الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني
في فضلات الحيوان
الفصل الأول
في البول والغائط والروث
المبحث الأول
في بول الآدمي وعذرته
الفرع الأول
في بول الصبي والجارية
اختلف العلماء هل بول الصبي الذي لم يأكل الطعام طاهر أو نجس؟.
فقيل: نجس، وهو قول العامة
(1)
.
وقيل: طاهر، وهو مذهب داود الظاهري
(2)
، واختاره بعض الحنابلة
(3)
،
(1)
سبق أن ذكرنا في تطهيره أقوال الأئمة الأربعة، هل يجب النضح أم الغسل، وكلهم يرون نجاسته، انظر العزو إليهم في المسألة التي قبل هذه.
(2)
طرح التثريب (2/ 140).
(3)
الإنصاف (1/ 323).
ونصره الشوكاني
(1)
.
وأما الاختلاف في كيفية تطهيره فسوف يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في باب كيفية إزالة النجاسة.
دليل من قال بطهارته:
الدليل الأول:
(1525 - 53) ما وراه البخاري، من طريق ابن شهاب، عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة،
عن أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره، فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه، ولم يغسله. ورواه مسلم أيضاً
(2)
.
الدليل الثاني:
(1526 - 54) ما رواه البخاري من طريق هشام بن عروة، عن أبيه،
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان، فيدعو لهم، فأتي بصبي، فبال على ثوبه، فدعا بماء، فأتبعه إياه ولم يغسله. ورواه مسلم
(3)
.
فهذان الحديثان دليلان على أنه يكفي في بول الصبي النضح، وأن الغسل غير واجب لقوله في الحديث: ولم يغسله.
(1)
للشوكاني قولان في هذه المسألة، الطهارة والنجاسة، انظر الدراري المضيئة (1/ 22)، والسيل الجرار (1/ 31، 35).
(2)
صحيح البخاري (323)، ومسلم (287).
(3)
صحيح البخاري (6355)، ومسلم (286).
وهذا النضح خاص في بول الصبي، وأما الجارية فيجب غسله،
(1527 - 55) لما رواه أبو داود من طريق عبد الرحمن بن مهدي حدثني يحيى بن الوليد، حدثني محل بن خليفة،
حدثني أبو السمح، قال: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أراد أن يغتسل قال: ولني قفاك، فأوليه قفاي، فأستره به، فأتي بحسن أو حسين رضي الله عنهما، فبال على صدره، فجئت أغسله فقال: يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام
(1)
.
[إسناده حسن]
(2)
.
فأخذوا من الاكتفاء بنضح بول الصبي أن بوله طاهر، إذ لو كان نجساً لوجب غسله كبول الجارية، بل وكغيره من النجاسات.
والصحيح أنه نجس، فالأمر بنضحه وبإتباع الماء إياه دليل على نجاسته، ولو كان البول طاهراً لم يكن هناك حاجة إلى تطهيره؛ إذ الطاهر لا يطهر.
قال القرطبي في " المفهم ": والعجب ممن يستدل برش بول الصبي، أو بالأمر بنضحه على طهارته، وليس فيه ما يدل على ذلك؛ وغاية دلالته على التخفيف في نوع طهارته، إذ قد رخص في نضحه ورشه وعفا عن غسله تخفيفاً خص هذا التخفيف الذكر دون الأنثى لملازمتهم حمل الذكران لفرط فرحهم بهم لمحبتهم لهم - واللَّه أعلم -
(3)
.
(1)
سنن أبي داود (376).
(2)
وسوف يأتي تخريجه في كيفية التطهير بالنضح، وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب، وحديث أم الفضل وأم كرز الخزاعية وغيرهم، وقد خرجناها كاملة في كيفية التطهير بالنضح فأغنى عن إعادتها هنا.
(3)
المفهم (2/ 644).
ولو أخذنا بقاعدة، أن كل ما ثبت التخفيف في طهارته كان طاهراً لقلنا: بطهارة النعل الذي تصيبه النجاسة، فإن طهارته الدلك بالتراب، ومع ذلك هو نجس قبل الدلك، ولا يجب غسل النعل منها.
ولقلنا بطهارة ذيل المرأة إذا أصابته نجاسة، فإن تطهيره بأن يمر على مكان طاهر، فيطهره ما بعده، ولا يجب غسله، وهو نجس قبل أن يمر على مكان طاهر، وهكذا، فليس التخفيف في طهارة بعض الأماكن دليلا على طهارتها، بل هي نجسة، وإن خفف الشارع في تطهيرها، وهذا هو الراجح، والله أعلم.