الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال النووي رحمه الله في «شرح المهذب» (2/ 552): أجمعت الأمة على نجاسة المذي، والودي. انتهى.
66 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَضَعَّفَهُ البُخَارِيُّ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: تقبيل المرأة ولمسها
.
• ذكر النووي رحمه الله في «شرح المهذب» في هذه المسألة أقوالًا:
القول الأول: ينتقض الوضوء بلمس المرأة، سواء كان بشهوة، أو بغير شهوة، قال النووي: هذا مذهبنا، وبهذا قال عمر بن الخطاب
(2)
، وعبد الله بن مسعود،
(1)
ضعيف. أخرجه أحمد (6/ 210) وهو من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة به.
وقد قيل: إن عروة هو المزني كما أشار إلى ذلك أبوداود في «سننه» (179)، وعروة المزني مجهول، وقال بعض الأئمة هو عروة بن الزبير، وقد جاء مصرحًا باسمه في مواضع، منها «مسند أحمد» ، وأعلوه بالانقطاع بين حبيب وعروة بن الزبير، فإنه لم يسمع منه شيئًا، وهذا صنيع البخاري.
وقد ضعف الحديث البخاري ويحيى القطان وأبوحاتم وأبوزرعة والدارقطني والبيهقي وابن حزم وغيرهم. انظر: «التلخيص» (1/ 230)، «سنن الترمذي» (86)، «العلل الكبير» للترمذي (1/ 164)، «الجرح والتعديل» (3/ 107)، «علل ابن أبي حاتم» (110)، «سنن الدارقطني» (1/ 138 - 139)، «سنن البيهقي» (1/ 125).
(2)
أخرجه البيهقي (1/ 124) بإسناده عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر رضي الله عنهما قال: إن القبلة من اللمس؛ فتوضؤوا منها. هكذا رواه البيهقي.
والمحفوظ: عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، من قوله دون ذكر عمر رضي الله عنه، فقد رواه مالك في «الموطأ» (1/ 43)، ومعمر كما في «المصنف» (1/ 132) عن الزهري بإسناده عن ابن عمر موقوفًا.
وعبد الله بن عمر
(1)
، وزيد بن أسلم، ومكحول، والشعبي، والنخعي، وعطاء بن السائب، والزهرى، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة، وسعيد بن عبد العزيز، ورواية عن الأوزاعي.
واستدل هؤلاء بقوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء:43] الآية، وقول الثلاثة الصحابة صحيحٌ عنهم.
القول الثاني: لا ينتقض الوضوء باللمس مطلقا، وهو مروى عن ابن عباس وهو صحيح عنه، وعطاء، وطاوس، ومسروق، والحسن، وسفيان الثوري.
واستدل هؤلاء بحديث الباب، وهو ضعيفٌ كما تقدم، واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها في «صحيح مسلم» (486): أنها افتقدت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالليل، فتحسست، فوقعت يدها على بطن قدميه. وحديثها في «الصحيحين»
(2)
: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يصلي وهي مضطجعة في قبلته، فإذا سجد غمز رجلها، فقبضتها .... الحديثَ.
وأجاب هؤلاء عن الآية: بأنَّ المراد بقوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} هو الجماع، وقالوا بهذا، وإن كانت الملامسة في اللغة تطلق على أعم من ذلك؛ لوجود قرائن
(1)
الأثران صحيحان لهما طرق، انظرها في «تفسير الطبري» ، وابن أبي حاتم في تفسير سورة النساء (آية:43)، و «مصنف ابن أبي شيبة» (1/ 166 - )، و «مصنف عبد الرزاق» (1/ 132 - 135)، والبيهقي (1/ 124).
(2)
أخرجه البخاري برقم (382)، ومسلم برقم (512)(272).
تدل على ذلك، وهذه القرائن هي الأحاديث التي تقدم ذكرها، وقد فسَّر الملامسة في الآية بأنها الجماع حبرُ الأمة، وترجمان القرآن: عبدُ الله بن عباس رضي الله عنهما.
القول الثالث: إن لمس، أو قبَّل بشهوة انتقض، وإلا فلا، وهو مَرْوِيٌّ عن الحكم، وحماد، ومالك، والليث، وإسحاق، ورواية عن الثوري، وأحمد.
وهؤلاء جمعوا بين الأدلة المتقدمة بهذا.
القول الرابع: إن لمس عمدًا انتقض، وإلا فلا، وهو قول داود الظاهري.
القول الخامس: إن لمس من تحل له، لم ينتقض، وإن لمس من لا تحل له انتقض، ذكره ابن المنذر، عن عطاء، وأنكر صحته عنه النووي.
هذه أشهر الأقوال في المسألة.
والقول الثاني هو الراجح، وهو رواية عن أحمد، وهو ترجيح ابن جرير، وابن المنذر، وابن كثير، والشوكاني، والصنعاني، والألباني، وابن عثيمين، والوادعي، وغيرهم، رحمة الله عليهم أجمعين.
وفي الآية ما يدل على أنه أراد بالملامسة الجماع.
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله: وبيانه أنَّ الله تعالى قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6]، فهذه طهارة بالماء، أصلية، صغرى.
ثم قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} ، فهذه طهارة بالماء أصلية كبرى.
ثم قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} ، فقوله:{فَتَيَمَّمُوا} هذا البدل، وقوله:{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} هذا بيان سبب الصغرى.
وقوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} ، هذا بيان سبب الكبرى، ولو حملناه على المس الذي هو الجس باليد؛ لكانت الآية الكريمة ذكر الله فيها سببين للطهارة الصغرى، وسكت عن سبب الطهارة الكبرى، مع أنه قال:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} ، وهذا خلاف البلاغة القرآنية.
وعليه فتكون الآية دالة على أن المراد بقوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} ، أي: جامعتم؛ ليكون الله ذكر السببين الموجبين للطهارة: السبب الأكبر، والسبب الأصغر، والطهارتين الصغرى في الأعضاء الأربعة، والكبرى في جميع البدن، والبدل الذي هو طهارة التيمم في عضوين فقط؛ لأنه يتساوى فيها الطهارة الكبرى، والصغرى.
فالراجح أنَّ مسَّ المرأة لا ينقض الوضوء إلا إذا خرج منه شيء. انتهى.
وقد سبق إلى هذا الاستنباط من الآية ابن المنذر في «الأوسط» (1/ 128).
(1)
(1)
انظر: «شرح المهذب» (2/ 30)، «الأوسط» (1/ 118 - وما بعدها)، «المغني» (1/ 256)، «النيل» (248)، «الفتاوى» (21/ 232 - 235)(21/ 401)، «الشرح الممتع» (1/ 236 - 240).
فائدة: قال ابن المنذر رحمه الله في «الأوسط» (1/ 130): وقد أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن لا وضوء على الرجل إذا قبَّل أمَّهُ، أو ابنته، أو أخته، إكرامًا لهن، وبرًّا عند قدومٍ من سفرٍ، أو مسَّ بعض بدنه بعض بدنها عند مناولة شيء إنْ ناولها، إلا ما ذُكِرَ من أحد قولي الشافعي، ولستُ أدري أيثبت ذلك عن الشافعي، أم لا؟. انتهى. بتصرف.