الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحنابلة
(1)
.
وقيل: يمكن تطهير الزيت، ولا يمكن تطهير غيره من المائعات، وذلك لأن الماء لا يخالط الزيت، بخلاف غيره، وهو قول في مذهب المالكية
(2)
، والحنابلة
(3)
.
دليل من قال: إن المائع إذا وقعت فيه نجاسة لا يمكن تطهيره:
(1731 - 259) ما رواه أحمد، قال: ثنا محمد بن جعفر، ثنا معمر، أنا ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فأرة وقعت في سمن، فماتت قال: إن كان جامداً فخذوها وما حولها ثم كلوا ما بقي، وإن كان مائعاً فلا تأكلوه
(4)
.
وجه الاستدلال:
لو كان يمكن تطهيره لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، ولما أمر بإراقته، ولم يفرق الرسول صلى الله عليه وسلم في الحكم بين القليل والكثير، ولم يستفصل هل تغير أم لم يتغير، فدل على أنه لا فرق.
وأجيب:
أولاً: الحديث أخطأ فيه معمر سنداً ومتناً
(5)
.
(1)
المبدع (1/ 323 - 324)، الإنصاف (1/ 321).
(2)
مواهب الجليل (1/ 113،114).
(3)
الإنصاف (1/ 321)، المبدع (1/ 323).
(4)
المسند (2/ 232).
(5)
الحديث اختلف فيه على الزهري: =
ثانياً: أن ابن عباس لا يفرق بين السمن الجامد والمائع،
قال الحافظ ابن حجر: قد أخرج أحمد، عن إسماعيل بن علية، عن عمارة ابن أبي حفصة، عن عكرمة، عن ابن عباس، سئل عن فأرة ماتت في سمن؟ قال: تؤخذ الفأرة وما حولها، فقلت: إن أثرها كان في السمن كله، قال: إنما كانت وهي حية، وإنما ماتت حيث وجدت. ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه أحمد من وجه آخر، وقال فيه: عن جَرِّ فيه
= فرواه معمر بن راشد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فخالف في إسناده ومتنه، أما المتن فقد انفرد بقوله:" وإن كان مائعاً فلا تأكلوه "
وأما المخالفة في الإسناد فجعل الحديث من مسند أبي هريرة، وهو من مسند ميمونة، فقد رواه عن الزهري سفيان بن عيينة ومالك بن أنس، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن إسحاق، بل ومعمر بن راشد أيضاً رووه عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة مرفوعاً وقد خرجت كل هذه الطرق وغيرها في كتابي: أحكام الطهارة (المياه والآنية) رقم 96. فراجعها هنالك بارك الله فيك.
وقد قال الترمذي عن رواية معمر: هو حديث غير محفوظ. قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: هذا خطأ، أخطأ فيه معمر، قال: والصحيح حديث الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة. سنن الترمذي (1798).
وقال البخاري أيضاً: حديث معمر عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، وهم فيه معمر، ليس له أصل. ترتيب العلل الكبير للترمذي (2/ 758).
وقال أبو حاتم في العلل لابنه عن رواية معمر بأنها وهم. انظر العلل (2/ 12) رقم 1507.
كما ضعف رواية معمر ابن تيمية في مجموع الفتاوى في أكثر من موضع، انظر مجموع الفتاوى (21/ 490، 492، 497)
وأطال ابن القيم في تعليل رواية معمر في تهذيب السنن (5/ 336 - 337)، والله أعلم.
زيت، وقع فيه جرذ، وفيه: أليس جال في الجَرِّ كله؟ قال: وإنما جال وفيه الروح، ثم استقر حيث مات. اهـ
(1)
.
(1732 - 260) ثالثاً: أن البخاري قد روى في صحيحه، قال: حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله، عن يونس،
عن الزهري، عن الدابة تموت في الزيت والسمن، وهو جامد أو غير جامد، الفأرة أو غيرها، قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بفأرة ماتت في سمن، فأمر بما قرب منها فطرح، ثم أكل.
فهذا الزهري الذي مدار الحديث عليه، قد أفتى في المائع والجامد بأن تلقى الفأرة، وما قرب منها، ويؤكل، فلو كان عنده هذا التفصيل الذي رواه معمر لكان أفتى به. ولا يقال: ربما نسي ما روى؛ لأن الزهري كان من أحفظ الناس في عصره، فاحتمال نسيانه بعيد
(2)
.
الدليل الثاني:
من النظر، قالوا: إن المائعات سوى الماء لا تدفع النجاسة عن غيرها، فلا تدفعها عن نفسها، بخلاف الماء الذي يدفع النجاسة عن غيره، فيدفعها أيضاً عن نفسه.
وقد سبق لنا في النجاسة أنها تزال بأي مزيل قالع للنجاسة، فلا مانع أن
(1)
فتح الباري (9/ 669)، وهذا الذي عزاه الحافظ لأحمد لم أقف عليه في مسند أحمد، لكن عزاهما ابن تيمية إلى مسائل أحمد رواية ابنه صالح، كما في مجموع الفتاوى (21/ 497)، ولم أقف عليه في مسائل صالح المطبوع، والله أعلم، فلعله اختلاف نسخ.
(2)
صحيح البخاري (5539).