الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجمع بينهما حصول الطهارة المستيقنة.
قال ابن قدامة: " فأما الغسلة الثامنة فالصحيح أنها لا تقوم مقام التراب؛ لأنه إن كان القصد به تقوية الماء في الإزالة، فلا يحصل ذلك بالثامنة؛ لأن الجمع بينهما أبلغ في الإزالة، وإن وجب تعبداً امتنع إبداله والقياس عليه"
(1)
.
وقال العراقي: " وأما من قال من أصحابنا يكفي؛ لأن الماء أبلغ في التطهير من التراب فمردود؛ لأنه لا يجوز أن يستنبط من النص معنى يعود عليه بالإبطال "
(2)
.
دليل من قال: يكفي إذا فقد التراب:
أن الواجب هو التراب، فإذا تعذر فإما أن نقول: إنه يسقط التراب إلى غير بدل، أو يسقط إلى بدل وهو الغسلة الثامنة، ولو كانت الغسلة السابعة كافية في التطهير لما أوجب التراب، فالإناء بعد غسله سبع مرات ما زال نجساً، يحتاج إلى التراب، وقد تعذر التراب فأقمنا الغسلة الثامنة مقامه، والله أعلم.
الراجح والله أعلم، أن الغسلة الثامنة لا تقوم مقام التراب، ولو غسل الإناء مائة مرة، لأن الماء قد عمل عمله بغسله سبع غسلات، ولا معنى لتكرار غسله بالماء، وقد امتثل المطلوب، فالمعنى الذي في التراب ليس موجوداً في الماء مهما كان تكراره، وليس الهدف فقط هو النظافة، بل الهدف هو تطهير من نوع خاص.
(1)
المغني (1/ 46).
(2)
طرح التثريب (1/ 133 - 134).
فالبول إذا غسلته مرة واحدة ذهبت بالنجاسة، فغسله مرة ثانية لا معنى لذلك، فالمحل قد طهر، وإذا كررت الغسل كان ذلك لمعنى لا يرجع إلى النجاسة، فإنها قد ذهبت، وإنما مبالغة في النظافة، وهو غير ذهاب النجاسة، فكذلك إذا غسلته سبع مرات، فلا معنى لوجود غسلة ثامنة أو عاشرة أو غيرهما؛ لأن الماء قد نظف المحل فيما يختص بالماء، وبقي معنى لا يذهب إلا بالتراب، وكأن التراب بمثابة التعقيم والوقاية من أمراض قد تكون موجودة في الإناء لا يذهب بها الماء، وإنما تحتاج إلى التراب لقطعها، وبالتالي إذا لم يوجد التراب فلا داعي لتكرار الماء، وإنما الانتظار حتى يتوفر التراب وإن اضطر إلى استعمال الإناء فلا حرج فيه لسقوط التراب لتعذره، وذلك لأن الواجبات إنما تجب بشرط القدرة، ولم يقدر على التراب فسقط، نعم لو كان هناك ما يقوم مقام التراب من صابون ونحوه ربما كان وجوده يضيف إلى الإناء شيئاً ليس موجوداً في الماء بخلاف تكرار الماء، والله أعلم.