الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وذهب أبو حنيفة إلى عدم مشروعية التيمم في الحضر؛ لقوله تعالى: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء:43].
وأجاب الجمهور: بأنَّ هذا القيد خرج مخرج الغالب؛ لأنَّ غالب من يعدم الماء هو المسافر، والله أعلم.
فإذا تيمم، وصلَّى، ثم وجد الماء في الوقت، فلا إعادة عليه على الصحيح؛ لأنه صلاها بطهارة كاملة، وهذا قول مالك، ورواية عن أحمد، خلافًا للشافعي، ورواية عن أحمد؛ فإنهم رأوا عليه الإعادة.
(1)
مسألة [3]: هل التيمم رافعٌ للحدث، أم مبيحٌ لما تجب له الطهارة فقط
؟
• ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ التيمم ليس رافعًا للحدث، وإنما هو مبيح للصلاة، ونحوها، وهو مذهب أحمد في المشهور عنه، وكذلك مالك، والشافعي، وغيرهم، واستدلوا بحديث أبي هريرة، وأبي ذر:«الصعيد وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء، فليتق الله، وليمسه بشرته»
(2)
، ومما يستدل لهم به: وقوع الإجماع على أنَّ الماء إذا وُجِدَ لا تصح طهارة التيمم.
قال ابن عبد البر رحمه الله في «الاستذكار» (2/ 14): أجمع العلماء على أن طهارة التيمم لا ترفع الحدث إذا وُجِدَ الماء، بل متى وجد أعاد الطهارة، جُنبًا كان، أو مُحدِثًا. اهـ
قالوا: فهذا يدلُّ على أنَّ حدثه لم يرتفع.
(1)
«المغني» (1/ 311).
(2)
سيأتي تخريجه قريبًا إن شاء الله في هذا الباب.
• وذهب أبو حنيفة، وداود الظاهري، وبعض المالكية، ورواية عن أحمد إلى أنه يرتفع حدثه، واستدلوا بحديث جابر، وحذيفة، وعلي المتقدمة في الباب؛ فإنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- سمَّى التراب، والأرض طهورًا، والطهور اسم متعدي، أي: يُكسب غيره الطهارة، ومثل ذلك قوله تعالى:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة:6]، واستدلوا بحديث أبي هريرة، وأبي ذر:«الصعيد الطيب طهور المسلم» ، فهذا نَصٌّ عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه يطهره، وليس لمجرد الاستباحة.
وهذا القول هو الراجح، وقد رجَّحه جمع من الحفاظ، والمحققين، منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية كما في «مجموع الفتاوى» (21/ 436)، وابن القيم في «زاد المعاد» (1/ 200)، والصنعاني في «سبل السلام» (1/ 199)، والشيخ عبد الرحمن السعدي في «المختارات الجلية» (ص 24)، والشيخ عبد العزيز بن باز، كما في «غاية المرام» (2/ 370)، والشيخ ابن عثيمين في «الشرح الممتع» (1/ 314).
وأجاب هؤلاء عن الجمهور: بأنَّ رفع الحدث مؤقت إلى أن يجد الماء، أو يستطيع استعماله، وعلى هذا، فلا تعارض بين هذا القول، وبين أدلة الجمهور، والله أعلم.
(1)
فائدة: قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله في «الشرح الممتع» (1/ 315): ويترتب
(1)
وانظر: «المجموع» (2/ 221)، «أحكام التيمم» (ص 61 - 62).