الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
44 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما -فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ صلى الله عليه وسلم: «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ» . أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ هَكَذَا بِلَفْظِ الأَمْرِ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ الخَبَرِ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: حكم ترتيب أعضاء الوضوء
.
• في المسألة قولان:
القول الأول: وجوب الترتيب، وهو مذهب الشافعي، وأبي ثور، وأبي عبيد، وإسحاق، والمشهور عن أحمد، واستدل هؤلاء بالآية:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية.
ووجه الدلالة منها من أوجه:
1) أنه أدخل ممسوحًا بين مغسولين، وعادة العرب إذا ذكرت أشياء متجانسة، وغير متجانسة جمعت المتجانسة على نسق، ثم عطفت غيرها، لا يخالفون في ذلك
(1)
شاذ بلفظ الأمر، والمحفوظ بلفظ الخبر. أخرجه بلفظ الأمر النسائي (5/ 236) من طريق إبراهيم بن هارون البلخي، عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جابر بن عبدالله به.
وقد تفرد إبراهيم بن هارون بلفظ الأمر «ابدءوا» وغيره يرويه بلفظ الخبر «أبدأ» أو «نبدأ» .
فقد رواه أكثر من سبعة من الأئمة والثقات ودونهم، عن حاتم بن إسماعيل، بإسناده بلفظ الخبر، وهم: أبو بكر بن أبي شيبة، وإسماعيل بن أبان، ومحمد بن سعيد الأصبهاني، وإسحاق بن إبراهيم، وعبدالله بن محمد النفيلي، وعثمان بن أبي شيبة، وهشام بن عمار، وسليمان بن عبدالرحمن الدمشقي، كما في «المسند الجامع» (4/ 32)، وتابع حاتمًا على رواية الخبر مالك وسفيان ويحيى بن سعيد فرووه عن جعفر بصيغة الخبر، وقد أشار ابن دقيق العيد إلى ترجيح رواية الخبر، وجزم الإمام الألباني رحمه الله بشذوذها في «الإرواء» (4/ 317). ورواية مسلم في «صحيحه» برقم (1218).
إلا لفائدة، فلو لم يكن الترتيب واجبًا لما قطع النظير عن نظيره؛ فإن قيل: فائدته استحباب الترتيب. فالجواب من وجهين، أحدهما: أنَّ الأمر للوجوب على المختار، وهو مذهب جمهور الفقهاء. والثاني: أنَّ الآية بيان للوضوء الواجب لا للمسنون، فليس فيها شيء من سنن الوضوء.
2) أن مذهب العرب إذا ذكرت أشياء، وعطفت بعضها على بعض تبتدئ الأقرب، فالأقرب، لا يخالف ذلك إلا لمقصود، فلما بدأ سبحانه بالوجه، ثم اليدين، ثم الرأس، ثم الرجلين، دلَّ على الأمر بالترتيب، وإلا لقال: فاغسلوا وجوهكم وامسحوا برؤوسكم، واغسلوا أيديكم وأرجلكم.
(1)
3) هذه الجملة وقعت جوابًا للشرط، وما كان جوابًا للشرط؛ فإنه يكون مرتبًا حسب وقوع الجواب، ولأنَّ الله ذكرها مرتبة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«أَبْدَأُ بِما بَدَأَ اللهُ بِهِ» ، وكذلك فإن جميع الواصفين لوضوئه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما ذكروه إلا مرتبًا.
(2)
القول الثاني: استحباب الترتيب، وجواز مخالفة الترتيب، وهو قول الأوزاعي، وأبي حنيفة، ومالك، وأصحابهما، والمزني، وداود، وهو قول ابن المسيب، والحسن، وعطاء، ومكحول، والزهري، ونقله البغوي عن أكثر العلماء، واختاره ابن المنذر، واستدلوا بالآية، وقالوا: الواو لا تفيد الترتيب.
والراجح هو القول الأول؛ لأن (الواو) وإن كانت لا تفيد الترتيب، ولكن
(1)
«شرح المهذب» (1/ 444 - 445).
(2)
«الشرح الممتع» (1/ 154).