الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل من قال يكفي النضح فيهما:
قالوا: إن حكمهما بعد أن يطعما واحد وهو الغسل، فكذلك حكمهما قبل أن يطعما واحد وهو الاكتفاء بالرش، وهذا القول من أضعف ما قيل في المسألة، فلم يأخذ بالعموم في وجوب غسل الأبوال كلها من غير فرق بين بول الصبي والجارية، ولم يأخذ بأحاديث الباب في استثناء بول الغلام الذي لم يأكل الطعام، فأخذ ببعض الأحاديث الواردة في الغلام قبل أن يطعم، وألغى نص هذه الأحاديث في التفريق بين الغلام والجارية.
دليل ابن حزم على التفريق بين بول الذكر مطلقاً وبول الأنثى
.
لعله نظر إلى ظاهر الأحاديث، فوجد أن التفريق بين الغلام والجارية ثابت، والغلام في اللغة العربية الأصل فيه أنه يطلق على الصغير طعم أو لم يطعم، وقال الأزهري: سمعت العرب تقول للمولود حين يولد ذكراً غلام، وسمعتهم يقولون للكهل: غلام، وهو فاش في كلامهم
(1)
. اهـ هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالأحاديث المرفوعة لم تذكر قيد الإطعام.
فهذا حديث أبي السمح قال: يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام.
وحديث أم الفضل: إنما يغسل بول الجارية، ويصب على بول الغلام.
فعموم الأحاديث القولية لم تشترط الإطعام.
والأحاديث التي اشترطت عدم الإطعام إما موقوفة كما في أثر علي رضي الله عنه، وأثر أم سلمة، وابن حزم لا يحتج بقول الصحابي، وإما ضعيفة، وإما حكاية فعل لم يقصد فيها التقييد، كما في حديث أم قيس بنت
(1)
مختار الصحاح (ص: 234).
محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام، فهذا بيان واقع، ولم يقصد تقييد الحكم الشرعي فيها، ولهذا ذهب ابن حزم إلى التفريق بين بول الذكر وبين بول الأنثى، فالذكر صغيراً كان أو كبيراً ينضح بوله، والأنثى يغسل.
ويجاب على ابن حزم.
أولاً: فهم الصحابة رضوان الله عليهم بأن المقصود بالغلام الذي لم يطعم حجة على فهم غيرهم، نظراً لقربهم من الوحي، وملازمتهم للرسول صلى الله عليه وسلم، فهم أعلم الناس بمراد الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: عندنا أحاديث عامة في وجوب التنزه من البول، ووجوب غسله، كحديث ابن عباس، وحديث بول الأعرابي في المسجد، وهو متفق عليه، وعندنا أحاديث تستثني من ذلك بول الصبي الذي لم يطعم، فيكفي في طهارته النضح، فيبقى الحكم خاصاً بها، ويبقي ما عداه على وجوب غسله، والخاص دائماً مقدم على العام، والله أعلم.