الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلتُ: وما رجحه الصنعاني هو الصحيح، وهو مذهب الحنابلة كما في «المغني» (1/ 105 - 106)، وجمهور الشافعية، ومالك، كما في «شرح المهذب» (1/ 252).
تنبيه: قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة» .
قال الحافظ رحمه الله في «الفتح» حديث (5632): قال الإسماعيلي: ليس المراد بقوله: «في الدنيا» إباحة استعمالهم إياه، وإنما المعنى بقوله:«لهم» ، أي: هم الذين يستعملونه مخالفة لزي المسلمين، وقوله:«ولكم في الآخرة» ، أي: تستعملونه مكافأة لكم على تركه في الدنيا، ويُمْنَعَهُ أولئك، جزاءً لهم على معصيتهم باستعماله. اهـ
مسألة [5]: إذا تطهر في آنية الذهب، والفضة، هل يصح وضوؤه
؟
• اختلف الجمهور القائلون بتحريم استعمال الآنية في الوضوء، هل يصح وضوؤه إذا توضأ بها، أم لا؟
• فذهب جمهورهم إلى صحة الوضوء مع الإثم.
• وذهب أهل الظاهر، ورواية عن أحمد إلى أنه لا يصح.
والراجح القول الأول؛ لأنَّ التحريم ليس عائدًا إلى نفس الوضوء، وهذا بناءً على القول بتحريم استعمال الآنية بالوضوء، ولا نقول به.
(1)
(1)
انظر: «شرح المهذب» (1/ 252)، و «المغني» (1/ 103).
علة التحريم في الحديثين المتقدمين:
قال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» (4/ 351): فَقِيلَ: عِلّةُ التّحْرِيمِ تَضْيِيقُ النّقُودِ. وَقِيلَ: الْعِلّةُ الْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ. وَقِيلَ: الْعِلّةُ كَسْرُ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ إذَا رَأَوْهَا وَعَايَنُوهَا. وَهَذِهِ الْعِلَلُ فِيهَا مَا فِيهَا؛ فَإِنّ التّعْلِيلَ بِتَضْيِيقِ النّقُودِ يَمْنَعُ مِنْ التّحَلّي بِهَا وَجَعْلِهَا سَبَائِكَ، وَنَحْوَهَا مِمّا لَيْسَ بِآنِيَةٍ، وَلَا نَقْدٍ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ حَرَامٌ بِأَيّ شَيْءٍ كَانَ، وَكَسْرُ قُلُوبِ الْمَسَاكِينِ لَا ضَابِطَ لَهُ؛ فَإِنّ قُلُوبَهُمْ تَنْكَسِرُ بِالدّورِ الْوَاسِعَةِ، وَالْحَدَائِقِ الْمُعْجِبَةِ، وَالْمَرَاكِبِ الْفَارِهَةِ، وَالْمَلَابِسِ الْفَاخِرَةِ، وَالْأَطْعِمَةِ اللّذِيذَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُبَاحَاتِ، وَكُلّ هَذِهِ عِلَلٌ مُنْتَقِضَةٌ؛ إذْ تُوجَدُ الْعِلّةُ وَيَتَخَلّفُ مَعْلُولُهَا.
ثُمَّ قَالَ: فَالصّوَابُ أَنّ الْعِلّةَ -وَاللهُ أَعْلَمُ- مَا يُكْسِبُ اسْتِعْمَالُهَا الْقَلْبَ مِنْ الْهَيْئَةِ، وَالْحَالَةِ الْمُنَافِيَةِ لِلْعُبُودِيّةِ مُنَافَاةً ظَاهِرَةً؛ وَلِهَذَا عَلّلَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِأَنّهَا لِلْكُفّارِ فِي الدّنْيَا؛ إذْ لَيْسَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ الْعُبُودِيّةِ الّتِي يَنَالُونَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ نَعِيمَهَا، فَلَا يَصْلُحُ اسْتِعْمَالُهَا لِعَبِيدِ اللهِ فِي الدّنْيَا، وَإِنّمَا يَسْتَعْمِلُهَا مَنْ خَرَجَ عَنْ عُبُودِيّتِهِ، وَرَضِيَ بِالدّنْيَا، وَعَاجِلِهَا مِنْ الْآخِرَةِ. انتهى.
16 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ
(1)
فَقَدْ طَهُرَ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
(2)
وَعِنْدَ الأَرْبَعَةِ: «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ» .
(3)
17 -
وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ المُحَبِّقِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «دِبَاغُ جُلُودِ المَيْتَةِ طُهُورُهَا» . صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(4)
18 -
وَعَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ يَجُرُّونَهَا فَقَالَ: «لَوْ أَخْذْتُمْ إِهَابَهَا؟» ، فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ: «يُطَهِّرُهَا المَاءُ وَالقَرَظُ
(5)
». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
(6)
(1)
قال في «النهاية» : هو الجلد، وقيل: إنما يقال للجلد إهاب قبل الدبغ، فأما بعده فلا.
(2)
أخرجه مسلم برقم (366).
(3)
أخرجه أبوداود (4123)، والنسائي (7/ 173)، والترمذي (1728)، وابن ماجه (3609) وإسناده صحيح، ولفظ أبي داود كلفظ مسلم.
(4)
صحيح بشواهده. أخرجه ابن حبان (4522) بلفظ «ذكاة الأديم دباغه» .
وقد أخرجه أيضًا أحمد (3/ 476)، وأبوداود (4125)، والنسائي (7/ 173) بألفاظ متقاربة، وفي إسناده: جون بن قتادة وهو مجهول.
ولكن يشهد له حديث ابن عباس الذي قبله، وحديث عائشة عند النسائي (7/ 174) بلفظ:«ذكاة الميتة دباغها» وإسناده صحيح.
وهو عند ابن حبان (1290) باللفظ الذي ذكره الحافظ، وفي إسناده: شريك القاضي وهو ضعيف.
(5)
القرظ: هو ورقُ السَّلَم وحبُّه يدبغ به الأديم. انظر: «لسان العرب» ، و «النهاية» لابن الأثير.
(6)
ضعيف. أخرجه أبوداود (4126)، والنسائي (7/ 174) من طريق عبدالله بن مالك بن حذافة عن أمه العالية بنت سبيع عن ميمونة به. وإسناده ضعيف؛ لجهالة عبدالله بن مالك وأمه.