الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُدفن شهداء المعركة في مواطن استشهادهم:
ويستثنى ممّا سبق الشهداء في المعركة؛ فإِنهم يُدفنون في مواطن استشهادهم، ولا يُنقلون إِلى المقابر.
فعن جابر رضي الله عنه قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إِلى المشركين ليُقاتلهم، وقال أبي -عبد الله-: يا جابر بن عبد الله! لا عليك أن تكون في نَِظاري أهل المدينة حتى تعْلَم إِلى ما يصير أمرنا؛ فإِنّي والله -لولا أنّي أترك بناتٍ لي بعدي؛ لأحببتُ أن تُقتل بين يديّ، قال: فبينما أنا في النِّظارين إِذ جاءت عمتي بأبي وخالي عَادِلَتَهُما (1) على ناضح، فدخلتْ بهما المدينة لتدفنهما في مقابرنا؛ إِذ لحِقَ رجل ينادي: ألا إِنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أنْ تَرْجِعُوا بالقتلى فتدفنوها في مصارعها حيث قُتلت، فرجعنا بهما، فدفنّاهما حيث قُتلا"(2).
الأوقات التي لا يجوز فيها الدفن:
ولا يجوز الدفن في الأوقات الثلاثة الآتية أو الليل؛ إِلا لضرورة:
أ- أمّا الدفن في الأوقات الثلاثة المشار إِليها؛ فلحديث عقبة بن عامر بلفظ: "ثلاثُ ساعاتٍ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلّي فيهن، أو أن نقبر فيهنّ موتانا: حين تطلع الشمس بازغةً حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى
(1)"أي: شادَّتهما على جنْبَي البعير كالعِدْلين". "النهاية".
(2)
أخرجه أحمد بسند صحيح، وبعضه عند أبي داود وغيره مختصراً، وتقدّم.
تميل الشمس، وحين تَضَّيَّفُ الشمس للغروب حتى تغرب" (1).
قال شيخنا رحمه الله: "والحديث ظاهر الدلالة على ما ذكرنا، وقد ذهب إِلى ذلك ابن حزم في "المحلّى" (5/ 114 - 115) وغيره من العلماء".
ب- وأمّا النهي عن الدفن في الليل؛ فلحديث جابر بن عبد الله: "أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خطب يوماً، فذكر رجلاً من أصحابه قبض، فكُفّنَ في كفنٍ غير طائل (2) وقُبر ليلاً، فزجر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُقبر الرّجل بالليل حتى يُصَلِّى عليه (3)؛، إِلا أن يُضطرّ إِنسان إِلى ذلك، وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: إِذا كفّن أحدكم أخاه؛ فليُحسّن كفَنُه"(4).
قال شيخنا رحمه الله (ص 177): "والحديث ظاهر الدلالة على ما ذكرنا، وهو مذهب أحمد رحمه الله في رواية عنه، ذَكَرها في "الإِنصاف" (2/ 547)، قال: "لا يفعله إِلا لضرورة، وفي أخرى عنه: يُكْرَه".
قلت [أي: شيخنا رحمه الله]: والأوّل أقرب؛ لظاهر قوله: (زجر)؛ فإِنّه أبلغ في النهي من لفظ: (نهى) الذي يمكن حمْله على الكراهة، على أنّ الأصل فيه التحريم، ولا صارف له إِلى الكراهة.
وقال رحمه الله في الصفحة نفسها: .. فإِنْ جاز ليلاً لضرورةٍ جاز نهاراً
(1) تقدّم تخريجه.
(2)
غير طائل؛ أي: حقير غير كامل الستر. "شرح النووي".
(3)
أي: يصلّى عليه نهاراً؛ لكثرة الجماعة، كما قال شيخنا رحمه الله في "أحكام الجنائز"(ص 178).
(4)
أخرجه مسلم: 943، وتقدّم.