الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
131 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بِالتَّيَمُّمِ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يَتَيَمَّمَ لِلصَّلَاةِ الأُخْرَى. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ جِدًّا.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: التيمم لكل صلاة
.
• ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ الواجب هو التيمم لكل صلاة مكتوبة، واستدلوا بحديث ابن عباس، وكثير منهم بنى ذلك على قوله: إن التيمم مبيحٌ، وليس برافع للحدث. والراجح كما تقدم أنه رافع للحدث.
ومن قال بأنه رافع للحدث يقول بأنه يجوز له أن يصلي ما شاء بتيممه حتى تنتقض طهارته؛ ولذلك قال الصنعاني رحمه الله في «سبل السلام» (1/ 205): والأصل أنه تعالى قد جعل التراب قائمًا مقام الماء، وقد عُلِمَ أنه لا يجب الوضوء بالماء؛ إلا من الحدث، فالتيمم مثله، وإلى هذا ذهب جماعة من أئمة الحديث، وغيرهم، وهو الأقوم دليلًا. اهـ
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (21/ 436 - 437): وَقِيلَ: بَلْ التَّيَمُّمُ يَقُومُ مَقَامَ الْمَاءِ مُطْلَقًا يَسْتَبِيحُ بِهِ كَمَا يُسْتَبَاحُ بِالْمَاءِ، وَيَتَيَمَّمُ قَبْلَ الْوَقْتِ كَمَا يَتَوَضَّأُ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَيَبْقَى بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا تَبْقَى طَهَارَةُ الْمَاءِ بَعْدَهُ، وَإِذَا تَيَمَّمَ لِنَافِلَةِ صَلَّى بِهِ الْفَرِيضَةَ كَمَا أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ لِنَافِلَةِ صَلَّى بِهِ الْفَرِيضَةَ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَالَ أَحْمَد:
(1)
ضعيف جدًّا. أخرجه الدارقطني (1/ 185) وفي إسناده الحسن بن عمارة وهو متروك.
هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ.
وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاعْتِبَارُ؛ فَإِنَّ اللهَ جَعَلَ التَّيَمُّمَ مُطَهِّرًا كَمَا جَعَلَ الْمَاءَ مُطَهِّرًا، فَقَالَ تَعَالَى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة:6] الْآيَةَ، فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُطَهِّرَنَا بِالتُّرَابِ كَمَا يُطَهِّرُنَا بِالْمَاءِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحِ» عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِخَمْسِ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَأُحِلَّتْ لَنَا الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدِ قَبْلِي، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» ، وَفِي لَفْظٍ:«فَأَيُّمَا رَجُلٌ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ مِنْ أُمَّتِي فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ، وَطَهُورُهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْت إلَى النَّاسِ عَامَّةً» ، وَفِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثِ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا» ، فَقَدْ بَيَّنَ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللهَ جَعَلَ الْأَرْضَ لِأُمَّتِهِ طَهُورًا كَمَا جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدْته الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ بَشَرَتَك؛ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ» ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ
حَسَنٌ صَحِيحٌ. فَأَخْبَرَ أَنَّ اللهَ جَعَلَ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورَ الْمُسْلِمِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَمَنْ قَالَ: إنَّ التُّرَابَ لَا يُطَهِّرُ مِنْ الْحَدَثِ فَقَدْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَإِذَا كَانَ مُطَهِّرًا مِنْ الْحَدَثِ؛ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْحَدَثُ بَاقِيًا مَعَ أَنَّ اللهَ طَهَّرَ الْمُسْلِمِينَ بِالتَّيَمُّمِ مِنْ الْحَدَثِ فَالتَّيَمُّمُ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ مُطَهِّرٌ لِصَاحِبِهِ، لَكِنْ رَفْعٌ مُوَقَّتٌ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ؛ فَإِنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْمَاءِ، فَهُوَ مُطَهِّرٌ مَا دَامَ الْمَاءُ مُتَعَذِّرًا. اهـ