الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
في الجلالة
الفرع الأول:
في تعريف الجلالة
اختلف أهل العلم في تعريف الجلالة على أقوال:
فقيل: ما كان علفها النجاسة، ولم يخلط بغيره، وأنتن لحمها من ذلك.
قال السرخسي: تفسير الجلالة التي تعتاد أكل الجيف ولا تخلط، فيتغير لحمها، ويكون لحمها منتناً، فحرم الأكل; لأنه من الخبائث، والعمل عليها لتأذي الناس بنتنها، وأما ما يخلط فيتناول الجيف وغير الجيف على وجه لا يظهر أثر ذلك من لحمه، فلا بأس بأكله، والعمل عليه، حتى ذكر في النوادر: لو أن جدياً غذي بلبن خنزير فلا بأس بأكله; لأنه لم يتغير لحمه، وما غذي به صار مستهلكاً، ولم يبق له أثر، وعلى هذا نقول: لا بأس بأكل الدجاجة، وإن كانت تقع على الجيف; لأنها تخلط، ولا يتغير لحمها ولا ينتن
(1)
.
وقيل: الجلالة ما كان أغلب علفها النجاسة، وهو قول في مذهب الحنفية
(2)
، وقول في مذهب الشافعية
(3)
، وهو مذهب الحنابلة
(4)
.
(1)
المبسوط (11/ 255).
(2)
بدائع الصنائع (5/ 39).
(3)
المجموع (9/ 30).
(4)
قال ابن قدامة في المغني (9/ 329): قال أحمد: أكره لحوم الجلالة وألبانها. قال القاضي في " المجرد ": هي التي تأكل القذر، فإذا كان أكثر علفها النجاسة، حرم لحمها ولبنها. =
وقال الكاساني من الحنفية: يكره أكل لحوم الإبل الجلالة، وهي التي الأغلب من أكلها النجاسة
(1)
.
وقيل: الجلالة: ما ظهر فيها أثر النجاسة من ريح ونتن، وهو قول في مذهب الحنفية
(2)
، ومذهب الشافعية
(3)
.
وهذا القول هو أقرب الأقوال؛ لأن النجاسة إذا لم يظهر لها أثر، وقد استحالت إلى مادة أخرى، فإن الاستحالة مؤثرة، فتعطى حكم ما استحالت إليه، إلا أنه في الحالة التي يظهر فيها أثر للنجاسة فإن هذا دليل على التغير بالنجاسة، فإذا كان الماء الذي خلق طهوراً، ويدفع النجاسة عن غيره فإذا تغير بالنجاسة حكمنا له بالنجاسة، فما بالك بغير الماء، والله أعلم.
= وفي بيضها روايتان. وإن كان أكثر علفها الطاهر، لم يحرم أكلها ولا لبنها. وتحديد الجلالة بكون أكثر علفها النجاسة، لم نسمعه عن أحمد، ولا هو ظاهر كلامه، لكن يمكن تحديده بما يكون كثيراً في مأكولها، ويعفى عن اليسير. اهـ
(1)
بدائع الصنائع (5/ 39).
(2)
قال في بدائع الصنائع (5/ 40): ولا يكره أكل الدجاج المخلى، وإن كان يتناول النجاسة; لأنه لا يغلب عليه أكل النجاسة، بل يخلطها بغيرها وهو الحب فيأكل ذا وذا.
وقيل: إنما لا يكره; لأنه لا ينتن كما ينتن الإبل، والحكم متعلق بالنتن; ولهذا قال أصحابنا: في جدي ارتضع بلبن خنزير حتى كبر: إنه لا يكره أكله; لأن لحمه لا يتغير ولا ينتن فهذا يدل على أن الكراهة في الجلالة لمكان التغير والنتن، لا لتناول النجاسة، ولهذا إذا خلطت لا يكره وإن وجد تناول النجاسة; لأنها لا تنتن فدل أن العبرة للنتن، لا لتناول النجاسة.
(3)
قال النووي في المجموع (9/ 30): الصحيح الذي عليه الجمهور أنه لا اعتبار بالكثرة، وإنما الاعتبار بالرائحة والنتن، فإن وجد في عرفها وغيره ريح النجاسة فجلالة، وإلا فلا. اهـ
وقال البيهقي في الشعب (5/ 19): وما روي عنه من النهي عن الجلالة وما قال فيها أهل العلم من أن المراد بها إذا ظهر ريح القذر في لحمها. اهـ