الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل من قال بنجاسة الكلاب
.
الدليل الأول:
(1511 - 39) قال مسلم: حدثنا زهير بن حرب، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب
(1)
.
فقوله: " طهور إناء أحدكم " والطهور لا يكون إلا من حدث أو نجاسة، ولا يتصور وجود الحدث على الإناء، فدل على نجاسته.
(1512 - 40) وروى مسلم من طريق علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي رزين وأبي صالح،
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه، ثم ليغسله سبع مرار
(2)
.
وأجيب:
بأن الأمر بغسكمل الإناء من ولوغ الكلب إنما هو للتعبد، وليس للنجاسة، يؤيد ذلك أمور:
الأول: أمر بغسل الإناء مع أن الماء لم يتغير، وإنما ينجس الماء بالتغير بالنجاسة، فإذا وقعت نجاسة في الماء ولم تغيره لم ينجس على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهذا دليل على أن الأمر بغسلها إنما هو للتعبد.
(1)
صحيح مسلم (279).
(2)
صحيح مسلم (279).
ثانياً: اعتبار العدد في غسل نجاسة الكلب، مع أن دم الحيض أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بغسله بدون عدد كما في حديث أسماء المتفق عليه، فالأصل في النجاسة أن تغسل حتى تذهب عين النجاسة، فإذا ذهبت ذهب حكمها، فلما اعتبر العدد في غسل نجاسة الكلب، دل على أن الغسل للتعبد.
ثالثاً: استعمال التراب مع الماء على خلاف القياس في سائر النجاسات، كل هذا يدل على أن الأمر بغسلها إنما هو تعبدي.
رابعاً: أن قوله: " طهور إناء أحدكم " لا يدل على أن الإناء تنجس، قال ابن العربي:
فإن قيل: " روي عن النبي صلى الله عليه وسلم طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبعاً، والطهارة تقابل النجاسة، قلنا: لا يصح ما ذكرتم، بل يرد على المحل النجس وعلى الطاهر، قال الله تعالى:{وإن كنتم جنباً فاطهروا}
(1)
، وقال صلى الله عليه وسلم:" لا يقبل الله صلاة بغير طهور"
(2)
.
وليس هناك نجاسة، وقال في السواك في الفم:" السواك مطهرة للفم " وقال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}
(3)
، وحقيقة المسألة أن لفظ النجاسة يقتضي الطهارة، وأما لفظ الطهارة فلا يقتضي النجاسة
(4)
.
وأجيب:
أولاً: أن قوله "طهور إناء أحدكم " دليل على ثبوت النجاسة؛ إذ الطاهر ليس بحاجة إلى تطهير.
(1)
النساء: 43.
(2)
مسلم (224).
(3)
التوبة: 103.
(4)
عارضة الأحوذي (1/ 134 - 135).
ثانياً: أن قوله: " فليرقه " دليل على أن الماء تنجس، وإلا لما أمر بإفساد الماء وإراقته، وإذا ثبتت نجاسة لعابه، فعرقه وبوله ومنيه وسائر بدنه نجس من باب أولى؛ لأن فم الكلب أطهر ما فيه.،
والحق أن زيادة فليرقه في الحديث لا يثبتها أهل الحديث، ويرونها لفظة شاذة
(1)
،
ولكن يكفي قوله: " طهور إناء أحدكم " لإثبات نجاسة لعابه، فكذلك عرقه وبوله ومنيه وسائر بدنه.
(1)
قال النسائي في السنن (1/ 53): لا أعلم أحداً تابع علي بن مسهر على قوله: فليرقه.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (18/ 273): وأما هذا اللفظ من حديث الأعمش "فليهرقه " فلم يذكره أصحاب الأعمش الثقات الحفاظ مثل شعبة وغيره
وقال ابن مندة كما في فتح الباري (1/ 331)، وتلخيص الحبير (1/ 23): لا تعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه إلا من روايته.
وقال حمزة الكناني كما في فتح الباري (1/ 330): إنها غير محفوظة.
وعليه فقد تفرد علي بن مسهر بهذه اللفظة عن الأعمش، وقد رواه تسعة رواة عن الأعمش، ولم يذكروا ما ذكره علي بن مسهر، على رأسهم شعبة، وأبو معاوية وهو من أخص أصحاب الأعمش.
وقد قال أبو معاوية عن نفسه: البصراء كانوا عليَّ عيالاً عند الأعمش، قال هذا لأنه ضرير.
كما رواه عشرة رواة عن أبي هريرة، من غير طريق الأعمش، وليس فيه ذكر هذه الزيادة، على رأسهم الأعرج ومحمد بن سيرين، وهم من أخص أصحاب أبي هريرة.
فلا شك أن تفرد علي بن مسهر دون هؤلاء يوجب شذوذ هذه اللفظة؛ لأن علي بن مسهر قال فيه الحافظ في التقريب (4800) ثقة له غرائب بعد أن أضر " اهـ.
وقد خرجت الطرق التسعة عشر هذه في بحث سابق فأغناني عن إعادته هنا، انظر كتابي أحكام الطهارة (المياه والآنية) ص:363.