الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم نجاسة الماء، بل الأمر باجتنابها تعبدي، لا لأجل النجاسة، وإنما هو لمعنى لا نعرفه، كعدم معرفتنا لحكمة أعداد الصلوات، ونحوها. اهـ
قلتُ: والنهي عن البول في الماء الدائم، وعما ولغ فيه الكلب يحتمل أن يكون ذلك لتقذره، أو لتنجسه حالًا، أو مآلًا، ولكن ذلك مقيد بالتغير، وأما حديث الاستيقاظ فقد علل بعلة أخرى قوية كما سيأتي بيانه حيث ذكره الحافظ إن شاء الله تعالى.
4) حديث: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
…
»، وما أشبهه، قال الشوكاني في «السيل» (1/ 56): وليس فيها إلا الإرشاد إلى الورع، والتوقف عند الاشتباه، وتوقي المشتبهات، وليس ما نحن بصدده من ذلك القبيل؛ لورود الشريعة الواضحة الطاهرة في شأنه، وليس في مخالفتها بمجرد الشكوك، والوسوسة؛ إلا الإثم على فاعل ذلك.
مسألة [3]: هل غَيْرُ الماءِ مِنَ المائعاتِ ينجس بورود النجاسة عليه
؟
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (1/ 44): فيه ثلاث روايات:
• إحداهن: أنه ينجس بالنجاسة، وإن كثر؛ لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال وقد سئل عن فأرة وقعت في سمن فقال:«إن كان مائعًا فلا تقربوه» ،
(1)
رواه أحمد، وأبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وهذا قول الشافعية كما في البيان (1/ 42).
• والثانية: أنها كالماء، لا ينجس منها ما بلغ القلتين؛ إلا بالتغير.
(1)
سيأتي تخريجه إن شاء الله في [كتاب البيوع] رقم (773).
• والثالثة: ما أصله الماء، كالخل التمري يدفع النجاسة؛ لأن الغالب فيه الماء، ومالا فلا، والأُولى أولى.
قال أبو عبد الله غفر الله لهُ: هكذا رجح المؤلف الرواية الأُولى، وهي: القول بنجاسته، وإن كثُرَ، للحديث المذكور، وهذا الحديث مُعَلٌّ، فقد وهم فيه معمر ابن راشد، والصواب فيه أنه من حديث ميمونة بلفظ: سئل عن فأرة وقعت في سمن، فماتت، فقال:«ألقوها وما حولها، وكلوه» ، رواه البخاري، وقد حكم على معمر بالوهم غير واحد من الحفاظ، منهم: البخاري، وأبو حاتم، وعلى هذا فالراجح - والله أعلم- هي الرواية الثانية، وهي أن حكم المائعات كحكم الماء، إلا أنها إذا تغيرت بوقوع النجاسة فيها؛ فهي نجسة، وإلا فلا، ولا عبرة بالتحديد بالقلتين كما تقدم في الماء.
وقد قال بهذا من الصحابة: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم.
قال صالح بن أحمد في «مسائله» كما في «مجموع الفتاوى» (21/ 497): ثنا أبي، ثنا وكيع، ثنا النضر بن عربي، عن عكرمة، قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فسأله عن جَرٍّ فيه زيت، وقع فيه جرذٌ؟ فقال ابن عباس: خذه وما حوله، فألقه، وكل. قلت: أليس جالَ في الجرِّ كله؟ قال: إنه جال وفيه الروح، فاستقر حيث مات. وإسناده حسن.
وأما أثر ابن مسعود، فأخرجه أيضًا صالح بن أحمد في «مسائله» كما في «مجموع الفتاوى» (21/ 497)، ولكن في سنده: حمران بن أعين، وهو ضعيف.