الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى ونخرجه في أدلة القول الثاني.
دليل من قال بطهارة المني
.
الدليل الأول:
الأصل في الأعيان الطهارة، ولا يقال بنجاسة شيء حتى يأتي دليل صحيح صريح سالم من المعارضة، ولا دليل على نجاسة المني.
الدليل الثاني:
قالوا: لو كان المني نجساً لجاء الأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم بغسله، خاصة أن البلوى فيه شديدة في الأبدان والثياب والفرش وغيرها، فلما لم يأمرهم صلى الله عليه وسلم بغسل ما أصابهم علم أن المني طاهر، إذ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الحائض أن تغسل ما أصاب ثوبها من دم الحيض، مع أن البلوى في المني أكثر وأشد، وأمر بغسل المذي أيضاً، ولم يأمر بغسل المني، فعلم أن غسله ليس واجباً، وأن عينه ليست نجسة.
الدليل الثالث:
(1554 - 82) ما رواه مسلم، قال: حدثنا أحمد بن جواس الحنفي أبو عاصم، حدثنا أبو الأحوص، عن شبيب بن غرقدة،
عن عبد الله بن شهاب الخولاني، قال: كنت نازلاً على عائشة، فاحتلمت في ثوبي، فغمستهما في الماء، فرأتني جارية لعائشة، فأخبرتها، فبعثت إلي عائشة، فقالت: ما حملك على ما صنعت بثوبيك؟ قال: قلت: رأيت ما يرى النائم في منامه. قالت: هل رأيت فيهما شيئاً؟ قلت: لا. قالت: فلو رأيت شيئاً غسلته، لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - يابساً بظفري.
وجه الاستدلال:
أن عائشة كانت تفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركاً، وهذا دليل على طهارته؛ إذ لو كان نجساً لوجب غسله كسائر النجاسات.
وأجيب عنه:
أولاً: ثبت في طهارة النعل الدلك بالتراب، وكان ذلك طهارة له
(1)
.
فإذا كان الدلك في النعل لم يدل على طهارة الأذى الذي في النعل، لم يكن دلك المني دليلاً على طهارة المني. نعم يصح الاستدلال على طهارة المني لو أن عائشة تركت المني على ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تغسله رطباً، ولم تفركه يابساً، أو اكتفت بفركه، وهو رطب، أما ما دامت تغسله رطباً،
(1)
فقد روى أحمد في مسنده (3/ 20، 92)، قال: يزيد، أنا حماد بن سلمة، عن أبي نعامة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى، فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف قال: لم خلعتم نعالكم؟ فقالوا: يا رسول الله رأيناك خلعت فخلعنا. قال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثاً فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعله فلينظر فيها فإن رأى بها خبثاً فليمسه بالأرض ثم ليصل فيهما.
والحديث إسناده صحيح، وسبق تخريجه في كتابي آداب الخلاء، وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أبي داود (385):" إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور " إلا أنه حديث ضعيف قد اضطرب إسناده على الأوزاعي، وكذلك حكم عليه ابن عبد البر بالاضطراب، وقد سبق تخريجه تبعاً للحديث السابق في نفس الكتاب المذكور. فيكفي الاحتجاج بحديث أبي سعيد.