الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن أبيه قال كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك
(1)
.
وأجيب:
بأن بوله لن يكون أطهر من ريقه، وقد حكمنا على ريقه بالنجاسة كما في الحديث المتفق على صحته في غسل الإناء من ولوغ الكلب، ولكن عدم تطهير المكان من بول الكلب إما لكون الشمس حارة في بلاد الحجاز، فكانت تطهر الأرض بالاستحالة، فإذا أذهبت الشمس النجاسة لوناً وطعماً وريحاً فقد طهر المكان، وربما كان مرور الكلاب ليس في موضع مصلى المسلمين، بل في مؤخرة المسجد، فكان الأمر لا يتطلب المبادرة إلى تطهيره بالماء، بل يترك حتى تطهره الشمس.
وقد يقال: إن هذا الأمر كان في أول الإسلام، خاصة أن في بعض ألفاظه أن ابن عمر كان شاباً عزباً، وكان ينام في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تزوج ابن عمر في حياته صلى الله عليه وسلم كما في قصة طلاق ابن عمر للمرأة الحائض في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث في الصحيحين.
الدليل الثالث:
(1548 - 76) روى البخاري تعليقاً، قال: صلى أبو موسى في دار البريد والسرقين والبرية إلى جنبه فقال هاهنا وثم سواء
(2)
.
(1)
صحيح البخاري (174)، قال الحافظ في الفتح: زاد أبو نعيم والبيهقي في روايتهما لهذا الحديث من طريق أحمد بن شبيب المذكور موصولاً بصريح التحديث.
(2)
رواه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم، في كتاب الوضوء، في باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها. =
وجه الاستدلال:
أن أبا موسى صلى على السرقين في دار البريد، وكانت تربط فيها الدواب ذوات الحوافر من خيل وبغال وحمير، ولو كان نجساً لما صلى عليه.
وأجيب:
أولاً: أن هذه الدواب التي ترد إلى البريد طاهرة، لأنها إما خيل وإبل فأكلها حلال، فكذلك بولها، وإما بغال وحمر فهي طاهرة لمشقة التحرز منها
= قال الحافظ في الفتح (1/ 336): وهذا الأثر وصله أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة له، قال: حدثنا الأعمش، عن مالك بن الحارث هو السلمي الكوفي، عن أبيه، قال: صلى بنا أبو موسى في دار البريد، وهناك سرقين الدواب والبرية على الباب، فقالوا: لو صليت على الباب فذكره. اهـ
قلت: بل أخرجه عبد الرزاق في المصنف (1606).
وقال في تغليق التعليق (2/ 141): ذكره البخاري في تاريخه عن أبي نعيم، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن وكيع، عن الأعمش نحوه.
وقال أيضا: حدثنا محمد بن عبيد، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن أبيه قال: كنا مع أبي موسى بعين التمر في دار البريد، فأذن وأقام، فقلنا له: لو خرجت إلى البرية، فقال: ذاك وذا سواء.
ومالك بن الحارث هو السلمي روى له مسلم من حديث الأعمش عنه، ووثقه يحيى بن معين، وأبوه ذكره ابن حبان في الثقات.
قلت روايتا ابن أبي شيبة التي أشار إليها الحافظ رحمه الله تعالى هي في المصنف، فأما روايته عن محمد بن عبيد فهي في (1/ 198)، رقم 2268، وقد ذكر الحافظ لفظها.
وأما رواية ابن أبي شيبة، عن وكيع، عن الأعمش به، فهي في (2/ 169) بلفظ: كنا مع أبي موسى في دار البريد، فحضرت الصلاة، فصلى بنا على روث ونتن، فقلنا: تصلي بنا هنا، والبرية إلى جنبك، فقال: البرية وهاهنا سواء. اهـ
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (1606) عن الثوري، عن الأعمش به.
ورواه ابن المنذر في الأوسط (2/ 196) من طريق شريك، عن الأعمش به.