الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظاهراً شائعاً بينهم، وما ينقل عن بعضهم من كراهة ذلك ففيه نظر؛ فإنه من نقل بعض الحجازيين، وفيه نظر، وأهل العراق كانوا أعلم بهذا؛ فإن المجوس كانوا ببلادهم، ولم يكونوا بأرض الحجاز
(1)
.
وفي طهارة الأنفحة خلاف، وسوف تناقش الآثار الواردة في طهارة الأنفحة في فصل مستقل - إن شاء الله تعالى - فانظره في بابه.
دليل من قال بالنجاسة:
الدليل الأول:
قال تعالى: {حرمت عليكم الميتة}
(2)
.
وهذا عام في جميع أجزاء الميتة، ومنه لبنها.
وأجيب:
بأن اللبن ليس جزءاً من الميتة، وقد تبين أنه إذا انفصل عنها في حال الحياة جاز شربه إجماعاً، ولو كان جزءاً منها لأعطي حكم ميتته، ثم إن أجزاء الميتة ليست على درجة واحدة، فمنه الشعر والوبر والصوف، فهذا طاهر على الصحيح.
ومنه الجلد، فهذا يطهر بالدباغ.
ومنه اللحم فهذا محرم الأكل، وحكي الإجماع على نجاسته.
الدليل الثاني:
أنه لبن طاهر في ذاته، ولكنه تنجس لنجاسة الوعاء، فهو بمنزلة لبن طاهر
(1)
مجموع الفتاوى (21/ 103).
(2)
المائدة: 3.
صب في قصعة نجسة.
قال ابن تيمية: واللبن والإنفحة لم يموتا، وإنما نجسهما من نجسهما لكونهما في وعاء نجس، فالتنجس مبني على مقدمتين: على أن المائع لاقى وعاء نجساً، وعلى أنه إذا كان كذلك صار نجساً
(1)
.
وأجيب:
قال أبو بكر الجصاص: إن قيل: ما الفرق بينه وبين ما لو حلب من شاة حية ثم جعل في وعاء نجس وبين ما إذا كان في ضرع الميتة؟
قيل: الفرق بينهما أن موضع الخلقة لا ينجس ما جاوره بما حدث فيه خلقة. والدليل على ذلك اتفاق المسلمين على جواز أكل اللحم بما فيه من العروق مع مجاورة الدم لدواخلها من غير تطهير ولا غسل لذلك، فدل ذلك على أن موضع الخلقة لا ينجس بالمجاورة لما خلق فيه.
ودليل آخر، وهو قوله:{من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين}
(2)
، فهذا إخبار بخروجه من بين فرث ودم، وهما نجسان مع الحكم بطهارته، ولم تكن مجاورته لهما موجبة لتنجيسه; لأنه موضع الخلقة، كذلك كونه في ضرع ميتة لا يوجب تنجيسه
(3)
.
وقال مثله ابن تيمية، قال: هذا القول مبني على مقدمتين: على أن المائع لاقى وعاء نجساً، وعلى أنه إذا كان كذلك صار نجساً.
فيقال: لا نسلم أن المائع ينجس بملاقاة النجاسة، وقد تقدم أن السنة
(1)
مجموع الفتاوى (21/ 103).
(2)
النحل: 66.
(3)
أحكام القرآن للجصاص (1/ 169).