الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثالث:
القول بنجاسة رطوبة فرج المرأة فيه حرج شديد، لأن في التحرز منه مشقة كبيرة، أكثر من المشقة في التحرز من ولوغ الهرة ونحوها، فلو كانت الرطوبة نجسة العين لخفف ذلك من أجل المشقة، فكيف والأدلة على نجاستها ليست صريحة في الباب.
دليل من قال: رطوبة الفرج نجسة:
الدليل الأول:
(1591 - 119) مارواه البخاري من طريق هشام بن عروة، قال: أخبرني أبي، قال: أخبرني أبو أيوب،
قال أخبرني: أبي بن كعب، أنه قال: يا رسول الله إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزل. قال: يغسل ما مس المرأة منه ثم يتوضأ ويصلي.
قال ابن حجر:
قوله: " يغسل ما مس المرأة منه " أي يغسل الرجل العضو الذي مس فرج المرأة من أعضائه، وهو من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم؛ لأن المراد رطوبة فرجها. ورواه مسلم بنحوه
(1)
.
الدليل الثاني:
(1592 - 120) ما رواه البخاري من طريق يحيى، عن أبي سلمة، أن عطاء بن يسار أخبره، أن زيد بن خالد أخبره،
(1)
البخاري (284)، ومسلم (522).
أنه سأل عثمان بن عفان رضي الله عنه قلت: أرأيت إذا جامع فلم يمن؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذكره.
قال عثمان: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت عن ذلك علياً والزبير وطلحة وأبي بن كعب رضي الله عنهم فأمروه بذلك
(1)
.
وجه الاستدلال:
قال النووي: هذان الحديثان (يعني: حديث أبي بن كعب وعثمان) في جواز الصلاة بالوضوء بلا غسل منسوخان كما سبق في باب ما يوجب الغسل. وأما الأمر بغسل الذكر وما أصابه منها فثابت غير منسوخ، وهو ظاهر في الحكم بنجاسة رطوبة الفرج.
واعترض على هذا التوجيه بجوابين:
الأول: قالوا: إن غسل الذكر من الجماع مستحب، وليس بواجب.
الثاني: قالوا: إن الوضوء وغسل الذكر عند الإكسال منسوخان بأحاديث إيجاب الغسل
(2)
، فالحكم الشرعي الأول في أول الإسلام كان في الإيلاج واجبان: الوضوء، وغسل الذكر.
والحكم المتأخر: هو إيحاب غسل البدن، فنسخ الحكم الأول برمته، واستقر الحكم الثاني.
والحقيقة أن كلام النووي عندي أقوى، وعند التأمل ليس فيه نسخ للحكم الأول، بل زيادة عليه.
(1)
صحيح البخاري (173)، ومسلم (524).
(2)
الاعتبار في الناسخ والمنسوخ (ص: 30 - 36).