الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
124 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى المِرْفَقَيْنِ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَحَّحَ الأَئِمَّةُ وَقْفَهُ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: عدد ضربات التيمم، وحدُّه من اليد
.
• ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ التيمم ضربة واحدة للوجه، والكفين فقط، لا يتجاوز الكفين، وهو قول الشعبي، وعطاء، ويحيى بن أبي كثير، وقتادة، وعكرمة، ومكحول، والأوزاعي، وهو قول أحمد، وإسحاق، وأبي خيثمة، وابن أبي شيبة، وداود، وهو قول عامة أهل الحديث، وهو اختيار البخاري، وابن المنذر.
• وذهب مالك، وأبو حنيفة، وهو قول الشافعي، والشعبي، والثوري، وأصحاب الرأي، ومن الصحابة: علي بن أبي طالب
(2)
، وابن عمر، وهو قول سالم
(1)
المرفوع منكر والراجح وقفه. أخرجه الدارقطني (1/ 180) من طريق علي بن ظبيان، عن عبيدالله ابن عمر، عن نافع، عن ابن عمر به. وعلي بن ظبيان متروك.
وقد خالفه يحيى القطان وهشيم وغيرهما فرووه عن عبيدالله بإسناده موقوفًا، ورجح الموقوف الدارقطني والبيهقي وغيرهما.
وقد روي بنحوه مرفوعًا عند أبي داود (330) ولكن في إسناده محمد بن ثابت العبدي، وهو ضعيف.
وقد أنكر عليه الحفاظ هذا الحديث، منهم: أحمد وأبوداود والبيهقي وغيرهم.
(2)
أخرجه عبد الرزاق (1/ 213)، وسنده ضعيفٌ، فيه: عطاء بن السائب، مختلطٌ، وتلميذه فيه سمع منه بعد الاختلاط، وهو من رواية: أبي البختري، سعيد بن فيروز، عن علي بن أبي طالب، ولم يدركه؛ فهو منقطع. وأما أثر ابن عمر؛ فهو صحيح كما تقدم.
ابن عبدالله، والحسن البصري، ذهبوا إلى أنَّ التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين، كما في «شرح صحيح مسلم» للنووي و «فتح الباري» لابن رجب وقد عزي هذا القول للجمهور.
واستدل أصحاب القول الأول بحديث عمار رضي الله عنه الذي تقدم.
قال الحافظ رحمه الله في «الفتح» : ومما يقوي رواية «الصحيحين» في الاقتصار على الوجه، والكفين، كون عمار كان يُفتي بعد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بذلك، وراوي الحديث أعرف به من غيره. اهـ
واستدل أصحاب القول الثاني بحديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي في الباب، وقد تقدم أنه منكر، وبما رواه أبو داود (328)، وغيره من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حين علَّمه التيمم، علَّمَه أن يمسح إلى المرفقين. وسنده ضعيفٌ، فيه رجل مبهم، قال قتادة: حدثني محدِّثٌ، عن الشعبي، عن عبدالرحمن بن أبزى، عن عمار.
قال أبو عبد الله غفر الله لهُ: ولحديث عمار إسناد أحسن من هذا عند أبي داود (324، 325)، وفيه:«إلى المرفقين» ، ورجال إسناده ثقات، ولكن سلمة بن كهيل شك فيه، فقال: لا أدري فيه: «إلى المرفقين، أو الكفين» .
وقد أنكر ذلك عليه شعبة، ومنصور، وقد خالفه الثقات، فروايته شاذة ليست محفوظة، ومع ذلك فليس في حديث عمار إلا ذكر ضربة واحدة.
• وهناك قول ثالث: أنَّ التيمم ضربتان للوجه، واليدين إلى المنكبين، من أعلى
اليد، وإلى الآباط، من أسفلها، وهذا مروي عن الزهري، ثم حكي عنه إنكاره، وعدم القول به، وقال به محمد بن مسلمة من المالكية.
ولهم حديث ضعيفٌ من حديث عمار عند أبي داود (320)، وفيه: فمسحوا بها وجوههم، وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط.
وهو حديث مضطرب جدًّا، قد بيَّن اضطرابه أبوداود، وضعفه ابن حزم في «المحلى» (250)، وأعله أبو حاتم، وأبو زرعة.
(1)
وقال ابن رجب رحمه الله في «فتح الباري» (2/ 56): وهذا الحديث منكرٌ جدًّا، لم يزل العلماء ينكرونه. انتهى.
• وهناك قول رابعٌ ذكره الشوكاني في «نيل الأوطار» (1/ 310)، عن سعيد بن المسيب، وابن سيرين، أنَّ صفة التيمم ثلاث ضربات: ضربة للوجه، وضربة للكفين، وضربة للذراعين، قال الشوكاني: لم أقف لهذا القول على دليل.
قال الشيخ يحيى حفظه الله: والأمر كما قال، أنه لا دليل على هذا القول، وينبغي أن ينظر في ثبوته إلى هذين الإمامين؛ فإنه قول بعيد، لا يليق بمثلهما. اهـ
والصحيح في هذه المسألة هو القول الأول.
وهو ترجيح شيخنا مقبل الوادعي، والشيخ ابن باز، والشيخ العثيمين رحمة الله عليهم أجمعين.
(2)
(1)
انظر: «العلل» لابن أبي حاتم (1/ 61).
(2)
وانظر: «الفتح» لابن رجب (342)(347)، «شرح مسلم» (4/ 56 - 57)، «الفتح» لابن حجر (347)، «أحكام التيمم» (ص 49 - 56).