الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسَائِلُ مُلْحَقَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالبَابِ
مسألة [1]: أبوال، وأرواث الحيوانات
.
• في هذه المسألة ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: طهارة بول، وأرواث الحيوانات التي يؤكل لحمها دون غيرها، وهو قول: عطاء، والنخعي، والثوري، وأحمد، ومالك، كما في «المغني» (2/ 492)، و «المجموع» (2/ 549)، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (21/ 541 - وما بعدها)، واستدلوا بما يلي:
1) حديث أنس رضي الله عنه في «الصحيحين»
(1)
: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر العرنيين أن يشربوا من أبوالها، وألبانها.
2) حديث جابر بن سمرة في «صحيح مسلم» (360): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- سئل: أيصلى في مرابض الغنم؟ فقال: «نعم» .
3) طواف النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالبيت الحرام على بعير كما في «الصحيحين» مع إمكان أن يبول البعير، وكذا الحمام ملازمٌ للمسجد الحرام، فلو كان ذرقه نجسًا؛ لأمر الناس بإزالته، وتطهيره، قال تعالى:{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج:26].
4) الأصل في الأشياء الطهارة، ولا يحكم بنجاسته إلا بدليل.
(1)
أخرجه البخاري برقم (233)، ومسلم برقم (1671).
5) واستدلوا بحديث: «لا بأس ببول ما يؤكل لحمه» ، وهو حديث ضعيفٌ جدًّا، جاء من حديث جابر بن عبد الله، والبراء بن عازب، أخرجهما الدارقطني (1/ 128)، وفي إسناد الأول: عمرو بن الحصين، وهو متروك، ويحيى بن العلاء، وهو كذاب، وفي إسناد الثاني: سوار بن مصعب، وهو متروك.
المذهب الثاني: نجاسة بول، وأرواث جميع الحيوانات، ما أُكِل، وما لم يؤكل، وهو مذهب الشافعي، وأبي ثور، والحنفية، ورواية عن أحمد، ورجحه ابن حزم، واستدلوا بقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«استنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه» ، وبقوله:«وأما أحدهما؛ فكان لا يستنزه من البول» ، فقالوا: كلمة «البول» تعم جميع الأبوال.
وأُجيب: بأنَّ (أل) عهدية، والمراد به: بول الآدمي. ويؤيده أنَّ في بعض روايات الحديث الثاني «من بوله» .
واستدلوا بالقياس على الآدمي؛ فإن مأكوله، ومشروبه يصير نجسًا، مع أنَّ أكله أطيب من أكل الحيوانات، وهذا القياس معارض للنصوص؛ فهو فاسد الاعتبار.
المذهب الثالث: طهارة جميع الأبوال، والأرواث، عدا بول، وغائط الآدمي، وهو قول الشعبي، والنخعي، وحكاه الإسماعيلي وغيره عن ابن وهب، وهو قول الظاهرية عدا ابن حزم، ورجحه الشوكاني.
قال الشوكاني في «النيل» (1/ 92): والظاهر طهارة الأبوال، والأزبال من كل حيوان يؤكل لحمه، تمسكًا بالأصل، واستصحابًا للبراءة الأصلية، والنجاسة
حكم شرعي، ناقل عن الحكم الذي يقتضيه الأصل، والبراءة، فلا يقبل قول مدعيها إلا بدليل يصلح للنقل عنهما، ولم نجد للقائلين بالنجاسة دليلًا لذلك.
ثم قال: و الذي يتحتم القول به في الأبوال، والأزبال هو الاقتصار على نجاسة بول الآدمي، وزبله. انتهى.
قلتُ: وهذا القول قد استدل له أيضًا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما في «البخاري» ، قال: كانت الكلاب تبول، وتقبل، وتدبر في المسجد في زمان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك.
وقد قدمنا في مسألة [حكم لعاب الكلب] ذكر أقوال العلماء في توجيه هذا الحديث.
والراجح في هذه المسألة هو المذهب الأول؛ لعموم حديث: «استنزهوا من البول» ، وخُصَّ منه ما يؤكل لحمه بالأدلة المتقدمة؛ ولأنَّ الإنسان كرَّمه الله على الحيوانات، وبوله، وغائطه نجس، فكذلك الحيوانات أبوالها، وأرواثها نجسة؛ إلا ما خُصَّ بدليل كالحيوانات التي يؤكل لحمها كما تقدم، والله أعلم.
(1)
(1)
وانظر: «المحلى» (137)، «المجموع» (2/ 549)، «مجموع الفتاوى» (21/ 541 - ).