الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجيب:
لا نسلم أن الأحداث الموجبة للطهارة كلها نجسة، فالريح طاهرة، ومع ذلك هي حدث إجماعاً، ولم يوجب كونها حدثاً أن يستنجى منها، ولا أن تغسل الثياب والأبدان بسببها.
ولو غيب ذكره في الفرج الحلال دون إنزال وجب عليه الغسل بينما لو غيب ذكره في دم خنزير أو عذرة، لم يجب عليه غسل.
فدل على إن إيجاب الغسل ليس معناه نجاسة المني، وإلا لوجب الغسل من البول والغائط، للإجماع على نجاستهما.
الدليل الثامن:
قياس المني على المذي، قال الباجي: دليلنا من جهة القياس أنه مائع تثيره الشهوة، فوجب أن يكون نجساً كالمذي
(1)
.
وأجيب:
بأن المني غير المذي، فالأول يتكون منه الولد الذي هو أصل الإنسان، والمذي بخلافه. وكون الجامع بين المني والمذي هو الشهوة قياس لا يصح؛ وذلك لأن الشهوة ليست هي مناط التنجيس حتى تكون علة في إلحاق الفرع بالأصل.
الدليل التاسع:
قال ابن تيمية: الاستنجاء من المني فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الدوام، ولا أعلم إخلالهم به بحال
(2)
. اهـ
(1)
المنتقى (1/ 103).
(2)
شرح العمدة (1/ 162)، وقال أيضاً في مجموع الفتاوى (21/ 595): الاستنجاء منه مستحب كما يستحب إماطته من الثوب والبدن، وقد قيل: هو واجب، كما قد قيل: =
(1553 - 81) والدليل على الاستنجاء من المني ما رواه البخاري، من طريق الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس، عن ميمونة،
أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الجنابة، فغسل فرجه بيده، ثم دلك بها الحائط، ثم غسلها، ثم توضأ وضوءه للصلاة، فلما فرغ من غسله غسل رجليه. رواه البخاري ومسلم واللفظ للأول
(1)
.
ويجاب عنه:
أن الاستنجاء من المني ليس كالاستنجاء من البول، وذلك أن المني يوجب غسل البشرة كلها، ومن ذلك رأس الذكر، فإن أخر غسل الذكر إلى آخر الغسل ربما أوجب هذا مس ذكره، فانتقض وضوءه، فكان غسله في بداية غسله للجنابة ليس غسلاً من نجاسة، وإنما هو رفع للحدث عن ذلك الموضع من البدن، والدليل أن الاستنجاء منه ليس كالاستنجاء من البول أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يتحرز منه، فربما تلوث ثوبه به، وربما صلى بذلك الثوب، ورأته عائشة ففركته، والرسول صلى الله عليه وسلم يصلي، وسوف نذكر ذلك إن شاء الله
= يجب غسل الأنثيين من المذي، وكما يجب غسل أعضاء الوضوء إذا خرج الخارج من الفرج، فهذا كله طهارة وجبت لخارج، وإن لم يكن المقصود بها إماطته وتنجيسه بل سبب آخر، كما يغسل منه سائر البدن، فالحاصل أن سبب الاستنجاء منه ليس هو النجاسة بل سبب آخر، فقولهم: يوجب طهارة الخبث وصف ممنوع في الفرع، فليس غسله من الفرج للخبث، وليست الطهارات منحصرة في ذلك كغسل اليد عن القيام من نوم الليل، وغسل الميت والأغسال المستحبة، وغسل الأنثيين، وغير ذلك فهذه الطهارة إن قيل بوجوبها، فهي من القسم الثالث، فيبطل قياسه على البول؛ لفساد الوصف الجامع. اهـ
(1)
صحيح البخاري (260)، ومسلم (317).