الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس (*)
فيما قطع من البهيمة وهي حية
إذا انفصل من الحيوان عضو حال الحياة فما حكم هذا المنفصل؟ هل يعتبر طاهراً أو نجساً؟.
وقبل الجواب على هذا نشير إلى أننا تكلمنا عن الشعر والصوف والوبر والعظم والقرن والظفر، وذكرنا خلاف العلماء في هذا، فلا نريد أن نعيد الكلام على ذلك، وإنما المقصود فيما انفصل من الحيوان غير هذه، كالكرش والأمعاء والشحم والأذن والأنف واليد والرجل ونحوها تنفصل بلا تذكية شرعية.
فهذه الأشياء إذا انفصلت من الحي فلها حكم ميتته، فإن كانت ميتته طاهرة إجماعاً كانت هذه الأجزاء طاهرة إجماعاً، وإن كانت ميتته نجسة اتفاقاً كانت منه نجسة كذلك، وإن كانت ميتته مختلفاً فيها كان الخلاف في أجزائها كذلك، فمن رجح طهارة ميتته حكم بطهارتها، ومن رجح نجاسة ميتته رجح نجاستها، وهكذا.
فالسمك والجراد مجمع على طهارة ميتتهما، فالعضو المبان منهما حال الحياة طاهر.
والعجب أن النووي قد ساق خلافاً في العضو المبان من السمك مع الاتفاق على طهارة ميتته
(1)
.
(1)
قال النووي في المجموع (2/ 581): وأما العضو المبان من السمك والجراد والآدمي كيده ورجله وظفره ومشيمة الآدمي ففيها كلها وجهان: =
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا المبحث لم يذكره المؤلف - حفظه الله - في الخطة التي يقدمها قبل كل بحث، ولهذا جاء المبحث التالي له برقم (المبحث الخامس) أيضا، وهو المذكور في الخطة، وهذا ما ذكره المؤلف - حفظه الله - في مقدمة هذا الجزء (جـ 13) صـ 7 عند استعراض خطة البحث:
الفصل الثالث: في أجزاء الميتة.
المبحث الأول: في عظم الميتة وقرنها وحافرها.
المبحث الثاني: في شعر الميتة وريشها ووبرها.
المبحث الثالث: في جلد الميتة.
المبحث الرابع: في عصب الحيوان.
المبحث الخامس: في لبن الميتة.
وما أجمع على نجاسة ميتته مما له نفس سائلة غير الآدمي والسمك كالإبل والغنم والبقر فإن العضو المبان منها نجس، وحكي الإجماع على نجاسته
(1)
.
قال النووي: العضو المنفصل من حيوان حي - كألية الشاة وسنام البعير وذنب البقرة والأذن واليد وغير ذلك- نجس بالإجماع
(2)
.
وما اختلف في نجاسة ميتته - كالآدمي وما لا نفس له سائلة - فما انفصل منه حال الحياة يكون على الخلاف
(3)
.
= أصحهما طهارتها، وهو الذي صححه الخراسانيون كميتاتها.
والثاني: نجاستها، وإنما يحكم بطهارة الجملة لحرمتها، وبهذا قطع العراقيون أو جمهورهم في يد الآدمي وسائر أعضائه، وتكرر نقل القاضي أبي الطيب الاتفاق على نجاسة يد السارق، وغيره إذا قطعت أو سقطت، ونقل القاضي أيضا الاتفاق على نجاسة مشيمة الآدمي، والصحيح الطهارة كما ذكرناه، وأما مشيمة الآدمي فنجسة بلا خلاف كما في سائر أجزائه المنفصلة في حياته، والله أعلم.
(1)
قال الكاساني في بدائع الصنائع (1/ 133): إن كان المبان جزءاً فيه دم كاليد والأذن والأنف ونحوها فهو نجس بالإجماع، وإن لم يكن فيه دم كالشعر والصوف والظفر ونحوه فهو على الاختلاف. اهـ
(2)
المجموع (2/ 580).
(3)
قال ابن قدامة في المغني (8/ 258): ومن ألصق أذنه بعد إبانتها، أو سنه، فهل تلزمه إبانتها؟ فيه وجهان، مبنيان على الروايتين، فيما بان من الآدمي، هل هو نجس أو طاهر؟ إن قلنا: هو نجس لزمته إزالتها، ما لم يخف الضرر بإزالتها، كما لو جبر عظمه بعظم نجس. وإن قلنا بطهارتها لم تلزمه إزالتها. وهذا اختيار أبي بكر، وقول عطاء بن أبي رباح، وعطاء الخراساني، وهو الصحيح; لأنه جزء آدمي طاهر في حياته وموته، فكان طاهرا كحالة اتصاله. اهـ وانظر من المغني أيضاً (1/ 42). =