الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس
في كيفية تطهير بعض النجاسات المخصوصة
المبحث الأول
في كيفية التطهير من ولوغ الكلب
الفرع الأول
في عدد الغسلات من نجاسة الكلب
سبق لنا الخلاف في عين الكلب، وهل هو حيوان طاهر أو نجس، وذكرنا قولين في المسألة:
أحدهما: أن الكلب طاهر العين، وهو قول أبي حنيفة
(1)
، ومذهب المالكية
(2)
،
(1)
لا خلاف عند الحنفية في نجاسة لحم الكلب، ولا في نجاسة سؤره، وإنما الخلاف عندهم في نجاسة عينه، فالقول بطهارة عينه هو قول أبي حنيفة، والقول بنجاستها هو قول أبي يوسف ومحمد، وتظهر ثمرة الخلاف فيما لو وقع الكلب في بئر وأخرج حياً، فعند أبي حنيفة الماء طاهر، وعند صاحبيه الماء نجس.
وكذلك فيما لو انتفض الكلب المبتل بالماء، فأصاب رشاشه ثوب أحد أو بدنه، فعلى رواية أبي حنيفة الثوب والبدن طاهران، وعلى رواية صاحبيه أنهما نجسان، وهكذا، انظر البناية (1/ 367، 435)، فتح القدير (1/ 93 - 102)، البحر الرائق (1/ 106 - 108)، حاشية ابن عابدين (1/ 208)، بدائع الصنائع (1/ 63).
(2)
المدونة (1/ 5، 6)، الاستذكار (1/ 208، 211)، والتمهيد (18/ 271، 272)، الشرح الكبير بحاشية الدسوقي (1/ 50)، الجامع لأحكام القرآن (13/ 45).
وقول الزهري
(1)
، واختاره داود الظاهري
(2)
.
والثاني: أن الكلب نجس العين، معلمه وغير معلمه، وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية
(3)
، والمعتمد في مذهب الشافعية
(4)
، والحنابلة
(5)
.
وقد ذكرنا أدلة الفريقين، ورجحنا أن الكلب عينه نجسة.
وقد اختلف القائلون بنجاسة الكلب، في كيفية تطهير الأواني من ولوغه،
فقيل: يجب غسل النجاسة ثلاث مرات، من غير فرق بين نجاسة الكلب وبين غيره من النجاسات غير المرئية
(6)
.
وقيل: يندب غسل الإناء تعبداً من ولوغ الكلب سبع مرات، ولا يستحب التتريب، كما يندب إراقة الماء الذي في الإناء دون الأحواض ولا يجب، ولا يراق الطعام الذي ولغ فيه الكلب، وهذا مذهب المالكية، وإنما
(1)
المجموع (2/ 585).
(2)
المجموع (2/ 585)، الاستذكار (1/ 211)، حلية العلماء (1/ 313).
(3)
انظر الإحالة على مذهب الحنفية في القول الأول.
(4)
الأم (1/ 5، 6)، الوسيط (1/ 309، 338)، المجموع (2/ 585)، روضة الطالبين (1/ 31)، مغني المحتاج (1/ 78).
(5)
الفروع (1/ 235)، الكافي لابن قدامة (1/ 89)، المحرر (1/ 87)، الإنصاف (1/ 310)، رؤوس المسائل (1/ 89).
(6)
تبيين الحقائق (1/ 75)، بدائع الصنائع (1/ 88)، مراقي الفلاح (ص: 64). الاختيار لتعليل المختار (1/ 35،36). شرح فتح القدير (1/ 209).
قالوا: إن غسله تعبدي لأنهم يرون طهارة عين الكلب
(1)
.
وقول الحنفية والمالكية أنه يغسل بدون إضافة التراب.
وقيل: يجب غسل الإناء سبع مرات، إحداهن بالتراب، وهو مذهب الشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
.
وقيل: يجب غسله ثمان مرات، إحداهن بالتراب، وهو قول في مذهب الحنابلة
(4)
.
(1)
قال في الشرح الكبير (1/ 83): وندب غسل إناء ماء ويراق ذلك ندباً لا إناء طعام فلا يندب غسله ولا إراقته، بل يحرم لما فيه من إضاعة المال، إلا أن يريقه لكلب أو بهيمة فلا يحرم، ولا حوض فلا يندب غسل ولا يراق.
وقال في حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير (1/ 83) اعلم أن كون الغسل تعبداً هو المشهور، وإنما حكم بكونه تعبداً لطهارة الكلب، ولذلك لم يطلب الغسل في الخنزير،
وقيل: إن نَدْبَ الغسل معلل بقذارة الكلب.
وقيل: لنجاسته إلا أن الماء لما لم يتغير قلنا بعدم وجوب الغسل، فلو تغير لوجب.
وعلى هذين القولين يلحق الخنزير بالكلب في ندب غسل الإناء من ولوغه، وعلى القول الأول يجوز شرب ذلك الماء، ولا ينبغي الوضوء به إذا وجد غيره للخلاف في نجاسته.
وعلى القول بالنجاسة فلا يجوز شربه ولا الوضوء به.
(2)
الأم (1/ 5، 6)، الوسيط (1/ 309، 338)، المجموع (2/ 585)، روضة الطالبين (1/ 32)، مغني المحتاج (1/ 78).
(3)
الفروع (1/ 235)، الكافي لابن قدامة (1/ 89)، المحرر (1/ 87)، الإنصاف (1/ 310)، رؤوس المسائل (1/ 89).
(4)
الفروع (1/ 235)، الإنصاف (1/ 310).