الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الحافظ رحمه الله في «الفتح» شرح حديث رقم (5632): ونقل ابن المنذر الإجماع على تحريم الشرب في آنية الذهب والفضة؛ إلا عن معاوية بن قرة، أحد التابعين، فكأنه لم يبلغه النهي. اهـ
ثم ذكر مذهب الشافعي في القديم، ثم رجوعه عنه.
مسألة [2]: حكم استعمال الذهب، والفضة في غير الأكل والشرب
.
• ذهب الجمهور إلى تحريم استعمالهما في غير الأكل والشرب، قال القرطبي رحمه الله كما في «الفتح» (5635): في الحديث تحريم استعمال أواني الذهب، والفضة في الأكل والشرب، ويلحق بهما ما في معناهما، مثل التطيب، والتكحل، وسائر وجوه الاستعمالات، وبهذا قال الجمهور، وأغربت طائفةٌ شَذَّت، فأباحت ذلك مطلقًا، ومنهم من قصر التحريم على الأكل والشرب، ومنهم من قصره على الشرب؛ لأنه لم يقف على الزيادة في الأكل. انتهى.
وقد تقدم نقل النووي للإجماع على تحريم الاستعمال، وكذا نقله ابن عبد البر، ولا يصح نقل الإجماع.
• قال الصنعاني رحمه الله في «سبل السلام» (1/ 63): والحق ما ذهب إليه القائل بعدم تحريم غير الأكل والشرب فيهما؛ إذ هو ثابت بالنص، ودعوى الإجماع غير صحيحة، وهذا من شؤم تبديل اللفظ النبوي بغيره؛ فإنه ورد بتحريم الأكل والشرب فقط، فعدلوا عن عبارته إلى الاستعمال، وهجروا العبارة النبوية، وجاءوا بلفظ عام من تلقاء أنفسهم. اهـ
• وقال الشوكاني رحمه الله في «النيل» (1/ 116): ولا شك أنَّ أحاديث الباب تدل على تحريم الأكل والشرب، وأما سائر الاستعمالات فلا، والقياس على الأكل والشرب قياس مع الفارق، وأما حكاية النووي للإجماع على تحريم الاستعمال فلا تتم مع مخالفة داود، والشافعي، وبعض أصحابه، والحاصل أنَّ الأصل الحِل، فلا تثبت الحرمة إلا بدليل يسلمه الخصم، ولا دليل في المقام بهذه الصفة، فالوقوف على ذلك الأصل المعتضد بالبراءة الأصلية هو وظيفة المنصف الذي لم يخبط بسوط هيبة الجمهور، ولاسيما وقد أيد هذا الأصل حديث:«ولكن عليكم بالفضة، فالعبوا بها لعبًا» ، أخرجه أحمد، وأبو داود، وشهد له ما سلف أنَّ أم سلمة جاءت بجلجل من فضة فيه شعر من شعر رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. والحديث في البخاري. انتهى بتصرف.
قلتُ: والحديث: «ولكن عليكم بالفضة، فالعبوا بها لعبًا» ، أخرجه أحمد (2/ 334)، وأبو داود (4236)، وغيرهما، من حديث أبي هريرة، وفيه: أسيد بن أبي أسيد البراد، وفيه ضعفٌ، قال الدارقطني: يعتبر به. كما في «التهذيب» .
• وقال الإمام ابن عثيمين رحمه الله في «الشرح الممتع» (1/ 62): والصحيح أنَّ الاتخاذ، والاستعمال في غير الأكل، والشرب ليس بحرام؛ لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نهى عن شيء مخصوص، وهو الأكل، والشرب، ولو كان المحرم غيرهما؛ لكان النبي صلى الله عليه وسلم أبلغ الناس، وأبينهم في الكلام- لا يخص شيئًا دون شيء، بل إن تخصيصه الأكل والشرب دليل على أن ما عداهما جائز؛ لأن الناس ينتفعون بها في غير ذلك.