الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكمة الرَّمَلِ:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة، وقد وهنتهم حُمَّى يثرب، قال المشركون: إِنّه يَقْدَمُ عليكم غداً قوم وهنتهم الحمّى، ولقوا منها شدّة، فجلسوا ممّا يلي الحِجْرَ، وأمرهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الرّكنين، ليرى المشركون جَلَدَهُمْ، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أنّ الحمى قد وهنتهم؟! هؤلاء أجلد من كذا وكذا! قال ابن عباس: ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها؛ إِلا الإِبقاء عليهم"(1).
ومع حدوث هذا الأمر لسبب؛ إِلا أنّ العلماء قالوا بعدم زوال حُكمه، وإن كان قد زال سببه.
عن أسلم أنّ عمر بن الخطاب قال: "ما لنا وللرَّمَل؟! إِنما كنّا راءينا به المشركين، وقد أهلكَهم الله! ثمّ قال: شيء صنَعه النّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ فلا نحبّ أن نتركه"(2).
وفي رواية: "يقول [أي: عمر]: فِيمَ الرَّمَلان -اليوم- والكشف عن المناكب؟! وقد أطّأ (3) الله الإِسلام، ونفى الكفر وأهله! مع ذلك لا ندع شيئاً كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم"(4).
(1) أخرجه البخاري: 1602، ومسلم: 1266 - واللفظ له-.
(2)
أخرجه البخاري: 1605.
(3)
أطّأ الله الإِسلام: أي: ثبتّه وأرساه. والهمزة فيه بدل من واو وطّأ. "النهاية".
(4)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1662)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(2389).
ويستلم الركن اليماني بيده في كل طوفة، ولا يقبّله، فإِن لم يتمكنّ من استلامه؛ لم تشرع الإِشارة إِليه.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لم أرَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يستلم من البيت إِلا الركنين (1) اليمانيين"(2).
وعن ابن عمر قال: "ما تركت استلام هذين الركنين اليماني والحَجَرَ -مُذْ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما- في شدّة ولا رخاء"(3).
ويقول بينهما: " {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وَقِنَا عذاب النّار} "(4).
ولا يستلم الركنين الشاميين؛ اتباعاً للنّبيّ صلى الله عليه وسلم (5).
(1) قال النووي رحمه الله: " .. فالركنان اليمانيان: هما الركن الأسود والركن اليماني؛ وإنما قيل لهما: اليمانيان للتغليب، كما قيل في الأب والأم: الأبوان، وفي الشمس والقمر: قمران، وفي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: العمران، وفي الماء والتمر: الأسودان، ونظائره مشهورة. واليمانيان بتخفيف الياء؛ هذه اللغة الفصيحة المشهورة. وحكى سيبويه والجوهري وغيرهما فيها لغة أخرى؛ بالتشديد".
(2)
أخرجه البخاري: 1609، ومسلم:1267.
(3)
أخرجه مسلم: 1267.
(4)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1666) وغيره.
(5)
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: "والاستلام هو مسْحه باليد، وأمّا سائر جوانب البيت ومقام إِبراهيم، وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها، ومقابر الأنبياء والصالحين -كحجرة نبينا صلى الله عليه وسلم، ومغارة إِبراهيم، ومقام نبينا صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلّي فيه- وغير =