الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الرابع
في كيفية الطهارة من بول الكلب ورجيعه
لو بال الكلب في الإناء، فهل يجب أن يغسل سبع مرات مع التراب، أو أن هذا مقصور على الولوغ فقط؟
اختلف العلماء في هذا.
فقيل: يجب التسبيع مع التراب في نجاسة الكلب مطلقاً، سواء كانت من بوله أو عَرَقِه أو ريقه أو غيرها، وهذا هو أصح الوجهين في مذهب الشافعية
(1)
، والمشهور من مذهب الحنابلة
(2)
.
وقيل: التسبيع خاص بالولوغ فقط، وهو وجه في مذهب الشافعية
(3)
.
وأما مذهب الحنفية والمالكية فهم لا يقولون بالتتريب أصلاً، لا في الولوغ ولا في غيره.
دليل من قال: يجب التسبيع من نجاسة الكلب مطلقاً:
قالوا: إذا كان ريق الكلب نجساً، ويغسل منه الإناء سبعاً، فما بالك ببوله الذي هو أخبث وأنتن من ريقه؟
دليل من قال: التسبيع خاص بالولوغ:
الأصل في النجاسات أن تغسل حتى تذهب عين النجاسة، لا فرق في
(1)
مغني المحتاج (1/ 83 - 84)، روضة الطالبين (1/ 32).
(2)
الإنصاف (1/ 310 - 312)، كشاف القناع (1/ 209)، الفروع (1/ 235 - 236).
(3)
انظر المراجع التي أحلنا عليها في القول الأول.
ذلك بين الدم والبول والسؤر النجس وغيرها من النجاسات، وسواء كانت هذه النجاسة من الإنسان أوالحيوان، وورد في النص النبوي وجوب التسبيع والتتريب من ولوغ الكلب خاصة، وما كان ربك نسياً، والرسول صلى الله عليه وسلم قد أعطي جوامع الكلم، فلما خص الولوغ بهذه الأحكام دون سائر النجاسات، دل على اختصاصه بذلك، وأما بوله وروثه فحكمه حكم سائر النجاسات من بول الآدمي وغائطه وحكم دم الحيض وغيره من النجاسات، وهو الغسل حتى تذهب عين النجاسة، ومن قال بوجوب غسلها سبعاً مع التراب فعليه الدليل، وقد يكون في الريق معنى لا يوجد في البول والدم وغيرهما، والله سبحانه وتعالى أعلم بما خلق، فقد يوجد في ريق الكلب نوع من الجراثيم لا يطهره إلا التراب، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن في أحد جناحي الذباب داء، وفي الآخر شفاء، مع تماثل الجناحين خِلْقَة، ومع ذلك لم يتماثلا حكماً، وكون ريق الكلب نجساً، وبوله نجساً لا يعني تماثلهما في طريقة التطهير، وانظر إلى بول الصبي وبول الجارية، فمع نجاستهما لم يتحدا في التطهير، فإذا فارقت نجاسة من النجاسات غيرها في طريقة التطهير قصرنا الحكم عليها حتى يوجد دليل صريح على تعدية الحكم إلى غيرها، ولا دليل على تعدية الحكم إلى بول الكلب وروثه وعرقه إلا القياس على ريقه، والقياس في مثل هذا ضعيف.
وهذا القول هو الراجح لقوة دليله، والله أعلم.