الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
97 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ، أَوْ رَوْثٍ وَقَالَ:«إنَّهُمَا لَا يُطَهِّرَانِ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ.
(1)
الحكم المستفاد من الحديث
مسألة [1]: إذا استنجى بالعظام، والروث، فهل يجزئه
؟
• قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (1/ 215): ولا يجزئ في قول أكثر أهل العلم. اهـ
وقد استدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه المذكور في الباب، وقالوا: النهي يقتضي الفساد، وعدم الإجزاء.
• وذهب أبو حنيفة، وبعض المالكية إلى أنَّ الاستنجاء بهما مجزئ، إذا حصل الإنقاء، ورجَّح هذا الطحاوي في «معاني الآثار» ، وقال: إنما نُهي عن الاستنجاء بالعظم، والروثة؛ لأنهما طعامٌ للجن، ودوابِّهِم، لا أنها لا تطهر كما يطهر الحجر.
وهذا القول هو الصحيح؛ لأنَّ إزالة النجاسة معنى معقول، وليس تعبديًّا محضًا، وقد رجَّح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في «الاختيارات الفقهية» (ص 9).
تنبيه: إذا أنقى بأقل من ثلاث، فاقتصر عليها؛ أجزأه أيضًا مع الإثم.
(2)
(1)
ضعيف. أخرجه الدارقطني (1/ 56) وفي إسناده يعقوب بن حميد بن كاسب وسلمة بن رجاء وكلاهما ضعيف، ولكن الفقرة الأولى من الحديث يشهد لها ما تقدم من حديث سلمان، وله شاهد من حديث جابر أخرجه مسلم (263) وآخر من حديث أبي هريرة أخرجه أبوداود (8) وإسناده حسن. وأما قوله «فإنهما لا يطهران» فضعيفة لا شاهد لها، والله أعلم.
(2)
وانظر: «الاختيارات» (ص 9).
98 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَنْزِهُوا مِنَ البَوْلِ؛ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ القَبْرِ مِنْهُ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
(1)
99 -
وَلِلْحَاكِمِ «أَكْثَرُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ البَوْلِ» ، وَهُوَ صَحِيحُ الإِسْنَادِ.
(2)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
• استدل بحديث الباب على وجوب التنزه من البول، وقد جاء في «الصحيحين»
(3)
من حديث ابن عباس، أنَّ النبي مرَّ بقبرين، فقال:«إنَّهما يعذبان» ، وفي الحديث:«إن أحدهما كان لا يستتر من بوله» ، وفي رواية:«لا يستنزه من بوله» .
(1)
ضعيف. أخرجه الدارقطني (1/ 128) وفي إسناده محمد بن الصباح السمان، قال الذهبي في «الميزان»: لا يعرف وخبره منكر. وقال الدارقطني عقب الحديث: الصواب مرسل.
(2)
صحيح بشواهده. أخرجه الحاكم (1/ 183)، والدارقطني أيضًا (1/ 128) من طريق أبي عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا به. وإسناده ظاهره أنه صحيح على شرط الشيخين، لكن قال أبوحاتم كما في «العلل» (1081): رفعه باطل. وقال الدارقطني في «العلل» (8/ 1518»): أسنده أبوعوانة عن الأعمش، وخالفه ابن فضيل فوقفه ويشبه أن يكون الموقوف أصح. وقد صحح المرفوع البخاري كما في «العلل الكبير» للترمذي (1/ 140) والدارقطني في «السنن» (1/ 128)، فالله أعلم بالصواب.
وله شاهد من حديث أنس رضي الله عنه، أخرجه ابن أبي حاتم في «العلل» (1/ 26)، واختلف في وصله وإرساله، ورجح أبو حاتم المرسل، ورجح أبو زرعة الموصول، وإسناده صحيح.
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند الدارقطني (1/ 128)، والحاكم (1/ 183 - 184)، وفي إسناده: أبو يحيى القتات، وهو ضعيف؛ فالحديث بهذه الطرق صحيح، وقد صححه الإمام الألباني رحمه الله في «الإرواء» (280).
(3)
أخرجه البخاري برقم (216)، ومسلم برقم (292).
• واستدل الجمهور بهذا الحديث على وجوب الاستنجاء وإزالة الأذى من المخرجين.
• وذهب أبو حنيفة، وأصحابه، وهو رواية عن مالك إلى عدم وجوب الاستنجاء، وحُكِي عن ابن سيرين فيمن صلَّى بقوم، ولم يستنج، أنه قال: لا أعلم به بأسًا، وهذا يحتمل أن يكون فيمن لم يلزمه الاستنجاء، كمن لزمه الوضوء لنوم، أو خروج ريح، أو من ترك الاستنجاء ناسيًا، فيكون موافقًا لقول الجماعة، ويحتمل أنه لم ير وجوب الاستنجاء، كقول أبي حنيفة.
واستدل الحنفية بحديث أبي هريرة: «ومن استجمر، فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا، فلا حرج» ، وهذا الحديث ضعيفٌ كما تقدم، والجمهور على أنَّ المقصود بقوله:«فلا حرج» الإيتار.
وقالت الحنفية: هي نجاسة يُكْتَفى فيها بالمسح، فلم تجب إزالتها، كيسير الدم، وأُجيب بأنَّ هذا ترخيص من الشارع، فأوجب إنقاء الأذى، ويسَّر في أثره.
قال ابن قدامة رحمه الله: وذلك لمشقة الغسل؛ لكثرة تكرره في محل الاستنجاء.
قال ابن قدامة رحمه الله: والقول بوجوب الاستنجاء في الجملة قول أكثر أهل العلم. وقال الصنعاني في «السبل» : ولا يخفى أنَّ أحاديث الأمر بالاستطابة دالة على وجوب إزالة النجاسة. اهـ
وقول الجمهور هو الراجح بدون شك.