الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الخامس:
قالو: إن المسلم قد يبتلى بشرب الخمر، والكافر يشربه ويأكل الخنزير، ولا يكون ظاهرهما نجساً؛ إذ لو تنجسا ما طهرهما الاغتسال، ويلزم من قولهم: إن الاستحالة مؤثرة أن تكون الحيوانات نجسة؛ لأنها متولدة من المني، والمني من الدم، والدم عندهم نجس.
دليل من قال: إن الاستحالة غير مطهرة:
الدليل الأول:
(1716 - 244) ما رواه أحمد، قال: حدثنا يحيى، عن هشام، حدثنا قتادة، عن عكرمة،
عن ابن عباس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبن شاة الجلالة، وعن المجثمة، وعن الشرب من في السقاء
(1)
.
[إسناده صحيح]
(2)
.
وأجيب بعدة أجوبة:
الأول: بأننا إذا عرفنا الجلالة على القول الصحيح بأنها: هي الدابة التي ظهر فيها أثر النجاسة من ريح ونتن، وهو قول في مذهب الحنفية
(3)
،
(1)
المسند (1/ 226).
(2)
سبق تخريجه في حكم الجلالة، وله شاهد من حديث جابر وابن عمر وعبد الله ابن عمرو بن العاص، وقد تم تخريجها، والحكم عليها في مسألة حكم الجلالة، فانظره هناك مشكوراً.
(3)
قال في بدائع الصنائع (5/ 40): ولا يكره أكل الدجاج المحلي، وإن كان يتناول النجاسة; لأنه لا يغلب عليه أكل النجاسة، بل يخلطها بغيرها، وهو الحب فيأكل ذا وذا. =
ومذهب الشافعية
(1)
.
ففي الحالة التي يظهر فيها أثر للنجاسة دليل على تغير الطاهر بالنجاسة، فإذا كان الماء الذي خلق طهوراً، ومنه تطهر الأعيان النجسة إذا تغير بالنجاسة حكمنا له بالنجاسة، فما بالك بغير الماء، فلا يكون في هذا دليل على أن الاستحالة غير مؤثرة، فإذا أكل الحيوان النجاسة ولم يظهر فيه نتنها نحكم لها بالطهارة؛ لأن النجاسة استحالت واستهلكت في العين الطاهرة، كما حكمنا للماء إذا وقعت فيه نجاسة ولم تغيره بأنه طهور.
(1717 - 245) ثانياً: روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عمرو بن ميمون، عن نافع،
عن ابن عمر أنه كان يحبس الدجاجة الجلالة ثلاثاً
(2)
.
[إسناده صحيح]
(3)
.
= وقيل: إنما لا يكره; لأنه لا ينتن كما ينتن الإبل، والحكم متعلق بالنتن; ولهذا قال أصحابنا: في جدي ارتضع بلبن خنزير حتى كبر: إنه لا يكره أكله; لأن لحمه لا يتغير ولا ينتن فهذا يدل على أن الكراهة في الجلالة لمكان التغير والنتن، لا لتناول النجاسة، ولهذا إذا خلطت لا يكره وإن وجد تناول النجاسة; لأنها لا تنتن فدل أن العبرة للنتن، لا لتناول النجاسة.
(1)
قال النووي في المجموع (9/ 30): الصحيح الذي عليه الجمهور أنه لا اعتبار بالكثرة، وإنما الاعتبار بالرائحة والنتن، فإن وجد في عرفها وغيره ريح النجاسة فجلالة، وإلا فلا. اهـ
وقال البيهقي في الشعب (5/ 19): وما روي عنه من النهي عن الجلالة وما قال فيها أهل العلم من أن المراد بها إذا ظهر ريح القذر في لحمها. اهـ
(2)
المصنف (5/ 148) رقم 24608.
(3)
سبق تخريجه في حكم الجلالة.