الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجيب:
بأن هذا قياس مع الفارق، حيث أذن الشارع في شرب أبوال الإبل دون بول الآدمي، وأذن بالصلاة في مرابض الغنم، ولم يأذن في الصلاة في موضع فيها بول آدمي أو رجيعه، وقياس بول ما يؤكل لحمه على بول ما لا يؤكل قياس مع الفارق، وهو قياس مصادم للنص فلا عبرة به.
الدليل السابع:
القياس على نجاسة القيء بجامع أن كلاً منهما قد استحال إلى نتن وفساد في الباطن.
وأجيب:
لا نسلم لكم بنجاسة القيء، ولا يوجد دليل على نجاسته، وإذا لم يسلم لكم الأصل لم يسلم لكم الفرع، وسوف يعقد إن شاء الله تعالى فصل خاص في حكم القيء.
الدليل الثامن:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في معاطن الإبل، وهذا يدل على نجاستها. وقد ذكر نص الحديث في أدلة القول الأول.
وأجيب:
أولاً: بأنه لو كان النهي عن الصلاة في معاطن الإبل من أجل النجاسة ما صلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان يصلي النافلة على بعيره.
(1539 - 67) فقد روى الشيخان من طريق مالك، عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب،
عن سعيد بن يسار، أنه قال: كنت أسير مع عبد الله بن عمر بطريق مكة، فقال سعيد: فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت، ثم لحقته، فقال عبد الله بن عمر: أين كنت؟ فقلت: خشيت الصبح، فنزلت، فأوترت، فقال عبد الله: أليس لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؟ فقلت: بلى والله. قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير
(1)
.
ثانياً: يقابل النهي هذا بإذنه في الصلاة في مرابض الغنم، فيقال: إن العلة ليست النجاسة، ولو كانت العلة هي النجاسة لم يكن هناك فرق بين بول الإبل والغنم، ولكن العلة شيء آخر:
فقيل: إن الحكم تعبدي، فتكون علته مخفية عنا.
وقيل: إنه يخشى إنْ صلى في مباركها أن تأوي إلى هذه المبارك، وهو يصلي، فتشوش عليه صلاته؛ لأنها كبيرة الجسم، ولأن من طبعها النفار المفضي إلى تشويش قلب المصلي، ولذلك ورد في الحديث أن الإبل خلقت من الشياطين.
(1540 - 68) فقد روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا هشيم، أخبرنا يونس، عن الحسن،
عن عبد الله بن مغفل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل؛ فإنها خلقت من الشياطين
(2)
.
[إسناده صحيح]
(3)
.
(1)
صحيح البخاري (999)، ومسلم (700).
(2)
المصنف (1/ 337) رقم 3877.
(3)
الحديث رواه ابن أبي شيبة كما في إسناد الباب، ومن طريقه أخرجه ابن حبان في صحيحه (1702). =
قال ابن حبان في صحيحه: لو كان الزجر عن الصلاة في أعطان الإبل
= ورواه البيهقي في سننه (2/ 449) من طريق هشيم به.
ورواه أحمد في مسنده (4/ 85) حدثنا إسماعيل بن علية، قال: أخبرنا يونس به. وزاد عليه قتل الكلب الأسود، وإباحة اتخاذ الكلب في الصيد والماشية.
ورواه أحمد أيضاً (5/ 56، 57) حدثنا عبد الأعلى، عن يونس به.
ورواه الرواياني في مسنده (898) من طريق سفيان، عن يونس به.
ورواه ابن ماجه (769) من طريق أبي نعيم، عن يونس به.
ورواه ابن حبان في صحيحه (5657) من طريق يزيد بن زريع، قال: حدثنا يونس به.
فهؤلاء ستة حفاظ رووه عن يونس بن عبيد: وهم هشيم وابن علية وعبد الأعلى وسفيان ويزيد بن زريع وأبو نعيم.
كما تابع أبو سفيان بن العلاء ومبارك بن فضالة يونسَ بن عبيد.
فقد أخرجه أحمد (5/ 54) ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (1/ 317) حدثنا وكيع، عن أبي سفيان بن العلاء، عن الحسن به.
وأبو سفيان بن العلاء لم أقف على أحد وثقه، لكن قال فيه يحيى بن سعيد القطان: كنت أشتهي أن أسمع من أبى سفيان حديث الحسن، عن عبد الله بن مغفل، كان يقول فيه: حدثني ابن مغفل. الجرح والتعديل (9/ 381)، كما أنه قد توبع في هذا الحديث، فإذا روى حديثاً لم ينكر عليه، بل قد تابعه عليه الثقات، ولم نقف له على جرح كان هذا مما يقوي أمره، والله أعلم.
وأخرجه أبو داود الطيالسي (913) وأحمد (4/ 86) وعلي بن الجعد (3180) وابن عدي في الكامل (6/ 320) من طريق مبارك بن فضالة، عن الحسن به.
قال ابن عبد البر (22/ 333): حديث عبد الله بن مغفل رواه نحو خمسة عشر رجلاً عن الحسن، وسماع الحسن من عبد الله بن مغفل صحيح. اهـ
وقد خرجت من هذه الطرق ما نص فيها على أن الإبل خلقت من الشياطين، وتركت غيرها مما لم يرد فيه موضع الشاهد، والله أعلم.
وانظر إتحاف المهرة (13415)، أطراف المسند (4/ 241)، تحفة الأشراف (9651).