الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأكثره، ولا لأقل الطهر، ولا لأكثره، وهو ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبدالرحمن السعدي، والشيخ مقبل الوادعي رحمة الله عليهم.
(1)
مسألة [6]: إذا تغيرت عادة المرأة بنقصٍ، أو زيادةٍ، أو تقدمٍ، أو تأخرٍ
؟
• في هذه المسألة أقوال:
الأول: وهو المشهور في مذهب أحمد، أنَّهُ لابد من تكرر خلاف العادة ثلاثًا، حتى يحكم بتغيير العادة، وإن لم تتكرر ثلاثًا، فلا تَعدُّ ما زاد، أو نقص، أو تقدم، أو تأخر.
الثاني: قال أبو حنيفة: ما رأته قبل العادة ليس بحيض حتى يتكرر مرتين، وما تراه بعدها؛ فهو حيضٌ.
الثالث: أنه يكون حيضًا من غير اشتراط التكرار، وهذا قول الشافعي، ورواية عن أحمد، اختارها جماعة من الحنابلة، منهم: ابن قدامة، وشيخ الإسلام ابن تيمية.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (1/ 434): وَهَذَا أَقْوَى عِنْدِي.
ثم قال: لِأَنَّ الشَّارِعَ عَلَّقَ عَلَى الْحَيْضِ أَحْكَامًا، وَلَمْ يَحُدُّهُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ رَدَّ النَّاسَ فِيهِ إلَى عُرْفِهِمْ، وَالْعُرْفُ بَيْنَ النِّسَاءِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ مَتَى رَأَتْ دَمًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا، اعْتَقَدَتْهُ حَيْضًا، وَلَوْ كَانَ عُرْفُهُنَّ اعْتِبَارَ الْعَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ؛ لَنُقِلَ، وَلَمْ يَجُزْ التَّوَاطُؤُ عَلَى كِتْمَانِهِ، مَعَ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا كَانَ بَعْضُ
(1)
وانظر: «غاية المرام» (2/ 604 - 609)، «مجموع الفتاوى» (19/ 240 - 241، 237).
أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ، فَجَاءَهَا الدَّمُ، فَانْسَلَّتْ مِنْ الْخَمِيلَةِ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا لَك، أَنَفِسْت؟» قَالَتْ: نَعَمْ. فَأَمَرَهَا أَنْ تَأْتَزِرَ، وَلَمْ يَسْأَلْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ وَافَقَ الْعَادَةَ، أَوْ جَاءَ قَبْلَهَا؟ وَلَا هِيَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ، وَلَا سَأَلَتْ عَنْهُ، وَإِنَّمَا اسْتَدَلَّتْ عَلَى الْحَيْضَةِ بِخُرُوجِ الدَّمِ، فَأَقَرَّهَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَكَذَلِكَ حِينَ حَاضَتْ عَائِشَةُ فِي عُمْرَتِهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، إنَّمَا عَلِمَتْ الْحَيْضَةَ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ لَا غَيْرُ، وَلَمْ تَذْكُرْ عَادَةً، وَلَا ذَكَرَهَا لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ اسْتَكْرَهَتْهُ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهَا، وَبَكَتْ حِينَ رَأَتْهُ، وَقَالَتْ: وَدِدْت أَنِّي لَمْ أَكُنْ حَجَجْت الْعَامَ.
وَلَوْ كَانَتْ تَعْلَمُ لَهَا عَادَةً تَعْلَمُ مَجِيئَهُ فِيهَا، وَقَدْ جَاءَ فِيهَا، مَا أَنْكَرَتْهُ، وَلَا صَعُبَ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ مُعْتَبَرَةً، عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَذْهَبِ، لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ، وَلَمَا وَسِعَهُ تَأْخِيرُ بَيَانِهِ؛ إذْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِهِ، وَأَزْوَاجُهُ، وَغَيْرُهُنَّ مِنْ النِّسَاءِ يَحْتَجْنَ إلَى بَيَانِ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَقْتٍ، فَلَمْ يَكُنْ لِيُغْفِلَ بَيَانَهُ، وَمَا جَاءَ عَنْهُ عليه السلام ذِكْرُ الْعَادَةِ، وَلَا بَيَانُهَا، إلَّا فِي حَقِّ الْمُسْتَحَاضَةِ لَا غَيْرُ، وَأَمَّا امْرَأَةٌ طَاهِرٌ تَرَى الدَّمَ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا، ثُمَّ يَنْقَطِعُ عَنْهَا، فَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَقِّهَا عَادَةً أَصْلًا. اهـ المراد.
قال شيخ الإسلام رحمه الله (19/ 239): وكذلك المرأة المنتقلة إذا تغيرت عادتها بزيادة أو نقص، أو انتقال، فذلك حيض حتى يعلم أنه استحاضة باستمرار الدم؛ فإنها كالمبتدأة. اهـ
قلتُ: وهذا القول هو الراجح، وهو ترجيح الشيخ عبد الرحمن السعدي،