الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
في نجاسة دم الإنسان من عرق ونحوه
اختلف العلماء في نجاسة الدم،
فقيل: إنه نجس، وهو مذهب الأئمة الأربعة
(1)
،
إلا أنهم يرون العفو عن يسيره، على خلاف بينهم في مقدار اليسير:
فقيل: المرجع في تقدير القليل والكثير إلى العرف، فما اعتبره الناس كثيراً فهو كثير، وما عده الناس قليلاً فهو قليل، وهو قول في مذهب الحنفية
(2)
، وقول في مذهب الحنابلة
(3)
.
(1)
قال مالك في المدونة (1/ 20): " في الرجل يصلي وفي ثوبه دم يسير من دم حيضة أو غيره، فيراه وهو في الصلاة، قال: يمضي على صلاته ولا يبالي ألا ينزعه، ولو نزعه لم أر به بأساً، وإن كان دماً كثيراً كان دم حيضة أو غيره نزعه، واستأنف الصلاة من أولها بإقامة، ولا يبني على شيء مما صلى .... الخ آخر كلامه رحمه الله.
وقال الشافعي في الأم (1/ 67): وفي هذا دليل على أن دم الحيض نجس، وكذا كل دم غيره".
وقال ابن تيمية: لما سئل أحمد الدم والقيح عندك سواء، قال: الدم لم يختلف الناس فيه، والقيح قد اختلف الناس فيه". اهـ أنظر شرح العمدة (1/ 105)، إغاثة اللهفان (1/ 151).
وانظر الأوسط لابن المنذر (2/ 153)، أحكام القرآن للجصاص (1/ 51)، الاجماع لابن حزم، والمحلى (7/ 389).
(2)
جاء في بدائع الصنائع (1/ 80): " روي عن أبي يوسف أنه قال: سألت أبا حنيفة عن الكثير الفاحش، فكره أن يحد له حداً، وقال: الكثير الفاحش ما يستفحشه الناس، ويستكثرونه ".
(3)
الإنصاف (1/ 336).
وقيل: القليل: ما دون الدرهم، والكثير ما زاد عنه، وحقيقة الدرهم عند الحنفية هو الدرهم المالي
(1)
، وعند المالكية الدرهم البغلي
(2)
.
وقيل: كل شخص بحسبه، فما فحش بنفسه فهو كثير، والقليل: ما لم يفحش، فيكون التقدير راجعاً إلى الشخص نفسه، وهذا هو الأصل المروي عن أبي حنيفة
(3)
، ونص عليه الإمام أحمد
(4)
.
وفيه أقوال أخرى في تقدير القليل والكثير لا دليل عليها، سنتعرض لها إن شاء الله تعالى في باب العفو عن النجاسات.
وقيل: دم العرق من الإنسان طاهر، اختاره بعض المتكلمين
(5)
، ورحجه الشوكاني
(6)
.
(1)
بدائع الصنائع (1/ 80)، البناية على الهداية (1/ 733)، وقد قدروا الدرهم بمقدار عرض الكف، وقيل الدرهم مقداره مثقال، ومنهم من جمع بين القولين، فقال: إن التقدير بالوزن بالنسبة للنجاسة الجامدة، وبالعرض والمساحة بالنسبة للنجاسة المائعة.
(2)
حاشية الدسوقي (1/ 72)، المنتقى للباجي (1/ 55)، أحكام القرآن لابن العربي (2/ 76).
(3)
حاشية ابن عابدين (1/ 221)
(4)
جاء في مسائل أحمد رواية عبد الله (1/ 75): قرأت على أبي: كل ما خرج من السبيلين ففي قليله وكثيره الوضوء، وإذا كان من الجسد، فإذا كان فاحشاً أعاد، وإن لم يكن فاحشاً لم يعد. قلت: ما الفاحش عندك؟ قال: ما يفحش عند الرجل، ما أحده بأكثر من هذا. اهـ
وقال ابن عبد البر في التمهيد (22/ 230): وهذا إجماع من المسلمين أن الدم المسفوح رجس نجس، إلا أن المسفوح وإن كان أصله الجاري في اللغة، فإن المعنى فيه في الشريعة الكثير، إذ القليل لا يكون مسفوحاً، فإذا سقطت من الدم الجاري نقطة في ثوب أو بدن لم يكن حكمها حكم المسفوح الكثير، وكان حكمها حكم القليل، ولم يلتفت إلى أصلها في اللغة" أهـ
(5)
المجموع (2/ 576).
(6)
الدراري المضية (1/ 26)، وتبعه صديق خان في الروضة الندية (1/ 81).