منه. أخرجه المروزي في كتابه «تعظيم قدر الصلاة» (923 - 925)، والآجري في الشريعة (ص 134)، وابن سعد (3/ 351)، وغيرهم بأسانيد صحيحة، وصح عن ابن عمر في «مصنف ابن أبي شيبة» (1/ 138)، أنه عصر بثرة في وجهه، فخرج شيء