الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
75 -
وَعَنْ أَنَسِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَيَّنَهُ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: خروج الدم من الإنسان بالحجامة، أو الجروح
.
• قال أبو بكر بن المنذر في «الأوسط» (1/ 177): حكم الحجامة كحكم الرُّعاف، والدم الخارج من غير مواضع الحدث، والوضوء منه غير واجب في مذهب مالك، وأهل المدينة، والشافعي، وأصحابه، وأبي ثور، وغيره، لا ينقض ذلك عندهم طهارةً ولا يوجب وضوءًا، غير أن المحتجم يؤمر بأن يغسل أثر محاجمه، ثم يصلي
…
.
• ثم قال: وفيه قول ثاني، وهو: أنْ لا وضوء عليه، ولا غسل أثر المحاجم. روي هذا القول عن الحسن، ومكحول.
• ثم قال: وفيه قول ثالث، وهو: أنْ يتوضأ ويغسل أثر المحاجم. روي هذا القول عن ابن عمر
(2)
، وعطاء، والحسن، وقتادة، وهو قول أحمد بن حنبل.
قلتُ: والراجح هو قول الجمهور: أنه لا وضوء عليه.
(1)
ضعيف. أخرجه الدارقطني (1/ 151 - 152) وفي إسناده صالح بن مقاتل، وهو ضعيف يرويه عن أبيه، وأبوه مجهول، وفيه أيضًا سليمان بن داود القرشي: مجهول أيضًا.
(2)
أخرجه ابن المنذر (1/ 179)، وفي إسناده: حجاج بن أرطاة، وهو ضعيف، ومدلس، ولم يصرح بالسماع.
وأما غسل أثر المحاجم، فالراجح أنه لا يجب غسله؛ لأنه ليس بنجس على الصحيح، كما هو قول الحسن، ومكحول -والله أعلم- وذلك لأنَّ الطهارة لا ترتفع عن الشخص إلا بدليل، ولا نعلم دليلًا صحيحًا على نقض الطهارة من دماء الحجامة، أو الجروح.
وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الدارقطني (1/ 157) مرفوعًا: «ليس في القطرة، ولا في القطرتين من الدم وضوء؛ إلا أن يكون دمًا سائلًا» ، ففي إسناده: محمد بن الفضل بن عطيه، وهو متروك، بل قد كُذِّب.
76 -
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «العَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ
(1)
، فَإِذَا نَامَتِ العَيْنَانِ اسْتَطْلَقَ الوِكَاءُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَزَادَ:«وَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ»
(2)
، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي هَذَا الحَدِيثِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ
(3)
دُونَ قَوْلِهِ: «اسْتَطْلَقَ الوِكَاءُ» . وَفِي كِلَا الإِسْنَادَيْنِ ضَعْف.
الحكم المستفاد من الحديث
يستفاد من الحديثين أنَّ النوم ناقض من نواقض الوضوء؛ لأنه شبه الدبر -وهو السَّه- بالسِّقاء، والعينين بالوكاء، وهو الخيط الذي يُرْبَطُ به، فإذا نامت العينان ذهب مربط الدبر.
والحديثان ضعيفان، وقد تقدم حكم المسألة في أول الباب.
(1)
قال في «النهاية» : السَّه: حلقة الدبر. وقال: ومعنى الحديث أن الإنسان مهما كان مستيقظًا كانت استه كالمشدودة الموكى عليها، فإذا نام انحل وكاؤها، كنَّى بهذا اللفظ عن الحدث، وخروج الريح، وهو من أحسن الكنايات وألطفها.
(2)
ضعيف، والراجح وقفه. أخرجه أحمد (4/ 96 - 97)، والطبراني (19/ 875) من طريق أبي بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، عن معاوية به.
وإسناده ضعيف؛ لضعف أبي بكر بن أبي مريم، وقد خالفه مروان بن جناح وهو حسن الحديث فرواه عن عطية عن معاوية موقوفًا عليه، أخرجه البيهقي (1/ 118 - 119).
ورجح الموقوف ابن عدي والبيهقي وابن عبدالهادي وابن دقيق العيد.
(3)
ضعيف. أخرجه أبوداود (203).
وفي إسناده: الوضين بن عطاء مختلف فيه والراجح تحسين حديثه، لكنه قد أنكر عليه هذا الحديث، أنكره الجوزجاني كما في «التلخيص» (1/ 208)، والساجي كما في «التهذيب» .
وفي إسناده أيضًا انقطاع؛ فهو من رواية عبدالرحمن بن عائد عن علي، وروايته عنه مرسلة، قاله أبوزرعة وأبوحاتم.
77 -
وَلِأَبِي دَاوُد أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَرْفُوعًا: «إنَّمَا الوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا» . وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا.
(1)
الحكم المستفاد من الحديث
يدل هذا الحديث على أنَّ النوم لا ينقض الوضوء؛ إلا إذا كان مضطجعًا، وقد قال به بعضهم، وقد تقدم الخلاف في المسألة في أول الباب.
(1)
ضعيف. أخرجه أبوداود (202) من طريق أبي خالد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، به.
وهذا إسناد ضعيف وحديث منكر، أنكر على أبي خالد الدالاني، أنكره البخاري، وأحمد، وأبوداود وغيرهم. وقتادة سمع من أبي العالية أربعة أحاديث، وليس هذا منها.
وانظر: «العلل الكبير» للترمذي (1/ 149)، و «سنن أبي داود» (202).
78 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَأْتِي أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ، فَيَنْفُخُ فِي مَقْعَدَتِهِ فَيُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ، وَلَمْ يُحْدِثْ، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» . أَخْرَجَهُ البَزَّارُ.
(1)
79 -
وَأَصْلُهُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ حَدِيثِ عَبْدِاللهِ بْنِ زَيْدٍ.
(2)
80 -
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، نَحْوُهُ.
(3)
81 -
وَلِلْحَاكِمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: «إذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ: إنَّكَ أَحْدَثْت فَلْيَقُلْ: كَذَبْت» . وَأَخْرَجَهُ
(4)
ابْنُ حِبَّانَ بِلَفْظِ: «فَلْيَقُلْ فِي نَفْسِهِ» .
(5)
فائدة الأحاديث المتقدمة
يستفاد من هذه الأحاديث القاعدة الفقهية العظيمة: (اليقين لا يزول بالشك)، وقد أشرنا إلى ذلك في شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم برقم (67)، ويستفاد من هذه الأحاديث الحذر من الانقياد لوساوس الشيطان الذي يريد أن يعبث بعبادة الإنسان، ويصده عن دين الله، وكم من إنسان انقاد للوسواس؛ فأتعبه ذلك حتى يحدث في دين الله، أو يترك العبادة، والعياذ بالله.
(1)
صحيح بشواهده. أخرجه البزار كما في «كشف الأستار» (281) وفي إسناده أبوأويس وفيه ضعف، ووجد في إسناده اختلاف يسير، والحديث صحيح بشاهديه اللذين بعده.
(2)
أخرجه البخاري (137)، ومسلم (361). ولفظه: أنه شكي إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال:«لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» .
(3)
تقدم تخريجه في هذا الباب برقم (67).
(4)
في (أ): (أخرجه الحاكم وابن حبان).
(5)
ضعيف. أخرجه الحاكم (1/ 134)، وابن حبان (2666) وفي إسناده عياض بن هلال وهو مجهول.
تنبيه: قد أخرجه أيضًا أبوداود (1029)، وأحمد (3/ 12) من نفس الوجه.