الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس
في مذاهب العلماء في العفو عن النجاسات
في معرض ذكر النجاسة المعفو عنها في كل مذهب لا حاجة لنا في بيان أن بعض الأعيان المعتبرة في بعض المذهب نجسة، هي في راجح الأمر من الأعيان الطاهرة؛ أو العكس؛ لأنه يفترض أننا قد حرر فيما سبق الراجح في كل الأعيان المختلف في طهارتها، سواء كان من إنسان أو حيوان أو جماد في الأبواب التي قبل هذا الفصل، وإنما أوردنا في هذا الفصل سرد النجاسات المعفو عنها في كل مذهب، فإن أردت أن تعرف هل النجاسة المذكورة في هذا المذهب هي حقاً من الأعيان النجسة أو الطاهرة فارجع إلى باب ذكر الأعيان النجسة، وراجع خلاف العلماء ومعرفة الراجح.
القول الأول: مذهب الحنفية:
ذهب الحنفية إلى العفو عن قليل النجاسة مطلقاً في حق المصلي في بدنه وثوبه وبقعته، إلا أن تقديرهم للقليل يختلف من نجاسة إلى أخرى،
فتقدير القليل في النجاسة المخففة: هو ما لم يفحش.
وتقدير القليل في النجاسة المغلظة: هو قدر الدرهم
(1)
.
(1)
جاء في حاشية ابن عابدين (1/ 318) والبحر الرائق (1/ 240) أن المغلظة عند أبي حنيفة: ما ورد فيها نص لم يعارض بنص آخر، فإن عورض بنص آخر فمخفف.
مثاله: دم الحيض نجس مغلظ؛ لورود النص على نجاسته، ولم يعارض بنص آخر.
بينما بول ما يؤكل لحمه نجس مخفف؛ لأن حديث استنزهوا من البول يدل على نجاسته، وحديث العرنيين يدل على طهارته، فلما عورض بنص آخر دل على أن نجاسته مخففة. =
ويستدلون بأدلة منها:
أولاً: أن الاستنجاء والاستجمار ليس بواجب عندهم، ومعنى هذا أنه يعفى عن غسل النجاسة من بول أو غائط في مكانه المعتاد.
وقد نوقشت هذه المسألة في باب مستقل في كتاب أحكام الطهارة " آداب الخلاء " وترجح أن الاستنجاء أو الاستجمار واجب.
ويستدلون أيضاً بالعفو عن الأثر المتبقي بعد الاستجمار، وهو أثر لا يزيله إلا الماء، ومع ذلك عفي عنه، وهو دليل على العفو عن قليل النجاسة.
ويعفى عن النجاسة الكثيرة إن كانت في بقعة المصلي في موضع اليدين والركبتين؛ لأن وضعهما في حال السجود ليس بركن، ولا يعفى عن كثير النجاسة في موضع قدم المصلي لأن القيام ركن.
وأما في موضع السجود فاختلف في العفو عن النجاسة الكثيرة على قولين.
فقيل: لا يعفى؛ لأن الجبهة أكبر من الدرهم.
وقيل: يعفى؛ لأن فرض السجود يؤدى بقدر أرنبة الأنف، وهي أقل من الدرهم.
والتفريق بين الركن والواجب تفريق بلا دليل
كما يعفى عن النجاسة المنتضحة كرؤوس الإبر، وإن كثرت بشرط ألا
= وذهب أبو يوسف ومحمد إلى أن النجاسة المغلظة: ما أجمع على نجاسته. والمخفف: ما اختلف الأئمة في نجاسته. فروث ما يؤكل لحمه مغلظ عند أبي حنيفة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم " إنها ركس" ولم يعارض بنص آخر.
والروث عند صاحبيه مخفف لقول مالك وأحمد بطهارته.