الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
37 -
وَعَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ فِي الوُضُوءِ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: إيصال الماء إلى باطن اللحية
.
• قال النووي رحمه الله في «شرح المهذب» : اللحية الكثيفة يجب غسل ظاهرها بلا خلاف، ولا يجب غسل باطنها، ولا البشرة تحته، هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي نص عليه الشافعي رحمه الله، وقطع به جمهور الأصحاب في الطرق كلها، وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة، وأحمد، وجماهير العلماء من الصحابة، والتابعين، وغيرهم. انتهى المراد. وممن ثبت عنه التخليل من الصحابة رضوان الله عليهم ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم، كما في «مصنف ابن أبي شيبة» (1/ 12).
(1)
صحيح بشواهده. أخرجه الترمذي (31)، وابن خزيمة (151)(152) واللفظ للترمذي، وفي إسنادهما عامر بن شقيق، وفيه ضعف.
وله شاهد من حديث أبي أمامة: أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 13)، وأبوعبيد في «الطهور» (317) وفي إسناده أبوغالب واسمه حزوَّر مختلف فيه والراجح ضعفه.
وله شاهد آخر من حديث أنس: أخرجه الطبراني في «الأوسط» (455) وفي إسناده إسحاق بن عبدالله الأدني التميمي وهو مجهول حال.
وله شاهد من حديث عائشة عند أحمد (6/ 234)، وهو من طريق زيد بن الحباب، وعبد الله بن المبارك، عن عمر بن أبي وهب الخزاعي النصري، حدثني موسى بن ثروان، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، عن عائشة به وظاهر إسناده الصحة.
فالحديث صحيح بهذه الشواهد، وما نقل عن بعض الأئمة من أنه لم يثبت فيه حديث؛ محمول على أنه لم يثبت بنفسه، وأما مجموعها فلا ينزل عن رتبة الحسن، وفي الباب شواهد أخرى قد ذكرنا أحسنها، وبالله التوفيق.
وقد استدل الشيرازي في «المهذب» ، و المجد ابن تيمية في «المنتقى» بحديث ابن عباس، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- توضأ، وغرف غرفة، وغسل بها وجهه. وهو في البخاري برقم (140)، ثم رأيت ابن المنذر قد سبقهما إلى الاستدلال به كما في «الأوسط» ، وبغرفة واحدة لا يصل الماء إلى ما تحت الشعر مع كثافة اللحية، ولأنه باطن دونه حائل معتاد، فهو كداخل الأنف، والفم.
• وذهب المزني، وأبو ثور، وإسحاق إلى وجوب غسل البشرة قياسًا على غسل الجنابة.
والراجح هو القول الأول، ويدل عليه أيضًا حديث الباب؛ فإنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- اكتفى بالتخليل؛ فدل على عدم وجوب غسل البشرة، والله أعلم.
(1)
وأما اللحية الخفيفة، فقد قال النووي رحمه الله في «شرح المهذب» (1/ 376): قد ذكرنا أنَّ مذهبنا أنه يجب غسل اللحية الخفيفة، والبشرة تحتها، وبه قال مالك، وأحمد، وداود، قال أصحابنا، وقال أبو حنيفة رحمه الله لا يجب غسل ما تحتها كداخل الفم، قال: وكما سوينا بين الخفيف، والكثيف في غسل الجنابة، وأوجبنا غسل ما تحتها فكذا نسوي بينهما في الوضوء، فلا نوجبه.
قال النووي رحمه الله: واحتج أصحابنا بقول الله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة:6]، وهذه البشرة من الوجه، ويقع بها المواجهة، ولأنه موضع ظاهرٌ من الوجه، فأشبه الخدَّ، ويخالف الكثيف؛ فإنه يشق إيصال الماء إليه بخلاف هذا.
(1)
انظر: «شرح المهذب» (1/ 374 - 375).