الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المضمضة، والاستنشاق في حديث صحيح البتة. اهـ.
(1)
52 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا، وَفِي قَدَمِهِ مِثْلُ الظُّفُرِ لَمْ يُصِبْهُ المَاءُ. فَقَالَ:«ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَك» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
(2)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: حكم الموالاة
.
قال النووي رحمه الله في «شرح المهذب» (1/ 452): التفريق اليسير بين أعضاء الوضوء لا يضر بإجماع المسلمين. اهـ
• وأما التفريق الكثير، فاختلفوا فيه على قولين:
الأول: أنه لا يضر، ولا تجب الموالاة، وهو قول ابن المسيب، والنخعي،
(1)
انظر: «المجموع» (1/ 359 - 360)، «المغني» (1/ 170).
(2)
ضعيف. أخرجه أبوداود (173) ولم يخرجه النسائي، وهومن طريق جرير بن حازم عن قتادة عن أنس. وجرير بن حازم روايته عن قتادة ضعيفة، روى عنه أحاديث مناكير.
وقد ضعفه في روايته عن قتادة أحمد وابن معين، وذكر ابن عدي هذا الحديث في ترجمة جرير من «الكامل» مشيرًا إلى أنه مما أنكر عليه.
وجاء الحديث عن عمر في «صحيح مسلم» (243) من طريق: معقل بن عبيدالله الجزري، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر، به.
وقد أُعلَّ هذا الحديث؛ فإن رواية معقل الجزري عن أبي الزبير ضعيفة. قال أحمد: تشبه أحاديث ابن لهيعة. قال ابن رجب: ومما أنكر عليه حديث اللمعة. يعني هذا الحديث.
والراجح وقف هذا الحديث على عمر رضي الله عنه؛ ففي «التلخيص» (1/ 166)، قال البزار: لا نعلم أحدًا أسنده عن عمر إلا من هذا الوجه.
وقال أبو الفضل الهروي: إنما يعرف هذا من حديث ابن لهيعة، ورفعه خطأ، فقد رواه الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن عمر موقوفًا. اهـ
والثوري، وأبي حنيفة، والصحيح عند الشافعية، ورواية عن أحمد، وهو قول داود، وابن المنذر، ورجَّحه الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله.
واحتج هؤلاء بأنَّ الله تعالى أمر بغسل الأعضاء، ولم يوجب الموالاة، وقد صحَّ عن ابن عمر أنه توضأ في السوق، ثم دعي إلى الجنازة فدخل المسجد، ثم مسح على خُفَّيْهِ.
(1)
واحتجوا أيضًا بحديث الباب: «ارجع فأحسن وضوءك» ، ولم يأمره بالإعادة.
الثاني: أنه يجب الموالاة، وأن التفريق الكثير يضر، وهو قول قتادة، وربيعة، والليث، والأوزاعي، وأحمد في المشهور عنه، ومالك، واستدلوا بحديث خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بنحو حديث الباب، وفيه: فأمره النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يعيد الوضوء. أخرجه أبو داود (175)، وأحمد (3/ 424)، وفي إسناده: بقية بن الوليد، ولم يصرح بالتحديث عن شيخ شيخه، وخالد بن معدان كثير الإرسال، ولم يسمِّ الصحابي؛ فيخشى من الانقطاع.
ووجه الدلالة من الحديث: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر بإعادة الوضوء، ولو لم تجب الموالاة؛ لأمره بغسل اللمعة، والآية دلت على وجوب الغسل، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بيَّن كيفيته، وفسَّر مجمله بِفِعْلِهِ، وَأَمْرِهِ؛ فإنه لم يتوضأ إلا متواليًا، وأمر تارك الموالاة بإعادة الوضوء، وهذا القول رجحه ابن عثيمين رحمه الله، والشيخ يحيى الحجوري حفظه الله، وهو الراجح عندنا، والله أعلم.
(1)
أخرجه البيهقي في «الكبرى» (1/ 84) بإسناد صحيح.
واختلف أصحاب هذا القول فيما إذا كان التفريق لعذر، مثل انقطاع الماء، أو فقده، فذهب مالك، والليث إلى أنه إذا ترك الموالاة لعذر لم يضر، ومذهب أحمد، والشافعي في القديم عدم جواز ترك الموالاة مطلقًا.
ورجح شيخ الإسلام رحمه الله قول مالك، فقال كما في «مجموع الفتاوى» (21/ 135 - 137): هُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ بِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ، وَبِأُصُولِ مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ أَدِلَّةَ الْوُجُوبِ لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا الْمُفَرِّطَ، لَا تَتَنَاوَلُ الْعَاجِزَ عَنْ الْمُوَالَاةِ؛ فَالْحَدِيثُ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ الْمَسْأَلَةِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ خَالِدِ ابْنِ معدان عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ. فَهَذِهِ قَضِيَّةُ عَيْنٍ، وَالْمَأْمُورُ بِالْإِعَادَةِ مُفَرِّطٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى غَسْلِ تِلْكَ اللَّمْعَةِ كَمَا هُوَ قَادِرٌ عَلَى غَسْلِ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا بِإِهْمَالِهَا وَعَدَمِ تَعَاهُدِهِ لِجَمِيعِ الْوُضُوءِ بَقِيَتْ اللُّمْعَةُ، نَظِيرَ الَّذِينَ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ فَنَادَاهُمْ بِأَعْلَى صَوْتِهِ:«وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ» ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» عَنْ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ، فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفْرٍ عَلَى قَدَمِهِ، فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَك» ، فَرَجَعَ، ثُمَّ صَلَّى.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَالْقَدَمُ كَثِيرًا مَا يُفَرِّطُ الْمُتَوَضِّئُ بِتَرْكِ اسْتِيعَابِهَا؛ حَتَّى قَدْ اعْتَقَدَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالِ أَنَّهَا لَا تُغْسَلُ، بَلْ فَرْضُهَا مَسْحُ ظَهْرِهَا عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ الشِّيعَةِ، وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَسْلِ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ.
وَالَّذِينَ لَمْ يُوجِبُوا الْمُوَالَاةَ لِفَقْدِ تَمَامِ المَاءِ عُمْدَتُهُمْ فِي الْأَمْرِ حَدِيثٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ دُعِيَ لِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ