الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسائل والأحكام المستفادة من الأحاديث
مسألة [1]: دباغ جلود الميتة
.
• اختلف أهل العلم في هذه المسألة على سبعة أقوال:
الأول: أنه يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة؛ إلا الكلب، والخنزير، والمتولد من أحدهما، ويطهر بالدباغ ظاهر الجلد، وباطنه، ويجوز استعماله في الأشياء اليابسة، والمائعة، وهذا مذهب الشافعي، واستدل باستثناء الخنزير بقوله تعالى:{فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام:145]، وقاس الكلب عليه بجامع النجاسة.
الثاني: أنه لا يطهر شيء من جلود الميتة بالدباغ، وهذا القول أشهر الروايتين عن أحمد، ورواية عن مالك، واستدلوا بحديث عبد الله بن عكيم مرفوعًا:«لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» .
الثالث: أنه يطهر بالدباغ جلد مأكول اللحم، ولا يطهر غيره، قال النووي: وهو مذهب الأوزاعي، وابن المبارك، وأبي ثور، وإسحاق بن راهويه، واستدلوا بحديث:«ذكاة الميتة دباغها» ، وهو صحيح، قالوا: فجعل الدباغ في الأُهُبِ كالذكاة.
قالوا: والذكاة المشبه بها لا يحل بها غير المأكول، فكذلك المشبه لا يطهر جلد غير المأكول، وهذا إن سلم لا ينفي ما استفيد من الأحاديث العامة للمأكول، وغيره.
الرابع: يطهر جلود جميع الميتات؛ إلا الخنزير، وهو مذهب أبي حنيفة.
الخامس: يطهر جميع جلود الميتة؛ إلا أنه يطهر ظاهره دون باطنه، فلا ينتفع به في المائعات، وهو مذهب مالك المشهور، وهو تفصيل لا دليل عليه.
السادس: يطهر الجميع، والكلب، والخنزير ظاهرًا، وباطنًا، وهو مذهب داود، وأهل الظاهر، وهو قول أبي يوسف، ورواية عن مالك.
السابع: أنه ينتفع بجلود الميتة، وإن لم تدبغ، ويجوز استعمالها في المائعات، واليابسات.
قال النووي: وهو مذهب الزهري، وهو وجه شاذ لبعض أصحابنا، لا تعريج عليه، ولا التفات إليه. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله لهُ: أرجح هذه المذاهب فيما يظهر لنا -والله أعلم- هو القول السادس؛ لعموم حديث الباب «أيما إهاب دُبِغَ؛ فقد طهر» ، وكذلك حديث:«دباغها طهورها» وهو ترجيح الصنعاني في «سبل السلام» (1/ 65) والشوكاني في «النيل» (1/ 109).
وأما حديث عبد الله بن عكيم: «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب، ولا عصب» ، فقد ضعَّفَهُ بعضهم، وأعلَّهُ بالاضطراب، وعلى صحة الحديث؛ فقد أجيب عنه بأنَّ النهي فيه متوجه على الميتة قبل الدباغ، ويؤيده ما ذكره النضر بن شميل، وغيره