الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
في جلد الميتة
اختلف العلماء في جلد الميتة، هل هو نجس أو متنجس يمكن أن يطهر بالدباغ ونحوه، وهل يباح الانتفاع به قبل الدبغ أو بعده؟ فأقول:
اختلف العلماء على قولين:
فقيل: إن جلد الميتة نجس، وليس متنجساً، وعلى هذا لا يمكن أن يطهره الدباغ، وقبل الدبغ لا ينتفع بالجلد مطلقاً، وهو مذهب مالك
(1)
، والمشهور من مذهب الحنابلة
(2)
.
وأما بعد الدبغ فيباح استعماله في يابس عندهما، وفي الماء عند المالكية
(3)
.
وقيل: إن جلد الميتة متنجس، وليس بنجس، وعلى هذا يمكن أن يطهره الدباغ على خلاف بينهم في عين الجلود التي يطهرها الدباغ.
فقيل: الدباغ يطهر جميع الجلود، إلا جلد الإنسان والخنزير، وهو مذهب الحنفية
(4)
.
(1)
حاشية الدسوقي (1/ 54،55)، التاج والإكليل (1/ 101)، مواهب الجيل (1/ 101)، البيان والتحصيل (1/ 100)، التمهيد (4/ 156،157) و (1/ 162)، الكافي (ص: 189).
(2)
المبدع (1/ 70)، شرح العمدة (1/ 122)، كشاف القناع (1/ 54)، الإنصاف (1/ 86)، الإقناع (1/ 13)، الفروع (1/ 72)، الكافي (1/ 19)، المغني (1/ 53).
(3)
والفرق بين الماء وبين غيره من السوائل كالعسل واللبن والسمن، قالوا: إن الماء له قوة الدفع عن نفسه لطهوريته، فلا يضره إلا ما غير أحد أوصافه الثلاثة، بخلاف غيره.
(4)
الهداية شرح البداية (1/ 21)، البحر الرائق (1/ 105)، بدائع الصنائع (1/ 85)، =
وقيل: الدباغ يطهر جميع جلود الميتة بما في ذلك جلود ما لا يؤكل لحمه، إلا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما، وهو مذهب الشافعية
(1)
.
وقيل: الدباغ لا يطهر إلا ما تحله الذكاة، وهو رواية عن مالك
(2)
، واختاره أبو ثور
(3)
، ورجحه بعض الحنابلة كالمجد وابن رزين وابن
عبد القوي
(4)
، وابن تيمية
(5)
.
وقيل: الدباغ يطهر كل حيوان طاهر في الحياة، وهو رواية عن أحمد، واختارها بعض أصحابه، وهو رواية ثانية عن ابن تيمية
(6)
.
وقيل: الدباغ يطهر جميع الجلود حتى جلد الكلب والخنزير، وهو
= تبيين الحقائق (1/ 24)، حاشية ابن عابدين (1/ 203)، المبسوط (1/ 202)، حاشية الطحطاوي (1/ 111)، بد.
(1)
الأم (1/ 9) حلية العلماء (1/ 93)، الإقناع للشربيني (1/ 28)، الوسيط (1/ 129)، روضة الطالبين (1/ 41)، المجموع (1/ 275).
(2)
جاء في البيان والتحصيل (1/ 101): وسئل مالك: أترى ما دبغ من جلود الدواب طاهراً؟ فقال: ألا يقال هذا في جلود الأنعام، فأما جلود ما لا يؤكل لحمه فكيف يكون طاهراً إذا دبغ، وهو مما لا ذكاة فيه، ولا يؤكل لحمه. اهـ ونقل ابن عبد البر هذا الكلام في الاستذكار (15/ 326). وقال في التمهيد (4/ 182): وقالت طائفة من أهل العلم لا يجوز الانتفاع بجلود السباع لا قبل الدباغ ولا بعده، مذبوحة كانت أو ميتة، وممن قال هذا القول: الأوزاعي وابن المبارك وإسحاق، وأبو ثور، ويزيد بن هارون. اهـ
(3)
الاستذكار (15/ 326).
(4)
الإنصاف (1/ 87).
(5)
مجموع الفتاوى (21/ 95).
(6)
الإنصاف (1/ 86).
مذهب الظاهرية
(1)
.
فتلخص لنا من هذا الخلاف ما يلي:
قيل: الدباغ لا يطهر مطلقاً.
وقيل: يطهر مطلقاً.
وقيل: يطهر جميع الجلود إلا الكلب والخنزير والإنسان.
وقيل: يطهر ما تحله الذكاة.
وقيل: يطهر ما كان طاهراً في الحياة، وإن كان محرماً أكله كالهرة ونحوها.
وأما الانتفاع بالجلود، فقيل:
يباح الانتفاع بالجلود مطلقا، سواء دبغت أم لا
(2)
.
وقيل: يباح الانتفاع بها بشرط الدبغ.
وقيل: يباح الانتفاع بها في يابس، وقيل: في يابس وماء.
وقد ذكرت أدلة كل قول في بحث مطول في أكثر من أربعين صفحة تقريباً، يرجع إليها في كتابنا أحكام الطهارة، في باب الآنية.
(1)
المحلى (1/ 118)، وذكره مذهباً لداود الظاهري ابن رشد في البيان والتحصيل (3/ 357)، وعون المعبود (11/ 179).
(2)
هذا القول يراه الإمام الزهري رحمه الله، كما في مصنف عبد الرزاق (1/ 62)، ومسند أحمد (1/ 365)، وأبو داود (4122)، مجموع الفتاوى (21/ 101)، وحكاه ابن تيمية عن بعض السلف.