الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلتُ: وللحنابلة رواية وافقوا فيها الشافعية، كما في «الإنصاف» (1/ 93)، ولهم رواية بطهارته، ورواية أنَّ النجاسة من النجس، والطهارة من الطاهر.
قلتُ: والراجح هو طهارته؛ لأن الشعر، والصوف لا تحله الحياة، وهو ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (21/ 98)، ومثله على الصحيح أيضًا القرن، والظلف، والظفر؛ فإنها طاهرة، ورجح ذلك شيخ الإسلام أيضًا كما في «الفتاوى» (21/ 97).
(1)
مسألة [4]: شيئان مستثنيان من عموم الحديث المتقدم
.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ولكن استثنى العلماء رحمهم الله تعالى مسألتين:
الأولى: الطريدة، وهي الصيد يطرده الجماعة، فلا يدركونه، فيذبحونه، لكنهم يضربونه بأسيافهم، أو خناجرهم، فهذا يَقُصُّ رجله، وهذا يقصُّ يده، وهذا يقص رأسه حتى يموت، وليس فيها دليل عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، إلا أنَّ ذلك فعل الصحابة رضي الله عنهم.اهـ
قلتُ: في المغني لابن قدامة رحمه الله (13/ 281): قال أحمد: حدثنا هشيم، عن منصور، عن الحسن، أنه كان لا يرى بالطريدة بأسا، كان المسلمون يفعلون ذلك في مغازيهم، وما زال الناس يفعلونه في مغازيهم. واستحسنه أبو عبد الله. قال: والطريدة الصيد يقع بين القوم، فيقطع ذا منه بسيفه قطعة، ويقطع الآخر أيضًا،
(1)
وانظر: «المغني» (1/ 99 - 100).
حتى يؤتى عليه وهو حي. قال: وليس هو عندي إلا أن الصيد يقع بينهم، لا يقدرون على ذكاته، فيأخذونه قطعا. اهـ
الثانية: المسك وفأرته، ويكون من نوعٍ من الغزلان، يسمى غزال المسك، يقال: إنهم إذا أرادوا استخراج المسك؛ فإنهم يركضونه، فينزل منه دمٌ من عند سُرَّتِهِ، ثم يأتون بخيط شديد، قوي، فيربطون هذا الدم النازل ربْطًا قويًّا من أجل أن لا يتصل بالبدن، فيتغذى بالدم، فإذا أخذ مُدَّةً؛ فإنه يسقط، ثم يجدونه من أطيب المسك رائحة، وهذا الوعاء يسمى فأرة المسك، والمسك هو الذي في جوفه، فهذا انفصل من حي، وهو طاهر على قول أكثر العلماء. انتهى.
(1)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «الفتح» (5532):
وَالْمَشْهُورُ أَنَّ غَزَالَ الْمِسْكِ كَالظَّبْيِ لَكِنْ لَوْنُهُ أَسْوَدُ، وَلَهُ نَابَانِ لَطِيفَانِ أَبْيَضَانِ فِي فَكِّهِ الْأَسْفَلِ، وَأَنَّ الْمِسْكَ دَمٌ يَجْتَمِعُ فِي سُرَّتِهِ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ مِنَ السَّنَةِ؛ فَإِذَا اجْتَمَعَ وَرِمَ الْمَوْضِعُ فَمَرِضَ الْغَزَالُ إِلَى أَنْ يَسْقُطَ مِنْهُ، وَيُقَالُ: إِنَّ أَهْلَ تِلْكَ الْبِلَادِ يَجْعَلُونَ لَهَا أَوْتَادًا فِي الْبَرِّيَّةِ تَحْتَكُّ بِهَا لِيَسْقُطَ. وَنَقَلَ ابن الصَّلَاحِ فِي «مُشْكِلِ الْوَسِيطِ» : أَنَّ النَّافِجَةَ فِي جَوْفِ الظَّبْيَةِ كَالْإِنْفَحَةِ فِي جَوْفِ الْجَدْيِ.
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيِّ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهَا تُلْقِيهَا مِنْ جَوْفِهَا كَمَا تُلْقِي الدَّجَاجَةُ الْبَيْضَةَ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهَا تُلْقِيهَا مِنْ سُرَّتِهَا؛ فَتَتَعَلَّقُ بِهَا إِلَى أَنْ تَحْتَكَّ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمِسْكَ طَاهِرٌ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْبَدَنِ
(1)
«الشرح الممتع» (1/ 79 - 80).
وَالثَّوْبِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَنَقَلَ أَصْحَابُنَا عَنِ الشِّيعَةِ فِيهِ مَذْهَبًا بَاطِلًا، وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنَ الْقَاعِدَةِ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ. اهـ.
وَحكى ابن التِّين عَن ابن شَعْبَانَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ فَأْرَةَ الْمِسْكِ إِنَّمَا تُؤْخَذُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ أَوْ بِذَكَاةِ مَنْ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ مِنَ الْكَفَرَةِ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهَا؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِيلُ عَنْ كَوْنِهَا دَمًا حَتَّى تَصِيرَ مِسْكًا كَمَا يَسْتَحِيلُ الدَّمُ إِلَى اللَّحْمِ؛ فَيَطْهُرَ وَيَحِلَّ أَكْلُهُ وَلَيْسَتْ بِحَيَوَانٍ حَتَّى يُقَالَ نَجِسَتْ بِالْمَوْتِ، وَإِنَّمَا هِيَ شَيْءٌ يَحْدُثُ بِالْحَيَوَانِ كَالْبِيضِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى طَهَارَةِ الْمِسْكِ إِلَّا مَا حُكِيَ عَن عمر من كَرَاهَته
(1)
، وَكَذَا حكى ابن الْمُنْذِرِ عَنْ جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَصِحُّ الْمَنْعُ فِيهِ إِلَّا عَنْ عَطَاءٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ جُزْءٌ مُنْفَصِلٌ. وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ»
(2)
، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ
(3)
مُقْتَصِرًا مِنْهُ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ. اهـ.
(4)
(1)
أخرجه ابن المنذر (5/ 367) من طريق حجاج، وهو ابن أرطاة، عن فضيل، عن عبد الله بن معقل، أن عمر أوصى في غسله: أن لا تقربوه مسكا. إسناده ضعيف؛ حجاج بن أرطاة فيه ضعف، وعبد الله بن معقل لا يعلم له سماع من عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(2)
أخرجه مسلم برقم (2252).
(3)
أخرجه أبو داود برقم (3158).
(4)
وانظر «الأوسط» لابن المنذر (2/ 296)، و (5/ 367).