الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول
الثالث: مذهب الشافعية:
يجب غسل ذيل المرأة وأسفل الخف مطلقاً، وهو قول الشافعي في الجديد
(1)
،
والمشهور من مذهب الحنابلة
(2)
.
= (1/ 152، 153).
(1)
قال الشيرازي في المهذب المطبوع مع المجموع (2/ 619): فإن أصاب أسفل الخف نجاسة فدلكه على الأرض نظرت، فإن كانت نجاسة رطبة لم يجزه ، وإن كانت يابسة فقولان: قال في الجديد: لا يجوز حتى يغسله ; لأنه ملبوس نجس، فلا يجزئ فيه المسح كالثوب. وقال في الإملاء والقديم: يجوز.
وقال النووي في شرحه لهذا النص: قال الرافعي: إذا قلنا بالقديم وهو العفو فله شروط:
أحدها: أن يكون للنجاسة جرم يلتصق بالخف ، أما البول ونحوه فلا يكفي دلكه بحال.
الثاني: أن يدلكه في حال الجفاف، وأما ما دام رطباً فلا يكفي دلكه قطعاً.
الثالث: أن يكون حصول النجاسة بالمشي من غير تعمد، فلو تعمد تلطيخ الخف بها وجب الغسل قطعاً، والقولان جاريان فيما لو أصاب أسفل الخف وأطرافه من طين الشوارع المتيقن نجاسته الكثير الذي لا يعفى عنه، وسائر النجاسات الغالبة في الطرق كالروث وغيره، واعلم أن الغزالي وصاحبه محمد بن يحيى جزما بالعفو عن النجاسة الباقية على أسفل الخف، وهذا شاذ مردود والله أعلم.
وقال النووي في المجموع أيضاً (1/ 144): إن المراد بالقذر (يعني في حديث أم سلمة في طهارة ذيل المرأة) نجاسة يابسة ، ومعنى يطهره ما بعده، أنه إذا انجر على ما بعده من الأرض ذهب ما علق به من اليابس، هكذا أجاب أصحابنا وغيرهم ، قال الشيخ أبو حامد في تعليقه: ويدل على هذا التأويل الإجماع أنها لو جرت ثوبها على نجاسة رطبة فأصابته لم يطهر بالجر على مكان طاهر، وكذا نقل الإجماع في هذا أبو سليمان الخطابي، ونقل الخطابي هذا التأويل عن آباء عبد الله مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله وأما حديث أبي سعيد (يعني في طهارة النعل بالدلك) فلنا في المسألة قولان: القديم: أن مسح أسفل الخف الذي لصقت به نجاسة كاف في جواز الصلاة فيه، مع أنه نجس عفي عنه، والجديد: أنه ليس بكاف. اهـ
(2)
قال صاحب الإنصاف (1/ 323): وإذا تنجس أسفل الخف أو الحذاء وجب غسله، هذا المذهب وعليه الجمهور، قال في الفروع: نقله، واختاره الأكثر. ثم قال: =
وفي القديم للشافعي: التفريق بين ذيل المرأة والخف، فيغسل الأول ويعفى عن نجاسة تصيب أسف النعل بعد دلكها وهي يابسة
(1)
.
فتلخص لنا من هذا الخلاف أقوال:
الأول: أن الدلك يطهر مطلقاً، في الرطب واليابس، في نعل المرأة وفي ذيلها.
الثاني: أن الدلك لا يطهر مطلقاً.
الثالث: أن الدلك يطهر النجاسة الجافة دون الرطبة.
الرابع: أن الدلك يطهر الخف والنعل فقط دون ذيل المرأة. وبعض هذه الأقوال ذكرناها في الحاشية، ولم نذكرها في المتن؛ لأنها أقوال في بعض
= وعنه يجزئ دلكه بالأرض، قال في الفروع: وهي أظهر، واختاره جماعة منهم ابن قدامة والمجد وابن عبدوس والشيخ تقي الدين. الخ ثم قال: وحمل القاضي الروايات على ما إذا كانت النجاسة يابسة، وقال: إذا دلكها وهي رطبة لم يجزه رواية واحدة، ورده الأصحاب، وأطلق ابن تميم في إلحاق الرطبة باليابسة الوجهين. ثم قال:
وعلى القول بأنه يجزئ الدلك لا يطهره، بل هو معفو عنه على الصحيح من المذهب، قال المجد في شرحه: وهذا هو الصحيح.
وقال أيضاً (1/ 324): مفهوم كلام المصنف أنه إذا تنجس غير الخف والحذاء أنه لا يجزئ الدلك رواية واحدة، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب، وأحد الوجهين في ذيل المرأة.
والوجه الثاني: يطهر بمروره على طاهر بذيلها، اختاره الشيخ تقي الدين. اهـ وانظر المغني (1/ 411).
(1)
ومذهب الشافعي في القديم قريب من مذهب المالكية، والفرق بينهما أن المالكية يشترطون في طهارة النعل بالدلك: أن تكون النجاسة من أرواث الإبل وأبوالها، وأما الشافعية فلا يقيدونها بذلك.
المذاهب ليست مشهورة، فلينتبه لهذا.
وأما أدلة هذه المسألة فهي ترجع إلى مسألة بحثناها في فصل مستقل: وهي: هل يتعين الماء لإزالة النجاسة، أو أن النجاسة تزال بأي مزيل كان؟
فمن رأى أن النجاسة لا يزيلها إلا الماء المطلق منع إزالة النجاسة بالدلك، وأجاب عن حديث ذيل المرأة بما نقله ابن عبد البر في التمهيد، بأن المقصود به النجاسة اليابسة التي تعلق بالثوب، وهي نجاسة لا تتعدى، فالفرك يسقط النجاسة، والمحل لم يتنجس أصلاً، وقد نقلنا كلامه عند عرض الأقوال.
واعترض على هذا التفسير: بأن القشب اليابس لا يعلق بالثوب، وأي شيء يبقى حتى يقول صلى الله عليه وسلم: يطهره ما بعده.
وأجيب: بأن القشب قد يكون له غبار يعلق بالثوب، فإذا مر على ما بعده طهره
(1)
.
أو يقال: المراد يطهره الطهارة اللغوية، وليست الطهارة الشرعية
(2)
.
وهذا الجواب ليس بسديد؛ لأن غبار النجاسة ليس بنجس، ولم يقم دليل على أن الغبار منه ما هو طاهر ومنه ما هو نجس.
وأما حمل اللفظ على الطهارة اللغوية: أي النظافة، فالطهارة إذا جاءت من الشارع فهي على حقيقتها الشرعية، فالأصل في كلام الشارع حمله على الحقيقة الشرعية حتى يمنع من ذلك مانع، ولم يوجد مانع يمنع من ذلك.
ومن أجاز إزالة النجاسة بأي مزيل قالع للنجاسة أجاز إزالة النجاسة بالدلك.
(1)
مواهب الجليل (1/ 152).
(2)
حاشية الدسوقي (1/ 75).
ومن اشترط أن تكون النجاسة يابسة: رأى أن هناك إجماعاً أن النجاسة الرطبة على الخف لا يكفي في تطهيرها الدلك، كما نقله النووي عن الخطابي ونقلناه عن النووي
(1)
،
والحقيقة أن المسألة ليس فيها إجماع، والأحاديث مطلقة، تشمل الرطب واليابس، بل إن الحديث نص في الرطب.
(1711 - 239) فقد روى أحمد، قال: ثنا أبو كامل، ثنا زهير ـ يعنى ابن معاوية ـ ثنا عبد الله بن عيسى، عن موسى بن عبد الله، قال: وكان رجل صدق، عن امرأة من بني عبد الأشهل قالت: قلت:
يا رسول الله إن لنا طريقاً إلى المسجد منتنة فكيف نصنع إذا مطرنا؟ قال: أليس بعدها طريق هي أطيب منها؟ قالت: قلت: بلى قال: فهذه بهذه
(2)
.
[إسناده صحيح]
(3)
.
(1)
وكلام الخطابي موجود في معالم السنن، حيث يقول (1/ 102): وقال مالك: إن الأرض يطهر بعضها بعضاً، إنما هو أن يطأ الأرض القذرة، ثم يطأ الأرض اليابسة النظيفة، فإن بعضها يطهر بعضاً، فأما النجاسة مثل البول ونحوه يصيب الثوب أو بعض الجسد فإن ذلك لا يطهره إلا الغسل، قال: وهذا إجماع الأمة. اهـ
قلت: على التنزل بأن كلام الخطابي صحيح في أن الأرض النظيفة تطهر الأرض النجسة، فإذا أمكن تطهير نجاسة الأرض بالتراب، أمكن تطهير سائر النجاسات بالقياس. وأما قوله: إن النجاسة مثل البول تصيب الثوب أو البدن لا يطهرها إلا الغسل، فماذا يقول في الاستجمار، فإن الحجارة تطهر البول، وهو على البدن، فهذا كاف في خرق الإجماع المنقول، والله أعلم.
(2)
المسند (6/ 435).
(3)
سبق تخريجه، في كتاب آداب الخلاء، رقم (394)، والجهالة بالصحابية لا تضر. وله =
ومن قيد النجاسة بأن تكون في أرواث الدواب وأبوالها خاصة نظر إلى أن هذا النوع من النجاسة يشق الاحتراز منه، ويكثر في الطرقات فعفي عنها، وخفف في طهارتها بخلاف غيرها من النجاسات.
وما سبق ترجيحه هناك بأن النجاسة أياً كانت تزال بأي مزيل فهو الراجح هنا، والله أعلم.
= شاهد من حديث أم سلمة.