الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ قَالَ: فَأَمَّا التَّيَمُّمُ لِلْجَنَابَةِ؛ فَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا رُؤْيَةُ الْمَاءِ، وَخُرُوجُ الْوَقْتِ، وَمُوجِبَاتُ الْغُسْلِ، وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ لِحَدَثِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. انتهى بتصرف.
قال أبو عبد الله غفر الله لهُ: أما خروج الوقت؛ فليس هناك دليل على جعله من نواقض التيمم، والصحيح أنه لا يعد ناقضًا من نواقض التيمم؛ لأنَّ التيمم طهارة ترفع الحدث، ومن جعَلَهُ من نواقض التيمم؛ فهو بناءٌ على قولهم: إنَّ التيمم مبيح لا رافع.
والراجح -كما تقدم- أنه رافع للحدث، على أنه لا يسلم بأنه يلزم من كونه مبيحًا أن ينقض بخروج الوقت، والله أعلم.
مسألة [2]: هل يبطل التيمم بوجود الماء، وإن كان في الصلاة
؟
• في المسألة قولان:
الأول: أنه يبطل، وإن كان في الصلاة.
وهذا مذهب أحمد، وأبي حنيفة، ونقله البغوي عن أكثر العلماء، واستدلوا بعموم حديث الباب:«فإذا وجد الماء؛ فليتق الله، وليمسه بشرته» .
قال ابن رشد: وهم أحفظ للأصل؛ لأنه أمر غير مناسب للمشروع أن يوجد شيء واحد لا ينقض الطهارة في الصلاة، وينقضها في غير الصلاة.
وقد رجَّح هذا القول ابن حزم في «المحلى» (234).
الثاني: قال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر: إنْ كان في الصلاة،
مضى فيها، وروي هذا عن أحمد؛ إلا أنه رجع عنه.
واحتج هؤلاء بعموم قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا» ، وبقوله تعالى:{وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:33].
والراجح -والله أعلم- هو القول الأول.
وأما استدلالهم بالحديث؛ فقد أجاب عنه شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله في «أحكام التيمم» ، فقال: وهذه غفلة؛ فإنَّ صدر الحديث فيه السؤال عن شيء بعينه، فأجابهم عليه بعينه، أنه لا يخرج بمجرد الوسواس، حتى يتأكد من الحدث، أما وجود الماء للتيمم، فشيء خارج عن الحديث، وناقض زائد على نواقض الوضوء، شملته أدلة أخرى. اهـ
وأما استدلالهم بالآية: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} ؛ فإنَّ معنى الآية: لا تبطلوها بالشرك، والرياء، والمن، وغير ذلك، ثم إنه لا يبطل هو الصلاة، ولكن الصلاة تبطل بزوال الطهارة، كما في سائر الأحداث، والله أعلم.
وقد رجح هذا القول الإمام ابن عثيمين رحمه الله، والشيخ الفاضل يحيى بن علي الحجوري حفظه الله.
(1)
(1)
انظر: «المغني» (1/ 347)، «أحكام التيمم» (ص 97 - 98).