الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
في التطهير بالدلك
اختلف العلماء في التطهير بالدلك إلى أقوال:
الأول: مذهب الحنفية:
ذهب الحنفية إلى أن الدلك مطهر للنعل والخفاف خاصة، فلا يطهر بالدلك البدن مطلقاً، ولا يطهر الثوب بالدلك إلا في المني خاصة، ويشترطون أن تكون النجاسة لها جرم، فإن كانت بولاً لم يطهرها الدلك، ولا بد من الغسل، وهل يشترط في الجرم أن يكون جافاً؟.
فيه قولان: أحدهما قول أبي حنيفة حيث ذهب إلى اشتراط أن يكون جرم النجاسة جافاً، فإن كان رطباً تعين الغسل.
وذهب أبو يوسف إلى عدم اشتراط الجفاف
(1)
.
القول
الثاني: مذهب المالكية:
التفريق بين ذيل المرأة والنعل.
فإذا أصاب الذيل نجاسة فإنه لا يطهرها إلا الماء، وحمل حديث أم سلمة على القشب اليابس يعلق بالثوب ثم ينظفه ما بعده، وليس هذا من باب تطهير النجاسة، وإنما هو من باب التنظيف
(2)
.
(1)
البحر الرائق (1/ 234)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 108)، شرح فتح القدير (1/ 195).
(2)
قال ابن عبد البر في التمهيد، قال:(13/ 105) اختلف الفقهاء في طهارة الذيل على المعنى المذكور في هذا الحديث: فقال مالك: معناه في القشب اليابس والقذر الجاف الذي لا يتعلق منه بالثوب شيء، فإذا كان هكذا كان ما بعده من المواضع الطاهرة حينئذ تطهيراً له، وهذا عنده ليس تطهيراً من نجاسة؛ لأن النجاسة عنده لا يطهرها إلا الماء، وإنما هو تنظيف؛ لأن القشب اليابس ليس بنجس ما مسه، ألا ترى أن المسلمين مجمعون على أن ما سفت الريح من =
وأما في النعل والخفاف فإن الدلك يطهر النعل من أرواث الدواب وأبوالها فقط يابسة كانت أو رطبة، فإن كانت النجاسة من غير أرواث الدواب وأبوالها، فإنه لا يعفى عنه، ولا بد من غسله
(1)
.
وهل الدلك في هذه الحالة مطهر أو يقال: إنه معفو عنه للمشقة، رجح ابن جزي الأول، ورجح خليل في مختصره وشراحه الثاني
(2)
.
= يابس القشب والعذرات التي قد صارت غباراً على ثياب الناس ووجوههم لا يراعون ذلك، ولا يأمرون بغسله ولا يغسلونه، لأنه يابس، وإنما النجاسة الواجب غسلها ما لصق منها، وتعلق بالثوب وبالبدن. فعلى هذا المحمل حمل مالك وأصحابه حديث طهارة ذيل المرأة، وأصلهم: أن النجاسة لا يزيلها إلا الماء، وهو قول زفر بن الهذيل والشافعي وأصحابه وأحمد وغيره.
(1)
قال في مواهب الجليل (1/ 152): إذا كانت النجاسة يابسة فمعفو عن الذيل الواصل إليها، وفي الرطبة قولان: المشهور لا يعفى، والثاني: أنه يعفى.
وقال في (1/ 153): ويعفى عن أثر ما يصيب الخف، وعما يصيب النعل من أرواث الدواب وأبوالها، ولو كانت رطبة، كما قاله في المدونة، بشرط أن يدلك ذلك، فإذا دلكه جاز جاز له أن يصلي بذلك الخف والنعل، والعلة في ذلك المشقة، وهو الذي ارتضاه ابن الحاجب.
وبعضهم ساوى بين الذيل والخف، فقال يعفى عنهما ولو كانت النجاسة رطبة، وخرج حكم ذيل المرأة على كلام مالك في الخف.
قال في مواهب الجليل (1/ 152): الأشبه أن ذلك فيما لا تنفك منه الطرقات من أرواث الدواب وأبوالها، وإن كانت رطبة، فإن ذلك لا ينجس ذيلها للضرورة، كما قال مالك في الخف. قال سند: ولعمري إن تخريج ذلك على الخف حسن؛ لأن غسل الثوب كل وقت فيه حرج ومشقة، ربما كانت فوق مشقة غسل الخف، فإن الخف يغسله وينزعه وينشف، والثوب إن تركه عليه مبلولاً فمشقة إلى مشقة، وإن نزعه فليس كل أحد يجد ثوباً آخر يلبسه. قال الحطاب تعليقاً: وما قالاه ظاهر، لكنه خلاف مذهب المدونة.
وقال في حاشية الدسوقي (1/ 75): وحاصله أن الخف إذا أصابه شيء من النجاسات غير أورواث الدواب وأبوالها كخرء الكلاب أو فضلة الآدمي أو أصابه دم فإنه لا يعفى عنه كما مر، ولا بد من غسله. اهـ
(2)
القوانين الفقهية (ص: 28)، وانظر حاشية الدسوقي (1/ 74)، مواهب الجليل =