الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
في شعر الميتة وريشها ووبرها
إذا كان هذا الشعر والوبر قد جُزَّ من حيوان طاهر، وهو حي، فإنه طاهر بالإجماع
(1)
، أما إذا كان الشعر والوبر والصوف من حيوان ميت، فقد اختلف العلماء في ذلك:
فقيل: إذا جز الشعر والوبر والصوف والريش من الحيوان فهو طاهر، سواء كان من حيوان طاهر أم نجس، وهو مذهب الحنفية
(2)
، والمالكية
(3)
، ورواية عن أحمد
(4)
، إلا أن الحنفية استثنوا شعر الخنزير فقط.
(1)
نقل الإجماع على ذلك النووي في المجموع (1/ 296)، وابن رشد في بداية المجتهد (2/ 183)، وابن تيمية في الفتاوى (21/ 98).
(2)
البناية على الهداية (1/ 377)، البحر الرائق (1/ 112)، أحكام القرآن للجصاص (1/ 170،171)، تبيين الحقائق (1/ 26)، العناية شريح الهداية (1/ 96)، الجوهرة النيرة (1/ 16)، شرح فتح القدير (1/ 96)، الفتاوى الهندية (1/ 24)، مجمع الأنهر في ملتقى الأبحر (1/ 32،33)، حاشية ابن عابدين (1/ 206).
(3)
حاشية الدسوقي (1/ 46، 47)، المنتقى (1/ 180)، تفسير القرطبي (2/ 219)، أحكام القرآن لابن العربي (3/ 150)، مواهب الجليل (1/ 89)، حاشية العدوي (1/ 584)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 50،51)، هذا قولهم في الشعر والوبر والصوف، وأما الريش من الميتة، فقد ذكر ابن عبد البر في الكافي مذهب المالكية، فقال:(ص: 189) لا يجوز الانتفاع بريش الميتة"، ونص على ذلك ابن الجلاب في التفريع (1/ 408)، واستثنى الباجي في المنتقى (3/ 137) الريش الذي لا سنخ له، مثل الزغب ونحوه.
(4)
الفتاوى الكبرى لابن تيمية (1/ 263)، مجموع الفتاوى (21/ 617).
وقيل: إن كان الحيوان طاهراً في الحياة ولو كان غير مأكول، فشعره طاهر، وإن كان الحيوان نجساً فالشعر تبع له، وهو المشهور من مذهب الحنابلة
(1)
.
وقيل: إن الشعر والوبر والصوف من الميتة نجس إلا شعر الآدمي، وهو المشهور مذهب الشافعية
(2)
، ورواية عن أحمد
(3)
.
وقيل: صوف الميتة وشعرها ووبرها نجس قبل الدباغ طاهر بعده، وهو اختيار ابن حزم
(4)
.
واشترط من قال بطهارته أن يجز جزاً.
قال ابن نجيم: شعر الميتة إنما يكون طاهراً إذا كان محلوقاً، أو مجزوزاً، وإن كان منتوفاً فهو نجس
(5)
.
وقال الدردير: والمقصود بالجز: ما يقابل النتف، فيشمل الحلق والإزالة بالنورة، فلو جزت بعد النتف، فالأصل الذي فيه أجزاء الجلد نجس، والباقي طاهر
(6)
.
(1)
الإنصاف (1/ 92)، المبدع (1/ 76)، الفروع (1/ 78)، الكافي (1/ 20)، كشاف القناع (1/ 57)، مجموع الفتاوى (21/ 617)، المغني (1/ 60).
(2)
المجموع (1/ 291)، المهذب (1/ 11)، حلية العلماء (1/ 96)، روضة الطالبين (1/ 15، 43).
(3)
الإنصاف (1/ 92)، الفروع (1/ 77، 78).
(4)
المحلى (1/ 128).
(5)
البحر الرائق (1/ 113).
(6)
الشرح الكبير (1/ 49).
وقد ذكرنا أدلة كل قول في بحث مستقل، في كتابي أحكام الطهارة (أحكام المياه والآنية)
(1)
فأغنى عن إعادته هنا.
وقد ترجح لي أن رأي الحنفية والمالكية أقوى من حيث الدليل، وأن الشعر لا تدخله الحياة الحيوانية، والحياة النباتية لا تكفي لتنجيسه إذا فارقها، وأنه لا فرق بين شعر الحيوان الطاهر بالحياة والحيوان النجس، ومن استثنى شعر الكلب أو الخنزير إن كان في ذلك إجماع فالدليل الإجماع، وإن لم يصح في المسألة إجماع فلا فرق بين شعره وشعر غيره، وبهذا يتبن لنا أن الميتة ثلاثة أقسام:
نجس مطلقاً لا يطهر بحال، وهو اللحم والدم.
وطاهر مطلقاً، وهو الشعر والوبر والصوف إذا جز جزاً.
وطاهر بشرط الدباغ، وهو الجلد.
وهناك قول آخر لم أذكره لأنه راجع إلى أحد الأقوال السابقة، وهو أن الشعر طاهر بعد الغسل، وهو مروي عن عطاء والحسن والأوزاعي كما ذكر ذلك عنهما ابن قدامة والنووي، وهذا المذهب يرجع إلى قول من قال بطهارة الشعر؛ لأن الشعر والوبر والصوف لو كان نجس العين لما طهره الغسل. والله أعلم.
(1)
(ص: 553).