الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنه لا يضر، وكذا لو نفد الماء وجعل يستخرجه من البئر، أو انتقل من صنبور إلى آخر، ونشفت الأعضاء؛ فإنه لا يضر، أما إذا فاتت الموالاة لأمر لا يتعلق بالطهارة، كأن يجد على ثوبه دمًا فينشغل بإزالته حتى نشفت أعضاؤه؛ فيجب عليه إعادة الوضوء؛ لأنَّ هذا لا يتعلق بطهارته. انتهى.
مسألة [3]: تعميم العضو
.
قال ابن حزم رحمه الله في «المحلَّى» (205): ومن ترك مما يلزمه غسله في الوضوء، أو الغسل الواجب، ولو قدر شعرة عمدًا، أو نسيانًا، لم تُجْزِه الصلاة بذلك الغسل والوضوء، حتى يوعيه كله؛ لأنه لم يُصَلِّ بالطهارة التي أُمِرَ بها، وقال عليه السلام:«من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ» .
قال النووي رحمه الله في «شرح مسلم» (3/ 132) في الكلام على حديث عمر في الذي ترك في قدمه مثل الظفر لم يصبه الماء، قال: في هذا الحديث أنَّ من ترك جزءًا يسيرًا مما يجب تطهيره لا تصح طهارته، وهذا متفق عليه. اهـ
53 -
وَعَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، إلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
الحكم المستفاد من الحديث
قال الصنعاني رحمه الله في «السبل» (1/ 115): وحديث أنس هذا، وحديث عبدالله بن زيد الذي سلف، يرشدان إلى تقليل ماء الوضوء، والاكتفاء باليسير منه.
وقال البخاري رحمه الله في «صحيحه» : وكره أهل العلم الإسراف فيه، وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم.اهـ
(1)
أخرجه البخاري برقم (201)، ومسلم برقم (325)(51).
54 -
وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ، فَيُسْبِغُ الوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ [الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ]
(1)
». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
(2)
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَزَادَ:«اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ المُتَطَهِّرِينَ» .
(3)
(1)
ليس موجودًا في (أ)، و (ب) وهي في «صحيح مسلم» .
(2)
أخرجه مسلم برقم (234).
(3)
أخرجه الترمذي (55) من طريق جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي الكوفي، قال: حدثنا زيد بن حباب، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن أبي إدريس الخولاني، وأبي عثمان، عن عمر بن الخطاب به.
قال الترمذي رحمه الله: خولف زيد بن حباب في هذا الحديث. وروى عبد الله بن صالح، وغيره، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس، عن عقبة بن عامر، عن عمر، وعن ربيعة، عن أبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عمر. وهذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كبير شيء. اهـ
وتعقبه الألباني رحمه الله في «صحيح أبي داود» (162)، فقال: كذا قال، وهو بعيد عن الصواب؛ فقد تبين لك مما حررنا آنفًا أن الاضطراب إنما هو في رواية زيد بن الحباب وحده، وأن رواية الجماعة- عند مسلم وأبي عوانة والمصنف وغيرهم- سالمة منه؛ فلا يجوز تضعيف الحديث لمجرد اضطراب راوٍ واحد فيه، قد وافق الجماعة المتابعين له على الصواب. ولذلك قال الحافظ في «التلخيص» (1/ 454) - متعقبًا كلام الترمذي المذكور-: لكن رواية مسلم سالمة من هذا الاعتراض؛ والزيادة التي عنده؛ رواها البزار، والطبراني في «الأوسط» من طريق ثوبان ولفظه: «من دعا بوَضوء فتوضأ، فساعة فرغ من وضوئه يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، اللهم! اجعلني من التوابين واجعلتي من المتطهرين
…
» الحديث.
قلتُ: حديث ثوبان هذا سكت عليه الحافظ، وقد أورده الهيثمي في «المجمع» (1/ 239) بهذا اللفط؛ ثمّ قال:"رواه الطبراني في «الأوسط»، و «الكبير» باختصار، وقال في «الأوسط»: "تفرد به مِسْوَرُ بن مُوَرع"، ولم أجد من ترجمه. وفيه أحمد بن سهيل الوراق، ذكره ابن حبان في «الثقات». وفي إسناد «الكبير» أبو سعد البقال، والأكثر على تضعيفه، ووثقه بعضهم".
قال الألباني رحمه الله: "ورواه ابن السني أيضا (رقم 30) من طريق أبي سعد الأعور عن أبي سلمة عن ثوبان مرفوعًا. والأعور: هو البقال، وهو ضعيف مدلس، كما في «التقريب» ".
ثم ذكر الحافظ أن لفظ رواية البزار عن ثوبان: "من توضأ فأحسن الوضوء، ثمّ رفع طرفه إلى السماء
…
" الحديث.
قلتُ: وهذه الزيادة- أعني: رفع الطرف إلى السماء- رويت من طريق أخرى عن عقبة بن عامر أيضا. لكن الراوي لها عنه مجهول؛ من أجل ذلك أوردناها في الكتاب الآخر -يعني: «الضعيفة» - (رقم 24). والشاهد المذكور لا يقويه؛ لما بينا هناك فليراجعه من شاء. انتهى
قال أبو عبد الله الفضلي عافاه الله: أما زيادة: «اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين» في حديث عمر فهي شاذة غير محفوظة؛ فقد تفرد بها جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي، عن زيد بن الحباب، وخالفه عدد من الثقات والحفاظ فرووه عن زيد بن الحباب بدون ذكر هذه الزيادة، وهم:
1 -
أبو بكر بن أبي شيبة كما في «مصنفه» (1/ 3) و «صحيح مسلم» (234).
2 -
بشر بن آدم عند البزار (243)، وهو حسن الحديث.
3 -
محمد بن علي بن حرب المروزي عند النسائي في «الكبرى» (140)، وفي «الصغرى» (148).
4 -
عباس بن محمد الدوري عند أبي عوانة (604)، والبيهقي في «الدعوات الكبير» (58)، وفي «الصغرى» (108)، وفي «الكبرى» (1/ 78).
5 -
أبو بكر الجعفي عند أبي عوانة (605).
6 -
أبو كريب عند أبي نعيم في «المستخرج على مسلم» (554).
وكذلك قد روى الحديث جمع من الرواة عن معاوية بن صالح بدون هذه الزيادة، وهم:
1 -
الليث بن سعد عند أحمد (4/ 145).
2 -
عبد الرحمن بن مهدي عند أحمد (4/ 153)، ومسلم (234).
3 -
عبد الله بن وهب كما في «سنن أبي داود» (169)، و «صحيح ابن خزيمة» (222)، وأبي عوانة (606)، وابن حبان (1050).
4 -
أسد بن موسى عند النسائي في «الكبرى» (141)، وابن خزيمة (223)، وأبي عوانة (607).
5 -
عبد الله بن صالح كما في «مسند الشاميين» (1924)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (2498)، وفي «البعث والنشور» (234).
فتبين مما تقدم أن الزيادة المذكورة في حديث عمر شاذة غير محفوظة.
وأما حديث ثوبان الذي أشار إليه الحافظ ابن حجر والإمام الألباني رحمهما الله؛ فراجعه في «الأوسط» (4895)، و «عمل اليوم والليلة» لابن السني (32)، و «تاريخ بغداد» (5/ 269).
وقد جاء الحديث بالزيادة المذكورة عن ابن عمر وأنس رضي الله عنهما:
أخرجه البيهقي في «السنن الصغرى» (109)، وابن عساكر في «معجمه» (1350) من طريق عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر وأنس به. وهذا إسنادٌ واهٍ؛ عبد الرحيم بن زيد العمي متروك، وأبوه ضعيف.
ونخلص مما تقدم أن الذكر الوارد عقب الوضوء صحيح بدون زيادة النظر إلى السماء، وبدون زيادة:«اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين» .
الحكم المستفاد من الحديث
قال النووي رحمه الله في «شرح مسلم» (3/ 123): يُسْتَحَبّ لِلْمُتَوَضِّئِ أَنْ يَقُول عَقِب وُضُوئِهِ: أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيك لَهُ، وَأَشْهَد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله، وَهَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ. انتهى.