الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
135 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ شَكَتْ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الدَّمَ، فَقَالَ:«امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُك حَيْضَتُك ثُمَّ اغْتَسِلِي» فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(1)
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: «وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» ، وَهِيَ لِأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.
(2)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: غسل المستحاضة
.
قال الإمام النووي رحمه الله في «شرح المهذب» (2/ 535 - 536): مذهبنا أن طهارة المستحاضة الوضوء، ولا يجب عليها الغسل لشيء من الصلوات؛ إلا مرة واحدة في وقت انقطاع حيضها، وبهذا قال جمهور السلف والخلف، وهو مروي عن: علي، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة، رضي الله عنهم، وبه قال عروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبوحنيفة، ومالك، وأحمد، وروي عن ابن عمر، وابن الزبير، وعطاء بن أبي رباح رضي الله عنهم، أنهم قالوا: يجب عليها الغسل لكل صلاة.
وروي هذا أيضًا عن: علي، وابن عباس، وروي عن عائشة أنها قالت: تغتسل كل يوم غسلًا واحدًا، وعن ابن المسيب، والحسن، أنهما قالا: تغتسل من صلاة الظهر إلى الظهر دائمًا.
(1)
أخرجه مسلم برقم (334)(65).
(2)
تقدم تخريجها في [باب نواقض الوضوء].
ودليلنا: أن الأصل عدم الوجوب، فلا يجب إلا ما ورد الشرع به، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمرها بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع الحيض، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:«إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي»
(1)
، وليس في هذا ما يقتضي تكرار الغسل.
وأما الأحاديث الواردة في «سنن أبي داود، والبيهقي» ، وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل لكل صلاة؛ فليس فيها شيء ثابت، وقد بَيَّنَ البيهقي، ومن قبله ضعفها، وإنما صح في هذا ما رواه البخاري ومسلم في «صحيحيهما» أنَّ أم حبيبة بنت جحش رضي الله عنها استحاضت، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«إنما ذلك عرق، فاغتسلي، ثم صَلِّي» ، فكانت تغتسل عند كل صلاة
(2)
، قال الشافعي رضي الله عنه: إنما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي، وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة. قال: ولا أشك أن غسلها كان تطوعًا غير ما أمرت به، وذلك واسع لها. هذا لفظ الشافعي رحمه الله، وكذا قاله شيخه سفيان بن عيينة، والليث بن سعد، وغيرهما، والله أعلم. اهـ
قلتُ: الراجح أنه ليس عليها إلا غسل واحد، إذا أدبرت حيضتها، وقد تكلم البيهقي على روايات الأمر بالغسل عند كل صلاة في «سننه الكبرى» (1/ 349 - )، فأجاد رحمه الله.
وأما قول النووي رحمه الله: (وهو مروي عن علي، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة) فقد أخرجها ابن المنذر في «الأوسط» (1/ 159)؛ إلا أثر ابن مسعود،
(1)
أخرجه بهذا اللفظ البخاري برقم (320) عن عائشة رضي الله عنها.
(2)
جمع النووي رحمه الله بين لفظي حديث أم حبيبة بنت جحش، وفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنهما.