الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الأول
أن يزول تغير الماء الكثير بنفسه
إذا زال تغير الماء بنفسه فإما أن يكون كثيراً وإما أن يكون قليلاً، على خلاف بين أهل العلم في حد القليل والكثير
(1)
.
(1)
اختلف الحنفية والشافعية في مقدار الماء القليل والماء الكثير، مع اتفاقهم أن الماء القليل ينجس ولو لم يتغير بخلاف الماء الكثير:
فمذهب الحنفية في حد الماء القليل هو أن ينظر، فإن كانت النجاسة تخلص إلى الطرف الآخر لم يتوضأ منه، وإن كانت لا تخلص إلى طرفه الآخر توضأ من الطرف الآخر، وكيف نعرف أن النجاسة تخلص إلى الجانب الآخر؟ على أقوال عندهم، أهمها ما يلي:
الأول: أن الرد إلى رأي المبتلى به، فإن غلب على ظنه وصول النجاسة إلى الجانب الآخر لم يتوضأ به، وإلا توضأ به، وهذا هو المشهور من مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وقد رجحه ابن نجيم في البحر الرائق (1/ 78، 79)، قال: وممن نص على أنه ظاهر المذهب شمس الأئمة السرخسي في المبسوط. وجاء في البناية في التحديد قال:" إن غلب على الظن وصول النجاسة إلى الجانب الآخر فهو نجس، وإن غلب عدم وصولها فهو طاهر "، وقال عنه:" هذا هو الأصح، وهو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة ".
القول الثاني: قالوا: يعتبر الخلوص بالحركة، فإن كان إذا حرك أحد طرفيه تحرك الطرف الآخر تنجس، ولو لم يتغير، وإن كان لا يتحرك الطرف الآخر فلا ينجس إلا بالتغير، واختلفوا في نوع الحركة:
فقيل: المعتبر حركة المغتسل، وهذا اختيار أبي يوسف، ومحمد في رواية؛ لأن الغالب في الحياض الاغتسال منها، وأما الوضوء فإنما يكون في البيوت.
وقيل: بحركة المتوضئ، وهو مروي عن أبي حنيفة.
وقيل: المعتبر حركة اليد من غير وضوء ولا اغتسال.
القول الثالث: قدره بالمساحة، على خلاف كثير بينهم، أشهرها عشرة أذرع في عشرة أذرع. =
فإن كان كثيراً وزال تغيره بنفسه،
فقيل: إن الماء يتحول إلى طهور، وهو مذهب المالكية
(1)
، والشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
.
وقيل: إنه نجس، وهو قول في مذهب المالكية
(4)
، وقول في مذهب
= القول الرابع: قالوا: يوضع في الماء صبغ، فحيثما وصل الصبغ اعتبر وصول النجاسة.
ومنهم من اعتبر التكدر.
وأما مذهب الشافعية في حد القليل من الكثير، فجعلوا التقدير بالقلتين، فإذا بلغ الماء قلتين فهو كثير، لا ينجس إلا بالتغير، وإن كان دون القلتين نجس ولو لم يتغير، وهو المشهور من مذهب الحنابلة.
وأما المالكية فيقدرون القليل بآنية الوضوء ونحوها.
انظر في مذهب الحنفية بدائع الصنائع (1/ 71)، شرح فتح القدير (1/ 79)، البناية (1/ 330 - 334)، المبسوط (1/ 87)، المبسوط للشيباني (1/ 50)، البحر الرائق (1/ 78).
وانظر في مذهب الشافعية الأم (1/ 18)، أسنى المطالب (1/ 14)، المهذب (1/ 6).
(1)
الخرشي (1/ 80، 81)، منح الجليل (1/ 42، 43)، حاشية الدسوقي (1/ 46، 47)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 41، 42).
(2)
مغني المحتاج (1/ 22، 23)، روضة الطالبين (1/ 20، 21)، شرح زبد ابن رسلان (ص: 28، 29)، المهذب (1/ 7).
(3)
الإنصاف (1/ 66)، الكافي (1/ 10)، كشاف القناع (1/ 38).
(4)
ومع أن هذا القول من المالكية يحكمون له بالنجاسة إلا أنهم قيدوا الحكم بالنجاسة مع وجود غيره، أما إذا لم يوجد إلا هو فيستعمله بلا كراهة مراعاة للخلاف.
وهذا يدل على ضعف القول بنجاسته عندهم؛ لأنهم لو جزموا بالنجاسة لما صح استعماله مطلقاً، سواء وجد غيره أم لم يوجد؛ لأنه إذا لم يوجد إلا ماء نجس صار إلى التيمم، كما هو الحال إذا وجد ماء متغيراً بالنجاسة، ثم إن استعماله وهو نجس عندهم لا يرفع الحدث من جهة، ويلوثهم بالنجاسة من جهة أخرى، ولكن لما كان هذا القول ليس محل الجزم عندهم =