الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
104 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ
(1)
، ثُمَّ جَهَدهَا، فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(2)
، زَادَ مُسْلِمٌ:«وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ» .
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: هل يجب الغسل بالجماع بدون إنزال
؟
دلَّ حديث أبي هريرة رضي الله عنه المذكور على وجوب الغسل من ذلك، وجاءت رواية عند أبي داود (216):«وألزق الختان بالختان، فقد وجب الغسل» ، وإسناده صحيح.
وأخرج مسلم (349) من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت:«إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان الختان، فقد وجب الغسل» .
وأخرج مسلم (350) من حديث عائشة رضي الله عنها: أنَّ رجلًا سأل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: الرجل يجامع أهله، ثم يكسل، هل عليهما الغسل؟ فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«إني لأفعل ذلك، أنا وهذه، ثم نغتسل» .
فدَلَّت هذه الأحاديث على أن تغييب الحشفة في الفرج موجب للغسل،
(1)
قيل: المراد بـ «شعبها الأربع» رجلاها وشفراها. وقيل: يداها ورجلاها. وقيل: ساقاها وفخذاها. وقيل: فخذاها وإسكتاها. وقيل: فخذاها وشفراها. والإسكتان هما: ناحيتا الفرج. والشفران: طرفا الناحيتين. «الفتح» (291).
(2)
أخرجه البخاري (291)، ومسلم (348).
وسواء كانا مختتنين، أو لا، وسواء أصاب موضع الختان منه موضع ختانها، أو لم يصبه، ولو مسَّ الختان الختان من غير إيلاج؛ فلا غسل عليه بالإجماع، نقله النووي، وابن قدامة، والحافظ ابن حجر، وغيرهم.
وقد ذهب إلى وجوب الغسل بمجرد إيلاج الذكر في الفرج كافة العلماء، ولم يخالف إلا داود الظاهري، وأما عن الصحابة، فقد جاء عن بعضهم القول بأنه عليه الوضوء فقط، جاء ذلك في «البخاري» (292)، عن عثمان بن عفان، وعلي ابن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وأبي بن كعب رضي الله عنهم.
وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في «الصحيحين»
(1)
عن عثمان، وأبي بن كعب، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«يغسل ما مسَّ المرأة منه، ثم يتوضأ، ويصلي» ، واللفظ لأُبي بن كعب.
قلتُ: ويؤيد هذه الأحاديث حديث أبي سعيد المتقدم: «الماء من الماء» ، لكن قال النووي رحمه الله في «شرح المهذب» (2/ 137): والجواب عن الأحاديث التي احتجوا بها أنها منسوخة، هكذا قاله الجمهور، وثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما جواب آخر، وهو: أن معنى «الماء من الماء» ، أي: لا يجب الغسل بالرؤية في النوم إلا أن ينزل، وأما الآثار التي عن الصحابة رضي الله عنهم، فقالوها قبل أن يبلغهم النسخ، ودليل النسخ أنهم اختلفوا في ذلك، فأرسلوا إلى عائشة رضي الله عنها، فأخبرتهم أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«إذا جلس بين شعبها الأربع، وجهدها وجب الغسل» ، فرجع إلى قولها من خالف، وعن سهل بن سعد الساعدي قال: حدثني أُبي بن كعب أن الفُتْيَا التي
(1)
أخرجهما البخاري برقم (292)(293)، ومسلم برقم (346)(347).